أخبار وتقارير

الجزائر: تخبط واضح في السياسات التعليمية

الجزائر- تخيل أنه بإمكانك الحصول على درجة الدكتوراه عبر مساق دراسي يستغرق تسع سنوات، أو عبر مساق آخر يستغرق 12 عاماً. كلا المسارين متاحيين لكن لا يلتقيان أبداً كما هو الحال في الجزائر.

فمنذ عام 2004، تبنت وزارة التعليم الجزائرية نظام التعليم الفرنسي المعروف باسم (أل أم دي) بهدف تحسين نوعية التعليم في البلاد. ففي أوروبا، تم اعتماد هذا النظام لإتاحة الفرصة أمام الطلاب للانتقال من بلد لأخر، حيث يستغرق الحصول على شهادة البكالوريوس ثلاث سنوات واثنتين للماجستير وثلاث للدكتوراه.

مع ذلك، يلقى هذا النظام في الجزائر انتقادات واسعة لحجة أن مدة الدراسة قصيرة جداً. إذ قوبل إعلان وزير التعليم العالي والبحث العلمي بتوحيد برنامج شهادة الدكتوراه الكلاسيكية مع برنامج دكتوراه للنظام (أل أم دي) بدءاً من الفصل الدراسي المقبل رفضاً قوياً من قبل الطلاب، الذين  طالبوا بإلغاء نظام  (أل أم دي) والعودة إلى النظام السابق.

قالت سميرة وعزيب، طالبة ماجستير أدب عربي والمنسقة الإعلامية لحركة الاحتجاج، “مطلبنا غير قابل للتفاوض، ولا يمكننا أن نكون كبش فداء لأخطاء الوزارة منذ إقرار نظام أل أم دي.”

وينظم طلاب وحاملو شهادة الماجستير الجزائريين غير المسجلين في الدكتوراه وقفات احتجاجية منذ شهر حزيران / يونيو الماضي رفضاً لقرار وزارة التعليم العالي. وقوبلت احتجاجات الطلاب بصد عنيف من قوات الأمن حيث تم اعتقال البعض منهم.

قالت وعزيب “نحن مستمرون في احتجاجاتنا السلمية، لأننا أصحاب حق، حتى وإن ذهبنا بقضيتنا لأروقة المحاكم.”

بحسب النظام التعليمي الكلاسيكي، يدرس الطالب لمدة أربع سنوات للحصول على الليسانس، وأربع سنوات للحصول على الماجسيتر وأربع سنوات للحصول على شهادة الدكتواره. كما لا يمكن للطالب دراسة الماجسيتر إلا بعد اجتياز امتحان خاص بكل تخصص، لكنه يسجل بطريقة تلقائية في الدكتوراه بعد حصوله على الماجستير. في المقابل، يدرس الطالب ثلاثة سنوات للحصول على الليسانس، وسنتين للحصول على الماجستير، وثلاثة سنوات للحصول على الدكتوراه ضمن برنامج (أل أم دي) ويلتحق بالماجسيتر بحسب معدل الدراسة خلال سنوات الليسانيس الثلاث دون امتحان.

لا يلقى نظام التعليم الجديد تأييداً واسعاً بين صفوف الأكاديميين أنفسهم. إذ يرفض عبد المالك رحماني، رئيس المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي ”كناس” توحيد النظامين، حيث قال “قرار الوزارة ارتجالي، ولا يجوز المعادلة التلقائية بين النظامين.”

في المقابل، يعتقد نور الدين غوالي، المدير العام للتعليم والتكوين في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أن قرار توحيد برامج دراسة الدكتوراه أمر أكثر من ضروري ولا مفر منه، خاصة وأن النظام معمول به في كل دول العالم.

قال “لابد من اعتماد نظام تعليمي واحد كما في كل دول العالم، نحتاج فقط إلى تعليمات مفصلة وجدول زمني للتطبيق لإزالة الغموض ومخاوف الطلاب.”

ويفضل غالبية الطلاب النظام التعليمي القديم نظراً لعدم شعبية النظام الجديد بين صفوف أرباب العمل.

قالت وعزيب “غالباً ما يتم إقصاء حملة شهادات أل أم دي من مسابقات الوظائف الحكومية، كما أن القطاع الخاص يفضل حملة شهادات النظام القديم لكونهم درسوا لفترة أطول في الجامعة.”

وكانت وزارة التعليم العالي قد وزعت استبياناً العام الماضي على رؤساء الجامعات للبحث في أسباب عدم نجاح نظام أل أم دي، كما نظمت عدة ندوات حوارية مفتوحة لمناقشة سبل تطوير النظام التعليمي للجامعات الجزائرية. وعلى الرغم من تصريح طاهر حجار، وزير التعليم العالي، سابقاً بأن إعتماد نظام الأل أم دي لم يسبقه تقييم مفصل لحالة الجامعات في الجزائر، ولم يأخذ بعين الإعتبار واقع التخصصات المحلية ولم يُدرَج في إطار مشاورات مع الطلاب والأساتذة والإداريين. إلا أنه أكد عدم وجود نية لإلغاءه.

مع ذلك، تعتقد هجيرة بن زيطة، طالبة ماجستير في كلية علوم سياسية في جامعة الجزائر أن الوزارة تسعى عبر دمج المسارين المختلفين إلى إنهاء قسري للنظام الكلاسيكي “دون حساب الضرر الذي سيلحق بالطلاب جراء ذلك.”

مؤخراً، وصل الجدال إلى أروقة مجلس الشعب الجزائري الذي دعى إلى استجواب وزير التعليم العالي حول الأسباب الموجبة لدمج البرنامجين. لكن وزير التعليم العالي سارع إلى إصدار بيان توضيحي يؤكد استمرار العمل وفق البرنامجين دون دمج حالياً حتى عام 2018، ليتم بعدها إعادة النظر بالقضية. لكن الطلاب يؤكدون استمرارهم في الاحتجاج حتى إلغاء نظام الأل أم دي.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى