مقالات رأي

الصحافة بين الممارسة والتدريس في فلسطين

طوال الشهر الماضي، عملتُ كأستاذة مساعدة لمرحلة ما بعد البكالوريوس في كلية القدس بارد، حيث حصلت على شهادتي في أيار/ مايو.

إنها تجربة ممتعة أن أعمل في ذات البيئة التي عشت ودرست فيها لمدة أربع سنوات. أعمل الآن على تطوير مهارات جديدة، مثل التعليم، وتعلم دروس جديدة حول تحدياتٍ قديمة، مثل الكتابة باللغة الإنجليزية. كما ساهم ذلك أيضاً في أن يعلمني عن ذاتي، لأنني، وبعد كل شيء، كنت ذات يوم في نفس المكان الذي يتواجد فيه طلابي اليوم.

منحتني الوظيفة أيضاً رؤىً جديدة، ومحبطة نوعاً ما، عن واقع التعليم الفلسطيني.

يساعد الأساتذة المساعدون الطلاب على كتابة المقالات، وتقديم العروض، ومشاريع التخرج. حيث عقدنا ورش عمل في القراءة المتأنية، وكتابة بيان أطروحة قوي، وتحسين مهارات الكتابة. كما أنني أواظب على حضور حصص إعلامية في التحرير والفيديو لأعمل على صقل مهاراتي وأبقى على إتصال مع أساتذتي وزملاء الدراسة السابقين.

مؤخراً، عملت وإثنين من الأساتذة الزملاء مع طلاب السنة الأولى في حصة مكثفة على مدى أربعة أيام. إذ تم تكليفنا بتدريس مسرحية “أنتيجون” للكاتب يوربيديس. وقد كنت قلقة بشأن مهاراتهم في اللغة الإنجليزية.

في حصتنا الأولى، تحدثنا وترجمنا كل شيء إلى اللغة العربية. ثم قررنا التوقف عن التحدث باللغة العربية لكي يتمكنوا من التحدث والإستماع للغة الإنجليزية فقط. على الرغم من كون الطلاب الفلسطينيين عادة ما يبدأون بتعلم اللغة الإنجليزية في رياض الأطفال، إلا أننا لا نتكلم أو نكتب بها في الغالب. لكن الطلاب بحاجة لمهارة جيدة في اللغة الإنجليزية لتحقيق النجاح في كليتي الأميركية.

كما أن الطلاب بحاجة لأن يتعلموا الكثير بالإضافة للغة الإنجليزية.

بناء على المستوى التعليمي للطلاب الجدد، شعرت بالإحباط بسبب واقع المدارس الفلسطينية. فليس لدينا نظام يشجع الطلاب على المشاركة داخل الفصل الدراسي، أو الانخراط في ورش عمل، أو حتى التفكير بشكلٍ نقدي. لذلك، فإن كلية القدس بارد بحاجة لتغيير طريقة تفكير الطلاب من نظام التلقين إلى نظام يعتمد منظور الفنون المتحررة.

لقد كافحت أنا أيضاً بسبب ذات الشيء في سنتي الأولى في الكلية. يستغرق الأمر بعض الوقت للبدء بالتفكير بعمق واستجواب كل شيء من حولك تقريباً.

لكنني وجدتُ نفسي أشكك أيضاً في الأهداف بعيدة الأمد للتعليم، وإذا ما كان بإمكان التفكير النقدي أن يساعدني في العثور على وظيفة في فلسطين. اليوم، أنا أتمتع بوظيفتي الجديدة. أنا أحب العمل مع الطلاب عن قرب وملاحظة إصرارهم على التعلم. بصراحة، أنا سعيدة بحصولي على هذا العمل في بلد لا يمتلك الخريجون فيه شيئاً على الإطلاق.

وفقاً لوزارة العمل الفلسطينية، بلغت نسبة البطالة 27 في المئة في المتوسط عام 2015. وتعتبر هذه النسبة واحدة من أعلى المعدلات في العالم العربي على الرغم من أن معدل الأمية في فلسطين يعتبر من بين أدنى المعدلات. فبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، تبلغ نسبة الأمية حوالي 4 في المئة.

لكن ما يقلقني شخصياً في الواقع هو عملي الصحفي. فمن بين الأسباب التي دفعتني للتقديم على طلب للحصول على وظيفتي الحالية هو أنني أرغب في أخذ إستراحة، على أقل تقدير، من الصحافة في فلسطين.

لطالما تمنيت الإنخراط في الصحافة والسياسة في بلدي. لكن أماكن العمل الصحفي في فلسطين غير مشجعة على الإطلاق. لقد شجعني العمل مع شبكة المراسلين في الخارج (ARA) على متابعة ما يجري في فلسطين.

لكن، في بعض الأحيان، يكون من الصعب جذب إنتباه القراء الأجانب الذين قد لا يعرفون شيئاً عن فلسطين. يثبط هذا من عزيمتي أحياناً في متابعة أي شيء بخصوص الوضع هنا. فعلى الرغم من أن المحررين الذين أعمل معهم يكونون على إستعدادٍ دائم لمناقشة مقترحات المواضيع التي أقدمها، إلا أن الصحف الدولية لا تكون دائماً مهتمة في نشر تلك المواد.

تمثل وظيفة التدريس هذه بداية لتوسيع آفاقي، لاسيما بخصوص دراستي الأكاديمية لفترة ما بعد شهادة البكالوريوس. كما أنها تحسن مهارتي في اللغة الإنجليزية، وهو ما أحتاج إليه بحق في المستقبل كصحفية، فضلاً عن توسيع معرفتي الإعلامية.

في النهاية، كلي أمل في أن أتمكن من نسج إهتماماتي كطالبة، ومعلمة، وصحفية لأشكل مستقبلاً ما في وطني الملتبس.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى