أخبار وتقارير

الواقع الافتراضي في طريقه لدخول الجامعات العربية

القاهرة – بدأ الباحثون العرب بالإنضمام لحركة الواقع الافتراضي، مدركين إمكاناته في مجال التدريب والتعليم الإستقصائي وتصوير البيانات.

ويقصد بالواقع الافتراضي محاكاة حاسوبية ثلاثية الأبعاد لبيئة عالم واقعي بطريقة تبدو حقيقية أو مادية، وعادة ما يتضمن ذلك إرتداء خوذة مزودة بشاشة في الداخل وقفازات مزودة بأجهزة إستشعار في بعض الأحيان لمحاكاة الإحساس باللمس.

قال وديع الحلبي، مدير مركز أبحاث الواقع الافتراضي في جامعة عفت في المملكة العربية السعودية، “يشهد الواقع الافتراضي نمواً، لدي علم بوجود العديد من المجموعات المهتمة بذلك في الجامعات العربية. مع ذلك، فإنه لا يزال في مراحله الأولى الآن، وتفتقر معظم تلك المحاولات لوجود تمويل كبير.”

ترغب الجامعات العربية بإستخدام الواقع الافتراضي في العديد من التخصصات، بما في ذلك الهندسة المعمارية، والهندسة، وعلوم الكومبيوتر، بحسب محمد علي الهمامي، رئيس قسم الواقع الافتراضي بجامعة قطر. ففي مجال العمارة، على سبيل المثال، ستسمح هذه التقنية للطلاب والمعلمين بإستكشاف المبنى أو المنطقة الحضرية قبل أن يتم بناؤها حتى. وفي مجال الهندسة، سيتمكن الباحثون من بناء نماذج مبدئية في الواقع الافتراضي قبل بناء الشيء الحقيقي لتجنب الأخطاء وإجراء التصحيحات. في الطب، يمكن لنسخ الأجساد البشرية طبق الأصل أن تساعد في تعويض النقص في الجثث المتوفرة بالإضافة لمنح الطلاب فرصة لتجربة إجراء عملية جراحية قبل وضع أي مشرط على الجلد.

يقول الهمامي إن العديد من الجامعات الكبرى في البلدان العربية – لاسيما في منطقة الخليج – قد إستثمرت في هذا المجال، إما في موظفين وبرامج مختارة على وجه الخصوص أو في جميع الأقسام لإستخدامها في جهود التعليم والبحث. حيث تمتلك جامعة عفت مركزاً لأبحاث الواقع الافتراضي، وتمتلك جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية ما تطلق عليه إسم مختبر التصوير العلمي، فيما تمتلك جامعة قطر قسماً للواقع الافتراضي.

تركز هذه المراكز على إستخدام الواقع الافتراضي في مجالي التعليم والبحوث. كما يجري إستخدام التكنولوجيا أيضاً لمساعدة الطلاب على تعزيز مهاراتهم والتعبير عن إبداعهم بطرق جديدة لتنفيذ مشاريع تطبيقية وعرض البيانات العلمية.

قال الهمامي “يمكن أن تكون تكلفة الواقع الافتراضي عالية، لكن البدائل الذكية في طريقها للظهور مثل أجهزة العرض الراقية المثبتة بالرأس Head-mounted displays.”

ويأمل الكثير من الباحثين في أن يحسن الواقع الافتراضي أيضاً من واقع التدريس.

قال الهمامي “من شأن الواقع الافتراضي في التعليم أن يسمح لنا بتجاوز طرق التدريس والبحث التقليدية من خلال وضع المعلم والطلاب في صلب الموضوع.”

ويمكن للتكنولوجيا أيضاً أن تزيد من التعاون بين الجامعات من خلال تسهيل القيام بمشاريع مشتركة فيما بينها، وربما من خلال ربط مراكز الواقع الافتراضي القليلة في جميع أنحاء المنطقة ببعضها.

لكن أي عصر ذهبي محتمل للواقع الافتراضي لم يتحقق بعد في الجامعات العربية. يقول الهمامي إن هذا المجال، وبصفته تكنولوجيا ناشئة وجديدة في المنطقة، يواجه عقبات عديدة قبل أن يصبح سائداً.

وتشمل هذه التحديات عدم إلمام كوادر التدريس والبحث بهذه التكنولوجيا، والحاجة للإستثمارات المالية، والنقص الواضح في المحتوى العربي – حيث أن معظم الشركات التي تصنع تكنولوجيا الواقع الافتراضي غربية ولذلك فإن إستعمالها ليس مصمماً في العادة ليناسب السياق العربي.

قال هنتر هوفمان، الباحث الزائر في مركز أبحاث عفت ومدير مركز الواقع الافتراضي بجامعة واشنطن، إن جامعة عفت “نموذج جيد لكيفية إدخال الواقع الافتراضي للجامعات العربية.”

ويعود هذا، بحسب هوفمان، لكون المركز السعودي يتبنى نهجاً متعدد التخصصات لتطوير أحد برامج الواقع الافتراضي. حيث يطور ويختبر الطلاب والخبراء الأفكار للتوصل لإيجاد حلول لمشاكل واقعية من الحياة، بحسب هوفمان.

ونتيجة لذلك، يقول هوفمان إن “المملكة العربية السعودية في طريقها لأن تصبح معروفة بوصفها أحد اللاعبين الرئيسيين في مجال تطوير التطبيقات السريرية للواقع الافتراضي.”

على سبيل المثال، قامت الطالبات في جامعة عفت بالفعل بإجراء تجربة بإستخدام طالبات متطوعات لإختبار تقنية جديدة تهدف لإستخدام الواقع الافتراضي لإلهاء المستخدمين وتخفيف الألم. وتهدف الفكرة في نهاية المطاف لتقليل الألم الجسدي للأطفال المصابين بحروق شديدة أثناء العناية بالجروح.

قد تكون مسألة التمويل من أهم العوامل التي سيتوجب على دعاة الواقع الافتراضي التغلب عليها، لكن العديد من أنظمة الواقع الافتراضي منخفضة التكلفة قد تم تطويرها مؤخراً للأغراض التعليمية.

تحتاج الجامعات العربية للعثور على مصادر للتمويل، فضلاً عن تثقيف كوادرها وطلابها لتعزيز الوعي في مجال الواقع الافتراضي، بحسب الهمامي، بهدف البقاء على صلة بالواقع والقدرة على المنافسة على المستوى الدولي. ويعود هذا لإعتقاده بأن التوجه نحو تطبيقات الواقع الافتراضي سيعيد تعريف التعليم – حيث إنه من الممكن أن لا يمنح الطلاب العرب فرصة للحصول على نظام تعليمي أكثر حداثة فحسب، بل فرصة لإتقان تكنولوجيا متطورة أيضاً، من المحتمل أن تساعد في جعلهم أكثر قابلية للتوظيف.

إلى جانب الإستثمار في البرمجيات المناسبة وإختيار الأجهزة الأكثر ذكاء وبأنسب الأسعار، يقول الهمامي إن الواقع الافتراضي بحاجة لأن يتم وضعه في مركز منظمة الجامعة. كما ينصح الجامعات أيضاً بتوظيف أشخاص لإيجاد محتوى يمكن لأجهزة الواقع الافتراضي تشغيله.

يعتقد هوفمان بأن من المهم بالنسبة للجامعات العربية الحصول على البرنامج الآن أو المجازفة في التخلف عن الركب. قال “سيكون للواقع الافتراضي تطبيقات هامة جداً بالنسبة للجامعات وسيكون للأوائل في تبني تكنولوجيا الواقع الافتراضي ميزة كبيرة عمّن يتأخر في تبنيه.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى