أخبار وتقارير

أكاديميون سودانيون مغتربون يدعمون التعليم في بلادهم

على الرغم من المصائب التي طالت قطاعي التعليم والبحث العلمي في السودان والناجمة عن الاقتصاد المنهار وهجرة العمال من ذوي المهارات العالية، إلا إن المهنيين السودانيين في الشتات يسعون لدفع حلقة التعليم والتنمية في السودان قُدماً.

غادر أكثر من 62.000 من السودانيين العاملين في القطاعات الإدارية والتخصصية البلاد بين عامي 2005 و2008 للعمل في الخارج وفقاً لعقود قانونية. (قد تكون هذه الأرقام أعلى من ذلك بكثير لأن هذه الإحصائيات قد لا تتضمن العديد من العمال غير الشرعيين.) يسعى معظم أولئك المهنيين المؤهلين للحصول على فرص عمل في البلدان المجاورة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، والكويت، وقطر، والإمارات العربية المتحدة. لأن أجورهم في هذه البلدان الغنية بالنفط والتي تشهد نمواً سريعاً عادة ما تكون بحدود ضعفين أو ثلاثة أضعاف ما يمكن أن يكسبونه في السودان.

في عام 2013، أرسل العمال المغتربون 1.3 مليار دولار أميركي إلى السودان، وهو ما يزيد في مجموعه السنوي بمقدار الضعف مقارنة بـ 442 مليون دولار أميركي عام 2011، وفقاً لبيانات البنك الدولي. لكن هذه المساهمة في الاقتصاد السوداني لا تشجع على تطوير المؤسسات السودانية اللازمة للنهوض بالبلاد.

“نفير” هي الكلمة السودانية للعمل المجتمعي الجماعي، وعلى شبكة الإنترنت، يعني ذلك التعهيد الجماعي. وهو نظام يتم استخدامه في السودان منذ عقود، والآن يتم استخدام النفير من قبل الشتات السوداني لتحسين التعليم والبحوث في وطنهم الأم.

أنشأ علام أحمد، كبير المحاضرين في جامعة ساسكس، منبراً بإسم معرفة السودان Sudan Knowledge يسعى لتبادل المعرفة والمعلومات حول السودان وتعزيز إمكانات الشتات السوداني في جميع أنحاء العالم لمصلحة السودان. وفي مقابلة أجريت معه، قال إنه يرغب في إنشاء قاعدة بيانات للباحثين السودانيين لتمكين صانعي السياسات والمنظمات الدولية من التواصل معهم للحصول على مشورة دقيقة وغير منحازة. كما أكد أيضاً على سعي معرفة السودان إلى تجنب ما يعتبره نقاشات سياسية مسمومة.

يحتاج الباحثون والمربون السودانيون، بحسب علام، لأن يكونوا إيجابيين وأن يتعاملوا مع موضوعاتهم بدون “أي انتماء سياسي أو رواسب الماضي. كما إننا بحاجة أيضاً لأن نفهم بأننا بحاجة لتغيير فهمنا الأساسي للاتصالات التقليدية نحو طريقة حديثة ومحترمة تثق في قدرة الجميع على العمل معاً.”

للمرة الثالثة، نظمت منظمة معرفة السودان مؤتمراً حول “السودانيين في الشتات”. وقد تم عقد المؤتمر هذا العام في لندن في تموز/ يوليو.

من مؤتمر”السودانيين في الشتات” والذي عقد في لندن في تموز/ يوليو الماضي.

تضمنت بعض المواضيع التي تمت مناقشتها تصميم إطار يهدف للحصول على معرفة الخبراء السودانيين في جميع المجالات والاستفادة منها في حل مشاكل البلاد. قام عادل التيجاني من جامعة سكيما للأعمال في فرنسا ومحمد شامو من شركة فورد للسيارات بإعداد تلك الورقة البحثية. كما تم تقديم تقييم ناقد لوضع التعليم في السودان في حقبة ما بعد الاستقلال من قبل عادل دفع الله والمعز حسين من فرع إيرباص في المملكة المتحدة ومروان آدم من مجتمع المعرفة في السودان. درس الباحثون التغيرات السياسية الكبرى مشيرين إلى ثلاثة مراحل مختلفة منذ العام 1956 وحتى الآن، والتأثير الذي خلفته تلك التغييرات على هيكل وبنية وأداء النظام التعليمي في السودان.

يعتقد علام بشدة بأنه، وفي عصر المعرفة، لن يكون مهماً المكان الذي يتواجد فيه السودانيون ليكون في إمكانهم رد الجميل لبلادهم. ويأمل علام في أن تؤدي معرفة السودان وغيرها من مبادرات في النهاية لتعويض الهجرة الكبيرة للعقول والتي تشهدها المؤسسات البحثية والتعليمية في البلاد. قال علام، “يمتلك معظم المغتربين كل الوسائل للمساعدة، مثل الاتصال بالإنترنت، والوقت والمال. وبإمكانهم مساعدة بلدانهم ببساطة من خلال إستعدادهم لتوفير وقتهم لمن يرغب في الاتصال بهم والإقتراب منهم بهدف المشورة.”

عادة ما تكون زيارات علام القصيرة للسودان مزدحمة بالتدريس، والتدريب، وورشات عمل لبناء القدرات.

يرى علام بأن على الباحثين في الشتات وأولئك العاملين في السودان العمل معاً واعتبار أنفسهم شركاء بدلاً من التنافس من أجل خلق تأثير أكبر وأكثر فائدة بالنسبة للسودان. كما انتقد بعض الباحثين المتشائمين في الخارج، بما في ذلك المغتربين السودانيين، والذين يعتقدون في أن يكون كل شيء في السودان مثل ما هو عليه في البلدان التي يقيمون فيها.

يشغل علام أيضاً منصب المدير المؤسس لمعهد اقتصاد المعرفة الشرق أوسطية ومؤسس المجلة الدولية لبحوث السودان، والتي تسعى لتسليط الضوء على أفضل البحوث التي أجريت حول السودان.

يحاول الشباب السودانيون المقيمون في الخارج أيضاً توفير فرص لأولئك الذين لا يزالون في البلاد من خلال برامج إرشاد وتدريب. وتتضمن بعض تلك المبادرات مبادرة المستقبل، والسودانية للإرشاد Alsudaniya Mentoring، ومعهد الغد.

يقول وضاح فضل، مؤسس ورئيس معهد الغد، إنه يرغب في “إنشاء وتطوير وإدامة منصة فكرية للمساعدة في التصدي للمشاكل الملحة والمتجذرة في السودان من خلال نهج علمي مدروس بشكلٍ جيد ومستدام.”

ويأمل أيضاً في أن يساهم المعهد الإفتراضي في “تجميع العقول السودانية الشابة والموهوبة المتفرقة في جميع أنحاء العالم.”

يقدم المعهد دورات تدريب مجانية لمساعدة الطلاب في التعرف على مختلف المهن. قال فضل “نحن ندرب الطلاب والخريجين الجدد من مختلف المجالات على المهارات الضرورية التي يتطلبها السوق.”

يدخل المعهد في شراكات مع الجامعات أيضاً، ويعمل مع الطلاب في سنوات دراستهم الأخيرة ليستخدم أبحاثهم في معالجة قضايا ذات صلة بالتحديات الرئيسية في السودان. على سبيل المثال، كان الطلب الأخير يتعلق بمشروع بحثي يهدف لتعزيز كفاءة شبكة الكهرباء في السودان.

يعتقد وضاح بأن العمل الجاد المقترن بالمعارف والممارسات الجيدة من شأنه أن يساعد على خلق التغيير في السودان. وهو يحب المقولة الشهيرة التي تفيد بأن “غرض الحياة ليس أن تكون سعيداً، وإنما أن تكون مفيداً، محترماً، ورحيماً، وأن تقوم بإحداث تغيير ما يثبت بأنك قد عشت، وأنك قد عشت جيداً.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى