أخبار وتقارير

الخوف يخيم على الطلاب المسلمين في أمريكا بعد فوز ترامب

في اليوم التالي لانتخاب دونالد ترامب رئيساً جديداً للولايات المتحدة الأمريكية، تم الاعتداء على طالبة مسلمة ترتدي الحجاب في مرآب للسيارات فوق سطح الأرض في حرم جامعة ولاية سان دييغو في ولاية كاليفورنيا. إذ قام رجلان أدليا بتصريحات حول “الرئيس المنتخب ترامب والمجتمع الإسلامي” بالإمساك بحقيبة اليد الخاصة بالمرأة فضلاً عن حقيبة ظهرها، ثم قاما بسرقة سيارتها، بحسب البيان الصادر عن شرطة الحرم الجامعي.

بعد ذلك بيومين وعلى بعد 3,700 كيلومتر، وخارج حرم جامعة ميشيغان، اضطرت امرأة لأن تخلع حجابها بعد أن هددها أحد الرجال بإشعال النار في جسدها باستخدام ولاعة سجائر، بحسب التقرير الجنائي في الجامعة. وفي ذات اليوم، وعلى بعد 1,200 كيلومتر، في ولاية جورجيا بالتحديد، وجدت معلمة في إحدى المدارس الثانوية مذكرة مكتوبة بخط اليد على طاولتها. تقول المذكرة “غير مسموح لك بارتداء حجابك بعد الآن. لماذا لا تقومين بربطه حول عنقك وتشنقي نفسك.”

منذ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، كانت هناك موجة من المضايقات تعاملت السلطات معها بوصفها جرائم كراهية. قام مركز قانون الفقر الجنوبي، وهي منظمة حقوق مدنية غير ربحية تتعقب المتطرفين، بجمع قائمة تضم 315 من مثل هذه الحوادث وقعت في الأسبوع الأول منذ التصويت، موجهة في الغالب ضد المسلمين. ومؤخراً، أفاد مكتب التحقيقات الفيدرالي بوقوع 257 حادث ضد المسلمين تندرج ضمن جرائم الكراهية في عام 2015  مقارنة مع 154 حادثة في عام 2014، أي بزيادة قدرها 67 في المئة.

داخل وخارج الحرم الجامعي على حد سواء، يقول الطلاب من الدول العربية، والمسلمين بشكل عام، إنهم يشعرون بالقلق على نحوٍ متزايد. قالت زوها أحمد، الطالبة في قسم علم الأحياء في جامعة العلوم في فيلادلفيا، “هناك بالتأكيد شعور قوي حول إمكانية التعرض للخطر.” ولدت زوها أحمد في الولايات المتحدة لأبوين مهاجرين من الهند.

خلال الحملة الانتخابية الطويلة في أمريكا، دعا السيد ترامب مراراً إلى إجراء تدقيق متزايد على المسلمين، بما في ذلك تكثيف مراقبة أولئك الذين يعيشون في أمريكا، إلى جانب فرض حظر على دخول المسلمين إلى البلاد.

قالت أحمد “أنا منخرطة في الكثير من العمل والحوار بين الأديان، مع المسيحيين واليهود. وشعرت وكأننا قد حققنا الكثير من التقدم منذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر. لكن اتضح بأن العديد من الأمريكيين منفتحون على مواقف السيد ترامب السلبية تجاه المسلمين.” مضيفة أن انتخابه يعتبر بمثابة “تطبيع لمناخ الكراهية والتعصب.”

لكن العديد من المدارس ومؤسسات التعليم العالي أدانت تلك الحوادث وعملت على جعل الحرم الجامعي لمؤسساتها آمناً بالنسبة للمسلمين، والأقليات، والمهاجرين وغيرهم من الأهداف المحتملة لتلك الهجمات.

كان ذلك تماماً ما هو عليه الحال في جامعة سان خوسيه في كاليفورنيا، والتي كانت مسرحاً لحادثين من هذا النوع. ففي الحدث الأول، تم الإمساك بحجاب طالبة أمريكية مسلمة من الخلف وسحبها مما تسبب في سقوطها أرضاً. وفي وقت لاحق، اعترض أحد الرجال طالباً من جنوب آسيا عند وصوله إلى إحدى مباني الهندسة بهدف الدراسة صارخاً في وجهه مطالباً إياه بـ “العودة إلى بلده”، بحسب مسؤولين في الجامعة.

قامت ماري بابازيان، رئيسة جامعة سان خوسيه، بدعوة المرأة الضحية شخصياً لتقديم الدعم لها. كما دعا نائب رئيس الجامعة الطالب الآخر. وفي بيان لها، أدانت بابازيان الهجمات قائلة “إن الاعتداء على أيّ فرد من أفراد أسرتنا اعتداء علينا جميعاً.”

وفي عدد من الجامعات، بما في ذلك جامعة سان دييغو، نظمت إدارة الجامعة اجتماعات ومناقشات لتهدئة الطلاب والتأكيد على أن التعبير عن العداء تجاه المسلمين أو أي جماعة أخرى لن يتم التسامح معه.

لم يتراجع السيد ترامب عن أي من تصريحاته القاسية التي أدلى بها خلال الحملة الانتخابية. لكن، وفي مقابلة أجريت معه وتم بثها على الهواء ضمن المجلة الإخبارية التلفازية الرائدة “60 دقيقة”، بعد خمسة أيام من الانتخابات، قال ترامب إنه “حزين” لسماعه عن الهجمات التي شنها بعض من أنصاره ضد الأقليات وطالب “بإيقاف ذلك”.

لكن منتقدي ترامب يطالبون بإدانة أكبر لأعمال الترهيب.

كما تم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإرسال الرسائل العنصرية وتلك التي تحض على كراهية الأجانب. ففي جامعة ولاية بنسلفانيا، تلقت مجموعة من الطلاب الجدد من السود صوراً عنيفة وعنصرية عبر حساب على برنامج غروب مي GroupMe، بحسب مسؤولين في الجامعة. وتضمنت الصور تقويم “إعدام يومي”.

وبعد أن قامت السلطات بتحديد مسؤولية أحد الطلاب من ولاية أوكلاهوما عن ذلك، تم توقيفه.

في معظم تلك الحوادث، أعلنت السلطات الجامعية بأنها تحقق رسمياً في الأمر، وفي بعض الأحيان قاموا بطلب تدخل الشرطة من المجتمعات المجاورة. فبالإضافة للإضرار بجو الأمان والتسامح الذي يقول معظم مديري الجامعات بأنهم يسعون للحفاظ عليه، قد تقوض هذه الحوادث من التدفق المربح للطلاب الأجانب على مؤسسات التعليم العالي في الولايات المتحدة. إذ أظهر التقرير السنوي الذي صدر للتو بعنوان “الأبواب المفتوحة”، والذي يرصد تدفق حركة الطلاب، بأن أكثر من مليون طالب أجنبي، وللمرة الأولى، قد التحقوا بالكليات والجامعات الأمريكية خلال العام الدراسي 2015-2016، بزيادة قدرها 7 في المئة عن العام السابق. وجاء 10 في المئة من الطلاب من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكانت المملكة العربية السعودية ثالث أكبر مصدر للطلاب، بعد الصين والهند.

في وقت سابق من هذا العام، وجد استطلاع للطلاب الدوليين بأن للعديد منهم مخاوف جدية حول الفوز المحتمل لترامب بالرئاسة. حيث وجد استطلاع للرأي شارك فيه 40,000 طالب في 118 دولة، تم إجراؤه في آذار/ مارس من قبل شركتين لاستقطاب الطلاب الدوليين، أن 60 في المئة ممن شملهم الاستطلاع سوف يكونون أقل رغبة في الدراسة في جامعات الولايات المتحدة إذا ما تم انتخاب السيد ترامب (مقارنة ب 3.8 في المئة ممن أجابوا بذات الإجابة في حال فوز هيلاري كلنتون).

في الوقت ذاته، يستجيب العديد من الطلاب المسلمين الناشطين لارتفاع وتيرة المضايقات في أعقاب الانتخابات من خلال زيادة ظهورهم، عوضاً عن الاختباء.

استجابت الجماعات الجامعية الإسلامية والمسيحية واليهودية لنتائج الانتخابات بعقد اجتماعات للحوار بين الأديان، وحلقات نقاشية، وحفلات عشاء يحضر فيها كل شخص طبقاً من إعداده بهدف تعزيز التسامح. كما نظمت العديد فروع رابطة الطلاب المسلمين على عجل أحداثاً في حرم الجامعات التي يرتادونها بهدف تعريف زملائهم من الطلاب عن دينهم. وقد شمل ذلك وضع طاولات لتوزيع الورود مع اقتباسات من القرآن.

كما قامت بعض فروع رابطة الطلاب المسلمين بتنظيم المزيد من أحداث الخدمة العامة، حيث يساعد أعضاؤها في أنشطة مثل توزيع الطعام على المشردين، ورعاية المسنين، أو تنظيف أحد الحدائق العامة.

تمنح مثل هذه الأحداث الطلاب المسلمين فرصة لإظهار “أن حقيقة كوننا نصلي خمس مرات في اليوم لا يغير من حقيقة كوننا أناس عاديين”، بحسب نور جيمي، الطالبة المتخرجة حديثاً ورئيسة مجلس رابطة الطلاب المسلمين في فيلادلفيا.

تشجعت جيمي، التي انتقلت إلى الولايات المتحدة من بنغلاديش عندما كانت لا تزال طفلة صغيرة، بفضل ردود الأفعال التي تلقتها في حيها السكني في فيلادلفيا. ترتدي جيمي فساتين طويلة وأغطية رأس ملونة. لكنها تقول إنها قد أوقفت سبع أو ثمان مرات منذ الانتخابات من قبل غرباء تقاسموا معها كلمات التشجيع، أو اعتذروا لها عن نتائج الانتخابات، أو حتى القيام بمعانقتها.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى