أخبار وتقارير

تقرير دولي جديد يرصد انتهاكات الحرية الأكاديمية في مصر

يُظهر تقرير جديد حول الحرية الأكاديمية كيف يتم منع سفر الأكاديميين المصريين كنوع من العقاب على مشاركتهم في أي نشاط سياسي أو ذو صلة بحقوق الإنسان، إضافة إلى استخدام قيود أخرى لإعادة الأكاديميين في الخارج.

يرصد تقرير حرية التفكير 2016، الصادر باللغة الإنجليزية والذي نشره برنامج مراقبة الحرية الأكاديمية التابع لشبكة علماء في خطر ومقرها في جامعة نيويورك، 158 حالة من الإجراءات التعسفية ضد الأكاديميين في 35 بلداً على مدى 16 شهراً.

في المنطقة العربية، تم رصد العديد من الهجمات على الأكاديميين (التي تشمل فقدان الوظائف، وحظر السفر، والسجن، وحالة قتل واحدة) في مصر. وفي منطقة الشرق الأوسط ككل، برزت تركيا مع 20 حادثة موثقة معظمها مرتبط بمحاولة الانقلاب ضد الرئيس طيب رجب أردوغان في 15 تموز/ يوليو وما نتج عن ذلك من إجراءات تعسفية ضد موظفي الخدمة المدنية والجنود والأكاديميين الذين اعتبرتهم الحكومة يشكلون تهديداً لها. في اليمن وسوريا،  قُتل أكاديميون من قبل متطرفين في الحروب الدائرة في كلا البلدين.

إلا أن حظر السفر في مصر يأتي في سياق حملة سياسية أوسع. إذ قدرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن هناك ما لا يقل عن 40000 سجين سياسي في مصر في عام 2015. كما أن القيود المفروضة على السفر يتم فرضها على فئات أخرى من المواطنين، بما في ذلك الطلاب الذكور. مؤخراً، أصبح المصريون، الذين يسعون للسفر إلى تركيا، أو قطر، أو ليبيا، أوسوريا بحاجة إلى الحصول على موافقة مسبقة، حيث تعتبر تركيا وقطر من الدول المضيفة لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر اليوم كما تعتبر ليبيا وسوريا مرتعاً للإرهابين.

وعلى الرغم من أن الوجود الأمني في الجامعات الحكومية المصرية يعود لما قبل ثورة 2011، إلا أن التدابير العقابية من قبل الأجهزة الأمنية ضد الأكاديميين ازدادات منذ صدور الطبعة الأولى من هذا التقرير في عام 2015، وفقاً لحسين مجدي، أحد المساهمين في إعداد التقرير.

ففي أيار/ مايو 2015، بدأت وزارة التعليم العالي بطلب باشتراط الحصول على موافقة أمنية للأساتذة الراغبين بالسفر. وتم رصد شكاوى من جامعة القاهرة، التي استخدمت موضوع الموافقات لدفع الأساتذة لتسديد تبرعات لصالح الجامعة مقابل الموافقة على سفرهم. مع ذلك، يمكن للأجهزة الأمنية منع أي شخص من السفر بشكل منفصل.

بدورها، تدافع الحكومة المصرية عن هذه الإجراءات بوصفها وسيلة لحماية البلاد من الوقوع في فوضى كالتي تشهدها سوريا وليبيا.

من الحالات التي يرصدها التقرير، قضية خلود صابر، الأستاذة المساعدة في كلية علم النفس في جامعة القاهرة والتي أوفدتها الجامعة لنيل شهادة الدكتوارة عام 2015 إلى بلجيكا. لاحقاً، أبلغت إدارة الجامعة صابر أن منحتها قد أُلغيت ويتوجب عليها العودة إلى مصر وإلا ستفقد منصبها الوظيفي في الجامعة. لم تقدم الجامعة أي سبب لقرارها، لكن صابر معروفة كمدافعة عن حقوق المرأة والحرية الأكاديمية في مصر. كما أنها ناشطة مع مجموعة المساعدة القانونية في مؤسسة حرية الفكر والتعبير.

تقدمت صابر بطعن ضد القرار في المحكمة الإدارية، المسؤولة عن الفصل في القضايا المتعلقة بالقطاع العام والمشهود لها بالحياد السياسي. كما جذبت القضية اهتمام وسائل الإعلام ليتم الحكم لصالحا في النهاية، حيث عادت لإستكمال منحتها الدراسية مع الاحتفاظ بمنصبها الوظيفي.

قالت صابر “هذا إجراء جديد، أعرف عشرات الناشطين في الجامعات الذين منعوا من السفر خلال الأشهر الخمسة الماضية. إنه جزء من المعركة بين جماعات حقوق الإنسان والحكومة.”

وأوضحت صابر أن الشخص الخاضع لحظر السفر قد يحصل على موافقة بالسفر، لكن فعلياً يتم منعه من ذلك في المطار دون إعطاء أي سبب للحظر.

في قضية مماثلة، تم منع محمد حسن سليمان، المحاضر في الهندسة الكهربائية في جامعة عين شمس في القاهرة، من حضور المؤتمر الأبرز في مجال تخصصه، والذي عقد هذا العام في جامعة دنفر في الولايات المتحدة. وكان سليمان قد حصل على منحة من هيئة فولبرايت الأميركية لحضور المؤتمر وكذلك على تأشيرة أميركية تخوله للسفر. لكن طلبه  للسفر تم رفضه من قبل إدارة الجامعة. وعلى الرغم من الدعم القانوني من مؤسسة حرية الفكر والتعبير، إلا أن سليمان لم يتمكن من الحصول على الموافقة وبالتالي ألغت مؤسسة فولبرايت المنحة المقدمة له. وكما جرت العادة، لم يتمكن سليمان من معرفة السبب وراء رفض طلبه.

وبحسب مجدي، فإن الخوف من حظر السفر يؤثر سلباً الأكاديميين وخططهم للسفر إلى الخارج لحضور مؤتمر أو لإجراء البحوث لعدم يقينهم من إمكانية السماح لهم بمغادرة البلاد.

قال ” يدفعك هذا، إلى إعادة التفكير في ما يمكن أن تقوله أو تنشره.”

https://www.bue.edu.eg/

ويوضح مجدي أنه على الأرجح يتم حظر السفر من قبل وكالة الأمن القومي المصري، التي تتعامل مع الأمن الداخلي والحدود ومكافحة الإرهاب لتشديد القيود الحكومية على الخطاب العام.

من جهة أخرى، يتسبب حظر السفر في عزلة الأكاديميين عن الاهتمام الدولي.  قال مجدي “غالباً ما ينظر للأكاديميين المصريين باعتبارهم غير واضحيين، على عكس من باقي المنظمات غير الربحية الأجنبية. إن هذا الإجراء ظاهر ودراماتيكي، لكنه لايجذب اهتمام الإعلام لفترات طويلة.”

ويلحظ تقرير علماء في خطر “وجود آلاف الطلاب ومئات من العلماء داخل السجن لفترة طويلة تمتد لما قبل الفترة التي يشملها التقرير بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات. وتشمل إجراءات القمع الحكومي القتل والاعتقالات، [وكذلك] زيادة القيود على السفر – على أساس المخاوف الأمنية المزعومة – ضد كل من العلماء والطلاب المصريين وغير المصريين.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى