أخبار وتقارير

تقرير حول ورشة عمل عن التعليم الرقمي للاجئين

نيويورك – بينما يستمر التوسع في الموارد التعليمية لمساعدة الطلاب اللاجئين، يبقى الطلب على المنح الدراسية للالتحاق في برامج لنيل الدرجات العلمية أكثر مما هو معروض بكثير. وهذا هو السبب الذي يجعل المنظمات في جميع أنحاء العالم – كالجامعات، والمنظمات غير الربحية، ومنظمات الإغاثة الدولية، والشركات الخاصة، والحكومات – تتطلع لاستخدام أدوات التعليم الرقمي والتعليم عبر الإنترنت.

اجتمع حوالي مئة شخص من ذوي الخبرة والاهتمام في هذا المجال في مدينة نيويورك في أيلول/ سبتمبر لمناقشة تحديات وإمكانات توفير فرص للتعليم العالي الإلكتروني للنازحين السوريين. وقد شاركت الفنار للإعلام ومؤسسات المجتمع المفتوح ومؤسسة فورد في استضافة هذا الحدث.

كما انضم خمسة من الشباب السوريين للورشة للتحدث عن تجاربهم في محاولة الوصول إلى التعليم واعتقادهم بأن الوصول إلى فرص التعليم الإلكتروني من شأنها أن تساعدهم وغيرهم في إبقاء تعليمهم ومهنهم على المسار الصحيح.

كانت قصص الطلاب مثيرة للإهتمام (إقرأ المقال ذات الصلة: نجاح الطلاب السوريين بين الألم والفخر) لكن تجاربهم مع التعليم الإلكتروني كانت، وبشكل لا يثير الاستغراب، مبعثرة: دورة هنا، ودورة هناك، أو كلام عن أحد الأصدقاء ممّن قام بأخذ دورة ما. وذكرت إحدى المشاركات استخدامها لصفحة تحظى بالشعبية على موقع فيسبوك لتحسين لغتها الإنجليزية ودرجاتها في جميع الاختبارات الهامة لإتقان اللغة الإنجليزية.

ساهمت قصص الطلاب في تسليط الضوء على بعض من الحواجز التي تحول دون توفر أدوات التعليم الرقمي في أيدي الطلاب الذين يحتاجون إليها. وشملت المواضيع التي تمت مناقشتها بإسهاب الحواجز اللغوية والثقافية ووصول الطلاب الضعيف للموجهين والبنى التحتية التكنولوجية الأساسية.

يعتبر توفير أدوات التعلم الرقمي في بيئة الفصول الدراسية التقليدية مع وصول ثابت للإنترنت وتوفر أجهزة كومبيوتر عالية الجودة وبنية تحتية أساسية (كصفوف دراسية نظيفة ومضاءة جيداً، ومكاتب، ولوازم مدرسية) أمر صعب بما فيه الكفاية. يعتمد جعل هذه الأدوات فاعلة بالنسبة للطلاب على التكنولوجيا بحد أقل وعلى كيفية استعمال المدرسين لها بشكل أكبر بما يضيف للتجربة التعليمية. ويعني هذا بأن على المعلم أن يمتلك فهماً واضحاً لاحتياجات التعلم لدى الطلاب وسبب استخدام دورات الدراسة الرقمية في حين أن التدريس التقليدي المباشر قد يعمل بشكل أفضل.

على سبيل المثال، قد تسمح الدراسة الرقمية للطالب بالعمل وفق الوتيرة الخاصة به، مما يتيح له الفرصة للقيام بممارسات إضافية لبعض المفاهيم وتجاوز تلك التي تتقنها. بإمكان العديد من منصات التعلم الرقمي تقديم ردود فورية حول تقدم الطلاب، لذلك فإن من السهل بالنسبة للمعلمين والطلاب ملاحظة إذا ما كانوا متأخرين وبحاجة لمساعدة إضافية. عندما تتم مطابقة أحد الطلاب مع منصة مناسبة وبوجود إشراف معلم حسن الإطلاع، فإن للتكنولوجيا التعليمية القدرة على إضفاء سمة شخصية لطريقة التعليم ومنح الطلاب القدرة على التحكم في تعليمهم، بحسب بعض المشاركين. لكن، وحتى في ظل الظروف المثالية، لن يكون من السهل القيام بذلك.

قالت ميريديث وو، مديرة برنامج دعم التعليم العالي الدولي بمؤسسة المجتمع المفتوح، “القضية الأساسية فيما يخص التعليم الإلكتروني لا تتعلق بالتكنولوجيا. الأمر يتعلق بفهم عدد الطلاب.”

ويصبح ذلك أكثر صعوبة عند اختيار أو تصميم دورات دراسية رقمية للاجئين السوريين. فالبعض منهم يعيش في مخيمات في الصحراء، مع وصول محدود للإنترنت وأجهزة الكومبيوتر أو حتى الهواتف المحمولة أو شبكات الهاتف الخلوي السريعة، مثل الجيل الثالث أو الرابع. فيما بدأ لاجئون شباب آخرون بالفعل حياة جديدة في بلدان بعيدة عن وطنهم، لكنهم ما زالوا يسعون في معرفة كيفية العودة مرة أخرى إلى الطريق الذي يحقق أهدافهم التعليمية والمهنية ولا يزالون غير متأكدين من كيفية استخدام التعليم الإلكتروني لتحقيق ذلك.

Digital Education Conference Report 2016

قال فيليكس سيفارث، الباحث المشارك في جامعة سانت غالن بسويسرا، والذي يركز على تقنيات التعليم، “لسنا بحاجة لاختراع شيء جديد. لكن بإمكاننا إعادة النظر بعناية في الأدوات التي نمتلكها بالفعل.”

ليس هنالك نقص في أدوات التعليم الرقمي والإلكتروني – تلك الأدوات المقدمة باللغة الإنجليزية، بلا شك. فمن شأن بحث سريع على الإنترنت أن يتحول إلى دروس عن أي موضوع أكاديمي أو مهارة مهنية تقريباً، من قبيل كتابة سيرة ذاتية أو خطاب تعريفي للتقدم بطلب وظيفة.

لكن وبحسب نافذ الدقاق، المدير التنفيذي لمؤسسة إدراك، وهي منصة توفر مساقات هائلة مفتوحة عبر الإنترنت (MOOC) تهدف لخدمة العالم العربي، فإنه ليس هناك موارد تعليمية ذات جودة كافية متوفرة باللغة العربية. ركزت إدراك سابقاً على ترجمة دورات مجانية متوفرة على الإنترنت من الجامعات العالمية المرموقة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية. ولم يكن ذلك باهظ الثمن فحسب، بل كان الأمر في كثير من الأحيان مرهقاً بالنسبة للطلاب لصعوبة التركيز على الدروس الواردة في مقاطع الفيديو بسبب تشتتهم من خلال ضرورة التركيز على الترجمة العربية. في بعض الأحيان، لم تكن الأمثلة الواردة في الدورات والمستخدمة لشرح المفاهيم قابلة للترجمة على المستوى الثقافي. الآن، تركز إدراك على خلق مواد من نقطة الصفر يتم تصميمها خصيصاً للطلاب الناطقين باللغة العربية، بما في ذلك اللاجئين.

تعمل بربارا موسر-ميرسير مديرة لمركز إنزون InZone، وهو مركز بجامعة جنيف لتطوير أساليب مبتكرة في التواصل متعدد اللغات والتعليم العالي في المناطق المتضررة من النزاعات. قالت موسر-ميرسر إن لمنح الطلاب خيار الدراسة بلغتهم الأم، مع مواد دراسية ذات صلة بثقافتهم، فوائد إضافية.

وأضافت “تتداخل اللغة والثقافة بشكل كبير مع ما يُساهم في تشكيل هوياتنا.” وبالنسبة لمجموعة سكانية تعاني من صدمة إجبارها على ترك منازلها ومجتمعاتها المحلية، يصبح تطوير المواد التعليمية التي تقدم لها شيئاً مألوفاً ذو أهمية خاصة بالنسبة لعملية التعلم. إن مساعدة اللاجئين على مواصلة تعليمهم أمر يتعدى مسألة منحهم المهارات اللازمة لإعادة بناء بلدهم مادياً فحسب. الأمر يتعلق بمساعدتهم في إعادة بناء المجتمعات والشبكات الإجتماعية التي تمزقت كذلك.

أشار صهيب إبراهيم، وهو طالب سوري يعيش في الولايات المتحدة حالياً ويعمل مهندساً، إلى أن واحدة من أكبر التحديات التي تواجه تقديم المساعدات للاجئين السوريين تتعلق بربطهم بالموارد المناسبة والتأكد من امتلاكهم للمعلومات التي تكفل لهم اتخاذ القرار بشأن كون أي مسار هو الأنسب بالنسبة لهم.

كان إبراهيم يسعى للحصول على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية في سوريا عندما اضطر للفرار إلى مصر، معتقداً بأنه سيكون قادراً على معادلة الوحدات التي درسها ومواصلة دراسته. وبعد اكتشافه بأن ذلك لم يكن ممكناً، أمضى شهوراً في التقدم للحصول على منح دراسية للدراسة في أحد البرامج الأكاديمية في بلدان أخرى. وقد تم رفضه في كل مرة لأنه لم يكن على دراية ببعض شروط القبول من قبيل كتابة مقالات شخصية.

يتذكر إبراهيم شعور الانهزام والركود في مكانه. في ذلك الوقت، لم يكن يعرف كيف يخطط لمستقبله أو سبب رفض طلباته. في نهاية المطاف، حصل على قبول من معهد إيلينوي للتكنولوجيا في الولايات المتحدة وكان بإمكانه إكمال دراسته.

من جلسات ورشة العمل حول سبل تعزيز التعليم الرقمي للطلاب اللاجئين، نيويورك.

قال إبراهيم إن وضع السوريين على طريق مواصلة تعليمهم يبدأ بربطهم بموجهين قادرين على تقديم الدعم لهم للمرور من خلال العملية. يبذل إبراهيم جهوداً لنشر إعلانات عن المنح الدراسية والفرص التعليمية الأخرى على وسائل التواصل الإجتماعي ومشاركتها مع الأصدقاء والزملاء، ويسعى لجعل العملية أسهل قليلاً بالنسبة لهم عمّا كانت عليه بالنسبة له.

قال “لقد كان التحدي الرئيسي بالنسبة لي، وأعتقد بأنه حال الكثيرين من معارفي، هو أنهم محبطين للغاية. إنهم يبحثون عن شيء للمستقبل.”

وبينما كان إبراهيم يشعر بحاجة الطلاب للاستعجال – فقد كان هو أيضاً حريصاً على إنهاء دراسته، والعثور على وظيفة، وإعادة حياته إلى مسارها – إلا إنه شدد على وجوب أن يتوقف أولئك المهتمين بتطوير مصادر التعليم الرقمي لوهلة للتفكير في مجموعة الأدوات التي يمكن أن تكون أكثر فائدة بالنسبة للاجئين.

ودارت مناقشة متكررة خلال المؤتمر الذي انعقد على مدى يومين حول مسألة كيفية تصميم برامج يمكن أن تنتهي بالحصول على شهادة معتمدة. وبينما يُمكن أن ينجح هذا مع بعض الطلاب، فإن إبراهيم يعتقد بأن أدوات التعليم الرقمي يمكن أن تكون مفيدة أيضاً في تطوير مهارات أكثر تركيزاً لا تنتهي بالحصول على شهادة، مثل كتابة السيرة الذاتية أو الخطاب التعريفي باللغة الإنجليزية.

اقترحت سيندي بونفيني، نائبة الرئيس لشؤون الإبتكار وتكنولوجيا المعلومات العالمية في المبادرة اليسوعية للتعلم عبر العالم Jesuit Worldwide Learning، بإن في إمكان الترميز ومهارات علوم الكومبيوتر أيضاً العمل بشكل جيد في صيغة بحجم البايت. وأضافت بأنه وفي حين أن مثل تلك المهارات من المحتمل جداً أن يتم تقديمها كجزء من شهادات معتمدة أو دورات بشهادات، فإن لها فوائد مضافة تتمثل في كونها تحظى بطلب مرتفع في سوق العمل وتجعل الطلاب أكثر جاذبية لأرباب العمل المحتملين.

ولعل أنجع وسيلة للتأكد من كون الدورات الرقمية الجديدة مصممة لتلبية الاحتياجات الفريدة للاجئين السوريين، بحسب المشاركين في ورشة العمل، هي العمل على إشراك الأكاديميين والمهنيين السوريين.

قالت علا أبو عمشة، المستشارة الأكاديمية في مشروع جامعة Jamiya، وهي منظمة تعمل على تطوير مقررات معتمدة للمرحلة الجامعية باللغة العربية، “أنا لا أزعم بأنني، أنا نفسي، أعرف ما الذي يمر به كل هؤلاء الطلاب العالقين في المخيمات.”

لكن وبصفتها أكاديمية منفية من سوريا هي أيضاً، فإن أبو عمشة وزملاءها يمتلكون فهماً شخصياً لمدى تعقيد المشاكل التي تواجهها البلاد، فضلاً عن قدرتهم على التواصل مع الطلاب على المستوى الاجتماعي.

علاوة على ذلك، من شأن إشراك السوريين في خلق موارد التعليم لأنفسهم أن يساعدهم في تعلم التقنيات اللازمة لجمع شتات بلدهم مرة أخرى في المستقبل. لأن العمل في جامعة ما أو الحصول على شهادة الدكتوراه، كما تشير أبو عمشة، لن يجعل الشخص مؤهلاً لإعادة بناء نظام تعليمي بأكمله. لكن العمل مع المنظمات والجامعات الدولية التي تمتلك خبرة للقيام بذلك سيمنح السوريين فرصة لتعلم كيفية القيام بذلك بأنفسهم فيما بعد.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى