أخبار وتقارير

نجاح “محدود” للبحوث في البحرين

المنامة – توصل باحثون في إحدى الجامعات الحكومية إلى اكتشاف بروتين يمكن توظيفه لمعالجة بعض الأمراض المستعصية، بما فيها الأمراض السرطانية. لكن البحث يواجه تحديات قد تعيق تحقيق النتائج العلاجية المتوقعة.

قال محمد الدهماني، عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الخليج العربي ورئيس الفريق البحثي بمركز الأميرة الجوهرة، “يحتاج تطوير دواء لعلاج السرطان إلى فترة زمينة لا تقل عن عشرة أعوام وقد تصل إلى 25 عاماً، كما يحتاج ميزانية لا تقل عن 500 مليون دولار أميركي وهذا بالطبع غير متوفر لدينا.”

تبلغ ميزانية البحث العلمي في البحرين 0.04 في المئة من الدخل القومي السنوي، ويبدو من الصعب- بحسب الدهماني- الحصول على دعم إضافي من المنظمات الدولية. قال “ينظرون للبحرين على أنها دولة نفطية ذات دخل المرتفع وبالتالي لا يوافقون على دعمنا ويطلبون منا التواصل مع الصناعات الصيدلية. وهو أمر شديد الصعوبة.”

وكان فريق من الباحثين برئاسة الدهماني قد نجحوا في إنتاج أول حيوان معدل وراثياً، لتطوير جين تم اكتشافه في الطحال أطلق عليه إسم “إسراء” لدراسة الرابط بين الجهاز العصبي وجهاز المناعة.

قام بخيت وزملائه بعزل الطحال وتقطيع الأعصاب منه لنموذجين من الفئران المعدلة وراثياً.

قال المعز بخيت، رئيس قسم الطب الجزيئي في جامعة الخليج العربي وأحد أعضاء الفريق البحثي، “يمثل المركب البروتيني (إسراء) حلقة وصل بين الجهاز العصبي المركزي وجهاز المناعة، يتم إفرازه بواسطة خلايا المناعة في الطحال بعد تلقي إشارة عصبية نتيجة لتحد مناعي.” موضحاً أنه لم يكن هناك دليل علمي في السابق يربط الجهاز المناعي بالدماغ.

ويعتقد بخيت أن فهم جهاز المناعة وكيف تتمكن الأورام الخبيثة من تجاوزه مفتاح أساسي للتوصل إلى علاجات جديدة للسرطان. ورغم صعوبة تطوير اكتشاف بخيت إلى دواء معين مضاد للسرطان على الفور، إلا أنه يقدم فرص جديدة للبحث عن علاج له ولغيره من الباحثين في مجال الأورام.

بدأ بخيت أبحاثه مبكراً قبل 25 عاماً، تحديداً عندما كان طالباً للدكتواره في جامعة كارولينسكا الطبية باستوكهولم. قال “حاولت فهم علاقة المخ، الجهاز الأكثر تنظيماً في جسم الإنسان، بتنبيه الجهاز المناعي.”

لإنجاز بحثه، قام بخيت وزملائه بعزل الطحال وتقطيع الأعصاب منه لنموذجين من الفئران المعدلة وراثياً، فتم في النموذج الأول استبعاد جين (إسراء) من الخلايا، ليتاح للفريق مقارنة وظيفة الجهاز المناعي للفأر المعدل وراثياً بالفأر الطبيعي، على مستوى القدرات المناعية. ثم تم تعريض النموذجين، الأصلي والمعدل وراثياً، لمجموعة من الأمراض، لاختبار فاعلية جهاز المناعة لديهما، ومعرفة ما إذا كانت وظائف جهاز المناعة قد تأثرت عند النموذج المعدل وراثياً باستبعاد جين (إسراء).

في عام 2008 وبعد ست سنوات من البحث المتواصل، نجح بخيث وفريقه البحثي وبدعم من جامعة الخليج العربي ومركز الأميرة الجوهرة الإبراهيم للطب الجزيئي والأمراض الوراثية التابع للجامعة من إنتاج أول نموذج لفأر معدل وراثياً بواسطة إعادة الهندسة الجينية. إذ تمكن الفريق، المكون من أربع باحثين، من إضافة جين يتولى وظيفة المراقب لجين “إسراء”. يفرز الجين “المراقب” بروتينات مشعة بشكل مباشر توضح الأمكنة التي يعمل فيها “إسراء” ومستويات عمله داخل الجسم.

يصف خالد جريش، أستاذ مشارك في قسم الأحياء الدقيقة والمناعة والأمراض المعدية بجامعة الخليج العربي، الاكتشاف بالفريد من نوعه مؤكداً أنه يمثل نقلة في مجال الكشف عن أسباب الإصابة بالسرطان.  قال “إن تزايد المعلومات حول وظائف البروتين ستزيد من فهم طبيعة الأمراض التي تتأثر بالجهاز المناعي مثل السرطان، فضلاً عن علاج عدة أمراض مناعية مستعصية العلاج، مثل التهابات القولون التقرحية.”

لكن الطريق مازال طويلاً أمام أبحاث الفريق الذي يسعى إلى اكتشاف وظيفة الجين وتأثيره على عمل الجهاز المناعي المرتبط بالجهاز العصبي وتطوير دواء لعلاج الخلايا السرطانية. وبالرغم من امتنان بخيت لدعم الجامعة، إلا أنه يدرك صعوبة الوصول إلى مرحلة إنتاج الدواء بدعم الجامعة وحدها.

قال الدهماني “لسوء الحظ، لا يضمن الباحثون في منطقتنا استمرار عملهم،”  مشيراً إلى أن غالبية الجامعات لا تدعم مشاريع بحثية لمدة أطول من خمس سنوات ” وهذا بالطبع لا يكفي لتحقيق أي إنجاز حقيقي.”

يحلم الدهماني بوجود منظمة عربية تدعم الأبحاث العلمية كمعهد ناشيونال ساينس فاونديشن، الذي تدعمه عدة حكومات ويملك ميزانية ضخمة لدعم فرق الابحاث العلمية في الجامعات. قال “يجب أن لا يقل الإنفاق على البحث العلمي عن 1 في المئة في ميزانيات الحكومات العربية، وإلا فإننا لن نتمكن من تحقيق أي تقدم.”
AddThis Sharing ButtonsShare to FacebookShare to TwitterShare to ارسال ايميل

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى