أخبار وتقارير

مسار جديد لبحوث الشعاب المرجانية في الخليج

حدد بحث جديد تم إجراؤه في الحاجز المرجاني العظيم الجينات المحددة التي تمتلك القدرة على جعل الشعاب المرجانية هناك مقاومة للتغيير البيئي. ويأمل علماء الأحياء البحرية في العالم العربي في القيام بذات الشيء في الشعاب المرجانية في منطقة الخليج.

تعمل إيميلي هويلز، أحد العلماء المشاركين في إجراء البحوث في أستراليا، في جامعة نيويورك في أبو ظبي الآن، حيث قامت بتشكيل فريق مع ديفيد أبريغو في جامعة زايد. ويعمل الباحثان الآن على عينات من الشعاب المرجانية في منطقة الخليج بهدف العثور على الجينات المسؤولة عن إيجاد مقاومة لإرتفاع درجات الحرارة. ومن شأن مثل هذا الإكتشاف أن يحسن من جهود الحفاظ على الشعاب المرجانية في المنطقة، بحسب العلماء. فإذا ما تمكن الباحثون من إختبار مقاومة الكائنات الحية في الشعاب المرجانية لإرتفاع درجة حرارة المياه، سيكون في إمكان المسؤولين في مجال البيئة عندئذ تركيز جهود المحافظة على الشعاب المرجانية التي تمتلك فرصة أفضل في أن يتم إنقاذها.

قالت هويلز “على سبيل المثال، إذا كنت تريد الحصول على محمية بحرية، سيكون بإمكاننا إستخدام علم الوراثة لتصميم حدودها. وبهذه الطريقة سيكون في إمكاننا التأكد من إمتلاكها لأكبر عدد من الشعاب المرجانية المقاومة.”

بإمكان مثل هذه الجهود أن تساعد أيضاً تجديد أنظمة الشعاب المرجانية التي تعاني حالة من التدهور. قالت هويلز “إذا ما كنا سنقوم بإجراء عمليات زرع، فإننا لا نريد أن نأخذ أية شعاب مرجانية قديمة. فمن الناحية المثالية، سنرغب في إختيار الكائنات المقاومة بشكل تفضيلي.”

غالباً ما توصف الشعاب المرجانية على أنها الغابات المطيرة للبحار، حيث أنها تشكل موطناً لمجموعة متنوعة بشكل لا يصدق من الكائنات والنباتات – من الممكن أن تصل إلى تسعة ملايين نوع مختلف – التي تبني مواطنها البيئية حول الشعاب المرجانية. تستضيف الشعاب المرجانية كل هذا التنوع البيولوجي على الرغم من كونها تشغل مساحة 0.2 في المئة فقط من قاع المحيط.

يُجري العديد من العلماء أبحاثاً حول إمكانية إستخدام المواد الكيميائية التي تنتجها الكائنات الحية في الشعاب المرجانية في صناعة الأدوية. كما أن للشعاب المرجانية أهمية إقتصادية أيضاً، من خلال جذب السياح ودعم الصيادين. وتضع بعض التقديرات المساهمة الإقتصادية العالمية للشعاب المرجانية في حدود عشرات المليارات من الدولارات سنوياً.

لكن الكائنات التي تعيش في الشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم تشهد تدهوراً سريعاً. ففي الفترة الواقعة ما بين خمسينيات القرن الماضي ونهاية القرن العشرين، خسر الكوكب ما يقرب من 30 في المئة من الشعاب. ويعتبر الإرتفاع المستمر في درجة حرارة مياه البحر الخطر الرئيسي الذي تواجهه. لكن التغيرات في درجة الملوحة، والتطوير العمراني، لاسيما في المنطقة العربية، وتحمض المحيطات الناجم عن التلوث تسهم أيضاً في قتل المرجان.

وليس الأمر سهلاُ بالنسبة للشعاب المرجانية في منطقة الخليج والبحر الأحمر، لأن درجات الحرارة في هذه البحار قد تكون أعلى ما يمكن لشعاب مرجانية أن تتحمله. فمن غير المرجح أن تبقى كتلة مرجانية من البحر الكاريبي على قيد الحياة إذا ما تمت زراعتها في منطقة الشرق الأوسط.

وهذا هو ما يجعل من الشعاب المرجانية في المنطقة الأكثر أهمية للدراسة. قال أبريغو “تبدو هذه المنطقة تقريباً مثل كرة بلورية للتنبؤ بما قد يحدث في أي مكان آخر.”

وأضاف أبريغو “ربما يكون هنالك أساس جيني لسبب تواجد هذه الشعاب المرجانية في الخليج. نحن بحاجة للتقدم خطوة أخرى والقيام بما قامت به إيميلي وزملاؤها في أستراليا.”

قام زملاء هويلز بتحليل عينات من الشعاب المرجانية التي تم جمعها من الحاجز المرجاني العظيم في ظل ظروف إعتيادية وظروف مجهدة بيئياً على حد سواء. كما أجرى فريق البحث أيضاً تجارب في المختبر قاموا فيها بزيادة درجة حرارة المياه بهدف إجهاد العينات المرجانية.

وقام الباحثون بمقارنة التركيب الجيني للشعاب المرجانية التي عانت أقل ما يمكن في السيناريوهات الثلاثة. وبحثوا عن التداخلات المستمرة لتحديد إذا ما كانت جميع الشعاب المرجانية تشترك في نسخة محددة من جينات معينة. وإذا ما كان الأمر كذلك، سيصدر العلماء نظرية بخصوص كون تلك الجينات مسؤولة عن المقاومة الوراثية لإرتفاع درجات الحرارة.

وفي ورقة بحثية نشرت الإسبوع الماضي في مجلة “ساينس أدفانس” Science Advances، حددت هويلز إثنين من هذه الجينات. وترتبط هذه الجينات بإنتاج مضادات الأكسدة. قالت هويلز “يتسبب الإجهاد في قيام الخلايا بإنتاج ما يعرف بإسم أنواع الأوكسجين التفاعلية، والتي يمكن أن تلحق الضرر بالأنسجة والحمض النووي. ومن أجل أن تتم مقاومة ذلك فإنك بحاجة لمضادات الأكسدة.”

ولما كانت هويلز قادرة على العثور على ذات النوع من الجينات في أوساط الشعاب المرجانية المقاومة للإجهاد في كل من السيناريوهات الثلاثة، فقد منح هذا أبريغو الثقة في أن الجينات الصحيحة قد تم تحديدها.

قال أبريغو “إن ملاحظة هذا الشيء في المجال شيء وإظهار ذلك في المختبر شيء آخر. وهذا أمر مهم للغاية عندما نتحدث عن علم الوراثة.”

وقد أظهرت الأبحاث السابقة التي أجراها أبريغو بأن في إمكان الشعاب المرجانية المتضررة الدخول في حلقة مفرغة. وبين بأن الأحياء البحرية تتجنب الشعاب ذات الحالة الصحية المتدهورة، مما يزيد من صعوبة قدرتها على التعافي. (أنظر المقالة ذات الصلة: إنقاذ الشعاب المرجانية في الخليج قد لا يكون ممكناً.)

ولهذا السبب يريد أبريغو وهويلز تكرار الأبحاث التي أجريت في أستراليا مع أنواع المرجان المحلية في الخليج والبحر الأحمر. يمكن للمعرفة الوراثية الخاصة بالشعاب المرجانية في المنطقة أن تمنع الشعاب من الدخول في هذه الدوامة من التدهور أو أن تجعل إنسحابها منها أسهل.

قال أبريغو “لقد وفرت الدراسة الأسترالية لنا خارطة طريق للقيام بذلك، ويمكن لها أن تساعدنا في معركة الدفاع مرة أخرى.”
AddThis Sharing ButtonsShare to FacebookShare to TwitterShare to ارسال ايميل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى