أخبار وتقارير

السويد تمنح فرصة جديدة لطالبة سورية فلسطينية لاستكمال تعليمها

مالمو— تستعد ربا شموط، طالبة فلسطينية سورية تبلغ من العمر 26 عاماً، للعودة لاستئناف دراستها الجامعية في السويد مع اعتقادها الراسخ أن لديها فرصة كبيرة للبدء من جديد في أوروبا.

قالت “كنت أحلم بالوصول إلى أوروبا، لطالما تمنيت أن يتم تقديري. بعد عام 2011، أصبح الوضع في سوريا لا يطاق، وشعرت أنني افتقدت ذلك.”

بعد ثلاث سنوات من انقطاعها عن دروسها في كلية الهندسة الطبية في سوريا، تواصل شموط التفكير فيما مرت به في رحلتها إلى السويد وأيضاً التحضير لما سيأتي. كانت رحلتها من سوريا، التي تشهد حرباً قاسية أجبرت الملايين على النزوح، إلى السويد مليئة بالمخاطر والخسارات والألم.

إذ أثر العنف المستمر على نظام التعليم السوري (اقرأ القصة ذات الصلة: قصف الحرم الجامعي في دمشق ونضال الطلاب السوريين)، واضطر كثيرون إلى التخلي عن دراستهم بسبب ارتفاع التكاليف. كما أن الخشية من الاعتقال منعت آلاف الطلاب الآخرين من استكمال دراستهم الجامعية.

 ولدت شموط ونشأت في مخيم اليرموك، التجمع الأكبر لللاجئين الفلسطينيين في سوريا، حيث كانت تضطر مع غيرها من الطلاب إلى اتخاذ طريق المطار شرق دمشق للوصول إلى جامعتها. وعلى الرغم من أن المسافة لم تكن تتجاوز أربعة كيلومترات، لكن الرحلة كانت تستغرق أحياناً ساعات طويلة بسبب عشرات نقاط التفتيش الأمنية.

خلال الامتحان النصفي في عام 2011، شعرت شموط بالرعب عند سماعها لأصوات طلقات نارية ورؤيتها الدماء تُغرِق المقاعد في قاعة الامتحان. إذ أطلق زميل لها النار على اثنين من زملائه لأسباب سياسية.

قالت “لقد كان الأمر مرعباً للغاية. كنت أعرف [القاتل] شخصياً. كان أمراً لا يصدق.”

دفع القصف المتكرر على المخيم وظروف الحياة القاسية والدها للبحث عن فرصة لمغادرة البلاد. لكن محاولتي السفر إلى كندا حيث بعض الأقارب؛ وأيضاً إلى لبنان فشلتا.

قالت شموط “حاول بعض الأشخاص خداعنا وأخذ أموالنا مقابل وعود فارغة بمساعدتنا.”

في وقت لاحق، قررت العائلة للسفر من تركيا ومنها إلى اليونان عبر مركب. في البداية، رفض والدها الفكرة. لكن شموط كانت مصرة، قالت له “حتى لو اضطررت إلى السباحة، سأذهب!”

في تموز/يوليو من عام 2013، وصلت شموط وعائلتها إلى اليونان. استغرقت رحلتهم البحرية أربع ساعات ونصف في منتصف الليل. وبعد استجوابهم من قبل الشرطة اليونانية، تم احتجاز العائلة لمدة شهر في معسكر بلا طعام مع القليل من الماء.

قالت “بكينا كثيراً. كان الحمام والطعام سيئين للغاية، وكانت والدتي نادمة على قيامنا بهذه الرحلة.”

أخيراً، وصلت شموط وعائلتها إلى السويد، مع الآلاف من اللاجئين الآخرين الذين وصلوا للدولة الإسكندنافية في السنوات الأخيرة.

لكن على شموط الأن استئناف دراستها من الصفر.

قالت “رغم امتلاكي لوثائق رسمية تثبت دراستي للهندسة الطبية لثلاث سنوات، إلا أن ذلك لم يكن مجدياً أو مقبولاً، وتوجّب علي البدء من جديد.”

تعتبر السويد وجهة أساسية، بعد ألمانيا، لطالبي اللجوء الذين يتوجهون إلى أوروبا. إذ استقبلت البلاد 163,000  لاجئ العام الماضي.  وتختلف مهارات  الوافدين الجدد على نطاق واسع. لكنها ليست منخفضة دائمًا، إذ إن أكثر من ثلث اللاجئين السوريين في السويد من الجامعيين بحسب تقرير للتلفزيون السويدي. وكشف التقرير أن واحداً من بين كل ثلاثة من السوريين، ممن وصلوا إلى السويد عام 2014، سبقَ وأن درس في الجامعة. وخلص التقرير إلى أن الموجة الأخيرة من اللاجئين السوريين منحت السويد عدداً كبيراً من الأكاديمين أكثر من أي وقت مضى.

مع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة، أهمها اللغة.

قالت شموط “لا يمكن أن تندمج فعلياً دون اللغة. حتى إن كنت تتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة، ستحتاج إلى التحدث بلغة البلد لتكون جزءاً من المجتمع.”

تقدم السويد برامج مجانية لتعليم أساسيات اللغة السويدية بهدف مساعدة اللاجئين على الاندماج. إلا أن حوالي ثلث اللاجئين من أصل 13,464 تتراوح أعمارهم بين 18 و 57 والذين وصلوا في السويد في عام 2007 تمكنوا من الانتهاء من برنامج تعليم اللغة كاملاً. فبحسب تقرير نشرته صحيفة داغن سنيهتر السويدية، هناك العديد من الأسباب التي تدفع باللاجئين للتوقف عن تعلم اللغة؛ منها طول مدة الدورات وصعوبة اللغة، وكذلك حصول البعض على فرصة عمل أو تدريب. كما يعتمد الكثيرون على اللغة الإنجليزية كوسيلة للتواصل.

تمكنت شموط من الانتهاء من برنامج تعلم اللغة السويدية في ثلاثة أشهر فقط، وهو أقل بكثير من الوقت المعتاد للانتهاء من دراسة اللغة. وتعزو نجاحها في ذلك إلى صرامة النظام التعليمي السوري القائم على الحفظ.

قالت “بدون ذلك، لم أكن  قادرة على المنافسة هنا. لقد اعتدنا على حفظ كل شيء عن ظهر قلب. حتى الفيزياء، والكيمياء، والرياضيات. قد يبدو أسلوباً لافائدة منه، لكنه ساعدني.”

تستعد شموط للالتحاق بكلية الصيدلة هذا الخريف. قالت “لم يكن الأمر سهلاً، ولن يكون كذلك. لكن إذ كان لديك حلم، عليك العمل بجد لتحقيقه.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى