أخبار وتقارير

ألمانيا تناقش مسألة إندماج السوريين

برلين –عقدت جسور، شبكة غير ربحية من السوريين، مؤتمرها الدولي السنوي الرابع في الرابع من حزيران/يونيو، بعنوان “السوريون كمواطنين عالميين: سبل النجاح في أوروبا.” وتضمن الإجتماع حلقتي نقاش، ركزت الأولى منهما على جهود التعليم العالي والتدريب المهني في ألمانيا، فيما ناقشت الثانية قضايا الإندماج وفرص العمل.

ومن بين البرامج الرئيسية للأولى منهما، برنامج “قيادة من أجل سوريا” الذي تنظمه الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي، DAAD، والتي توفر 200 منحة دراسية للسوريين. يسعى برنامج القيادة أيضاً لإطلاع السوريين على الحكم الرشيد والمجتمع المدني على أمل أن يكون المشاركون قادة سوريا في المستقبل.

ساهمت إثنتان من الولايات الفيدرالية في ألمانيا، ولاية شمال الراين-فستفالن وولاية بادن-فورتمبيرغ، في تقديم 71 منحة دراسية إضافية، ليصبح المجموع 271 منحة دراسية. قال كريستيان مولر، مدير قسم الإستراتيجية في الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي DAAD، “إنه رقم كبير بالنسبة لمنظمتنا، لكنه لا يمثل سوى شريحة صغيرة من الوضع.” وقال مولر إن الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي تلقت أكثر من 5,000 طلب على هذه الفرص العام الماضي. كما تقدم الهيئة أيضاً منحاً دراسية للسوريين الذين يعيشون في البلدان المجاورة لسوريا للدراسة في المنطقة العربية.

يشجع فلوريان كوشتال من جامعة برلين الحرة (FU) المتقدمين السوريين للنظر إلى برامج دراسية غير الطب الذي يحظى بتقدير عال في وطنهم وأن ينظروا إلى مجموعة كاملة من الخيارات. قال كوشتال “هنالك أكثر من 100 برنامج في جامعة برلين الحرة، والعديد منها ملائم جداً ليلبي إحتياجات الأفراد. لكن من المهم أن تقدم الجامعات للطلاب الإرشاد الصحيح.”

قال مولر إن السوريين غالباً ما يتجاهلون التدريب المهني الألماني الذي لا يؤدي للحصول على شهادة جامعية، بما في ذلك برامج من قبيل العلاج الطبيعي التي تحظى بتقدير كبير في سوريا.

كما حث بشار باكرلي، أحد خريجي الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي DAAD من سوريا، والذي يعيش في ألمانيا منذ ثمان سنوات، الطلاب على “التحرر” من الضغوط الإجتماعية للشهادات المرغوب بها في بلادهم.

قال باكرلي للمشاركين في المؤتمر “أنت بحاجة لإعادة تعريف النجاح – فهو لا يعني ما تدرسه فحسب.”

https://www.bue.edu.eg/

وناقش المتحدثون أيضاً التحديات التي تواجه السوريين عند وصولهم إلى ألمانيا، بما في ذلك صعوبات الإعتراف بمؤهلاتهم، والفترة الزمنية الفاصلة بين وصولهم والوقت الذي سيتمكنون فيه من البدء بالدراسة. بدورهم، قال الطلاب السوريون المشاركون في المؤتمر إن إجراءات اللجوء يمكن أن تكون قد تحسنت. فيما قال البعض إن دروس اللغة المقدمة كجزء من برنامج الإندماج التعليمي الذي تديره الحكومة الألمانية ليست كافية أو سريعة بالقدر الكافي.

قال إياس عدي، سوري يقضي شهره الأول في ألمانيا، “تتضمن إجراءات اللجوء الكثير من الوقت الضائع. إنها فترة ليست مثمرة أبداً”.

كما إشتكى الطلاب السوريون أيضاً من كون مصادر التمويل التقليدية قد قطعت عنهم: حيث أن منح إيراسموس لم تعد تقدم للطلاب في الجامعات السورية بهدف الدراسة في أوروبا. فقد تم قطع البرنامج العام الماضي. قال عمار سيفو، الطالب المتطوع مع جمعية الباحثون السوريون، منظمة سورية تطوعية تشجع على العلم، “كانت منح إيراسموس جيدة جداً في المساعدة في التغلب على عقبات التمويل والإعتراف، وقد نظمت “رفاق إيراسموس” لتسهيل الإتصال مع الطلاب المحليين.”

أما فنسنت تسيمر من جامعة كيرون، وهي جامعة مجانية عبر الإنترنت مخصصة للاجئين بدأت عملها في ألمانيا العام الماضي، فقال إن مجموعات مثل كيرون كانت تضغط على المفوضية الأوروبية لإيجاد منح دراسية للاجئين، وبأنه كان من المتوقع أن تقوم المفوضية بإتخاذ القرار في خريف هذا العام.

فيما ركز المتحدثون في الحلقة النقاشية الثانية على التطوير الوظيفي. حيث بدأ متطوعون من شركة سيكريت إسكيبز Secret Escapes، وهي شركة رحلات سياحية مرفهة، بالعمل مع اللاجئين لمساعدتهم في كتابة سيرة ذاتية قابلة للتسويق باللغة الألمانية. حيث ساعدت الشركة 20 شخصاً في كتابة سيرتهم الذاتية، وعثر حوالي خمسة منهم على عمل. قال يروين فان مارله، “في بعض السير الذاتية، أقنعنا المرشحين للعمل بإدراج “الهروب” كواحد من مهاراتهم.” مشيراً إلى أن النجاة من تلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر إلى أوروبا تدل على الصلابة والمثابرة – وهي مهارات شخصية يمكن أن تروق لأصحاب العمل.”

وأضاف  فان مارله أن العديد من السير الذاتية تلك منشورة على موقع Workeer، وهو سوق عمل عبر الإنترنت يستهدف على وجه التحديد إيجاد تلاؤم بين اللاجئين وأرباب العمل المهتمين.

بدوره، قال ماكس كليسين، من إتحاد الغرف الألمانية للصناعة والتجارة (DIHK)، “إن العمل مع الشركات المنفردة كان ضرورياً للتغلب على ممانعتها لتوظيف اللاجئين.” وأضاف كليسين بأنه قد عمل مع العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في ألمانيا بهدف تقديم أرباب العمل المحتلمين للمناسبين من الباحثين عن عمل، مثل المهندسين السوريين. في هذه الحالات، أدت سلسلة من النقاشات بين السوريين وأصحاب العمل من الألمان في بعض الأحيان إلى تقديم فرصة عمل ما أن يتم بناء الثقة.

ومن العقبات الأخرى التي تواجهها وكالات التوظيف الحكومية في ألمانيا الخليط غير المتجانس على نحو متزايد من مؤهلات اللاجئين. فبينما كانت الموجات السابقة من اللاجئين السوريين في كثير من الأحيان ممن يمتلكون مؤهلات عالية، فإن مستويات التعليم والمهارات للوافدين الأحدث قد إنخفضت، مع وصول العديد ممن يفتقرون إلى الشهادة الثانوية، بحسب رينوش.

لكن بعض المجموعات في برلين تعمل لتغيير هذا الواقع.

وما بين الحلقتين النقاشيتين كانت هنالك سلسلة من “خطابات البرق” المؤلفة من سبع دقائق على غرار محادثات TED، قدم فيها رجال الأعمال والنشطاء الثقافيين أفكارهم وإستراتيجياتهم لمساعدة الشباب السوري في الإندماج بشكل أفضل. يسعى برنامج “لاجئون على قضبان السكك الحديد” Refugees On Rails لمساعدة السوريين وغيرهم من اللاجئين لتلبية متطلبات سوق العمل اليوم. وبحسب معاذ القدسي، الطالب السوري الذي يدرس علوم الحاسوب في الجامعة التقنية ببرلين والذي ساهم في تأسيسها، فإن برنامج Refugees On Rails يعلم اللاجئين مهارات البرمجة وتطوير البرمجيات المرغوبة بشكل كبير. كما يعمل البرنامج أيضاً مع المنظمات التطوعية لإعطاء الطلاب أجهزة كومبيوتر محمولة تم التبرع بها.

قال القدسي “في الوقت الحالي، نحن نعمل مع أكثر من 100 طالب وطالبة من سوريا وإيران وأماكن أخرى، مع وجود ما يقرب من 20 متطوع من الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل. ولكونها قد تأسست في برلين، فقد عقدت منظمة Refugees On Rails منذ ذلك الحين “لقاءات غير رسمية” في مدن ألمانية أخرى. وقال القدسي إن المنظمة تخطط أيضاً للتوسع في الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية أخرى قريباً.

لاحظ بعض المشاركون في الإجتماع غياب الطلاب، لاسيما الطلاب الألمان في المؤتمر، قائلين إن وجودهم مهم جداً لمشاركة خبراتهم. كما قال المشاركون بأن الجامعات الألمانية مهتمة بإدماج الشباب في مؤسساتها لكنها محتارة بشأن كيفية الوصول إلى الوافدين الجدد. لكن هذه الفجوة تعمل في كلا الإتجاهين.

يسعى كنان ملهم، 26 عاماً، المهندس المعماري من سوريا للتسجيل في برنامج لدراسة الماجستير في خريف هذا العام. لكن التحدي الرئيسي الذي يواجهه يتمثل في تلبية جميع متطلبات التقديم. حيث قال إن طلب مساعدة من المؤسسات الألمانية مثل DAAD  والجامعة الحرة أمر ضروري.

تتفق عزيزة عثمان، المؤسسة المشاركة وعضوة مجلس إدارة جسور مع ذلك.

قالت “لقد علمنا بأن هنالك إنعدام تواصل بين المنظمات الألمانية والسوريين.” حيث كان الطلاب يطالبون بخدمات مثل دروس عبر الإنترنت باللغة الألمانية وعن ربطهم بموجهين من دون أن يعرفوا بأن المنظمات تقدم مثل هذه الخدمات بالفعل.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى