أخبار وتقارير

كيف يمكن حماية الطلاب من الأنظمة الدكتاتورية

مونتريال– في جميع أنحاء العالم، وعندما يحتج الناس ضد الحكومات التي لا تحظى بشعبية، غالباً ما يكون الطلاب في الصفوف الأمامية. قالت إنجا ماري نيامو ريسيث، مديرة صندوق مساعدة الطلاب والأكاديميين النرويجي الدولي، “الطلاب عوامل للتغيير. ولهذا كان الطلاب على الدوام، وعبر التاريخ، معرضين للهجوم بسبب ذلك.”

يركز الصندوق، الذي يتلقى معظم ميزانيته السنوية البالغة أكثر من 5 ملايين دولار أميركي من الحكومة النرويجية، على مساعدة الطلاب في مختلف البلدان ممن يتعرضون للاضطهاد بسبب تعبيرهم السلمي عن آرائهم التي تثير غضب السلطات. انضمت ريسيث إلى قيادات طلابية من عدة دول هنا في مونتريال في حزيران/ يونيو في حلقة نقاشية بعنوان “حماية حرية التعبير للطلاب”. ويعد الحدث مؤتمراً يعقد لمرة واحد كل عامين من قبل شبكة علماء في خطر، والتي تساعد الأكاديميين في جميع أنحاء العالم ممن تعرضوا للسجن أو التهديد بسبب التعبير عن وجهات نظرهم.

في مصر، لم يزعج الطلاب أنفسهم كثيراً بالإحتجاج على حكم الرئيس المصري القوي حسني مبارك الطويل الأمد – إذ بدا بأنه بالكاد يمكن أن يوجد شيء ليزيحه عن السلطة. لكن في عام 2011، وكحال العديد من جيرانها، إنتفض الطلاب المصريون في إحتجاجات واسعة، وأُجبر مبارك على التنحي.

لكن اليوم، وعوضاً عن الحصول على مزيد من الديمقراطية، يواجه الطلاب قمعاً لم يسبق له مثيل. فقد تم إعتقال آلاف الطلاب لمشاركاتهم في مظاهرات ضد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. فمنذ إستيلائه على السلطة في إنقلاب عسكري عام 2013، فرضت حكومته إجراءات صارمة وبلا رحمة على كل أشكال المعارضة لحكمه. وقد تم منح الطلاب والعلماء الذين تم إعتقالهم ظلماً وعدواناً جائزة من قبل شبكة علماء في خطر. (إقرأ المقال ذو الصلة: “المصريون يحصدون جائزة شجاعة الفكر المدافع.”)

قال زعيم طلابي تخرج لتوه من كلية الطب في مصر، وطلب عدم الكشف عن إسمه تجنباً للإعمال الإنتقامية، “لا يريد الطلاب سوى حياة طبيعية: أن يحصلوا على التعليم ويضمنوا وظائف جيدة. لكنهم الآن يواجهون نظاماً تعليمياً سيئاً للغاية وليس بإمكانهم التعبير عن أنفسهم بطريقة سلمية.”

وتقاسم القادة الطلابيون خبراتهم وملاحظاتهم، وناقشوا سبل مساعدة أقرانهم في العديد من الدول التي تواجه هراوات الشرطة، وزنازين السجون، وما هو أسوأ من ذلك بسبب التعبير عن رأيهم.

فيما وصف راكتشارت وونغ-آرتيتشارت، أحد أعضاء الحلقات النقاشية، والطالب الناشط من تايلاند، كيف يمكن لوجود مراقبين دوليين في بعض الأحيان أن يثني السلطات عن فض الأحداث المحظورة التي يقيمها الطلاب. حيث قال للمجتمعين “إن مجرد رصد أنشطتنا وتظاهراتنا مفيد للغاية.”

وقد عادت مخاوف الإجتماع إلى السطح بعد أسبوعين فقط، عندما تم إلقاء القبض على وونغ-آرثيتشارت عند عودته إلى تايلاند، إلى جانب 12 ناشط آخرين أثناء توزيعهم لمنشورات تنتقد مسودة الدستور التي طرحها المجلس العسكري الذي إستولى على السلطة قبل عامين. وهم الآن يواجهون تهماً عديدة، بما في ذلك “عقد إجتماع سياسي مؤلف من خمسة أشخاص أو أكثر”، والذي يتضمن حكماً بالسجن لفترة تزيد عن العشر سنوات.

وفي فنزويلا، كان الطلاب في طليعة المتظاهرين ضد حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، حيث يلقي عدد متزايد من النقاد اللوم على سياساته الإشتراكية في تعميق أزمة البلاد – مع معدل تضخم يقترب من 500 في المئة، وأعمال شغب بسبب الطعام في الأسابيع الأخيرة.

تم إختراق المظاهرات الطلابية المؤيدة لإجراء إستفتاء شعبي على عزل مادورو من قبل مجموعات صغيرة من البلطجية المدفوعين من الحكومة والذين قاموا بإثارة العنف، بحسب فابيو ل. فالنتيني، طالب الإقتصاد والمسؤول في الحركة الطلابية الوطنية في فنزويلا. وأضاف بأن الحكومة قامت بتنفيذ حملة من المضايقات والتهديدات بالقتل ضد النشطاء والقيادات الطلابية.

قال فالنتيني للمجتمعين، إنه وإلى حد ما، “نجحت الحكومة في تحقيق أهدافها، وقد تمكنوا من جعل العديد من الطلاب الذين شاركوا في إحتجاجات [سابقة] خائفين من الإنضمام للإحتجاجات اليوم.”

وفي مواجهة التهديدات والعنف من جانب حكومتهم، كان على الطلاب التوصل لإستراتيجيات جديدة بهدف مواصلة نضالهم. ففي مصر، عندما تقوم قوات الأمن بإعتقال الطلاب، فإنهم غالباً ما يطلبون من كل معتقل فتح صفحته على موقع فيسبوك “لمعرفة إذا ما كانت لديهم رسائل مناهضة للسيسي”، بحسب الزعيم الطلابي المصري، في إشارة للرئيس الحالي للبلاد. قال “لذلك يقوم الطلاب بحذف صفحاتهم على موقع فيسبوك في كل مرة يخرجون فيها للمشاركة في مظاهرة.”

ينشط الطلاب النرويجيون على وجه الخصوص في مساعدة أقرانهم الذين يتعرضون للإضطهاد في بلدان أخرى. في عام 1991، تم تأسيس جائزة الطالب للسلام على غرار جائزة نوبل للسلام المعروفة بشكل أكبر، والتي يتم منحها في النرويج أيضاً.

وتُمنح جائزة الطالب هذه كل عامين من قبل لجنة طلابية مستقلة “للطلاب أو المنظمات الطلابية التي تعمل على تعزيز السلام، وحقوق الإنسان، والديمقراطية.”

وقد أصبحت جائزة الطالب الأخيرة، في عام 2015، من نصيب آيات القرمزي، الطالبة البحرينية التي تم طردها من جامعتها وسجنها على خلفية قراءتها لقصيدة مؤيدة للديمقراطية في ميدان اللؤلؤة. وإنتقدت القصيدة حكم الملك حمد بن عيسى آل خليفة وطالبت بحقوق متساوية للشيعة في البلاد، الذين يشكلون 70 في المئة من السكان. قبل القرمزي، نال الجائزة ثمانية طلاب آخرين ومنظماتٍ طلابية من بورما، وتيمور الشرقية، وزمبابوي، وكولومبيا، وبورما/تايلاند، والصحراء الغربية، وكرواتيا، وإيران.

يدعم صندوق مساعدة الطلاب النرويجي برامجاً جامعية، معظمها في أميركا اللاتينية ودول جنوب أفريقيا، تهدف لتطوير المهارات القيادية في مواضيع من قبيل الحقوق الجنسية والإنجابية وفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (الأيدز). كما دفع الصندوق أيضاً أتعاب محامي حقوق الإنسان لمساعدة منظمة طلابية وطنية في كولومبيا، فضلاً عن دفع تكاليف حضور طلاب من مختلف البلدان لمؤتمراتٍ دولية.

وقبل خمسة أعوام، أطلق الصندوق حملة “طلاب في خطر”. وضغطت المجموعة على الحكومة، لينتهي الأمر بقبولها لإقتراح جلب الطلاب المضطهدين من جميع أنحاء العالم بهدف إستكمال دراستهم في النرويج. وفي الخريف الماضي، تم إطلاق برنامج تجريبي بالتعاون من 11 طالب أجنبي قادمين من أفريقيا والشرق الأوسط بشكلٍ أساسي.

قالت ريسيث، رئيسة الصندوق للمشاركين في المؤتمر، “لا تعني الفكرة أخذ الطلاب خارج بلادهم بهدف حمايتهم فحسب، بل تتضمن إرسال إشارات أيضاً بأننا لا نتساهل مع الإعتداءات التي تطال الطلاب.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى