مقالات رأي

مركز للأبحاث في دريسدن يفوق كل التوقعات

يأتي هذا المقال ضمن سلسلة مقالات حول زيارة الصحافيين العرب لمراكز الأبحاث في ألمانيا الشرقية. جاء المقال الأول بعنوان ألمانيا الشرقية بعيون مصرية والثاني بعنوان “مدينة من نور” تضيء البحوث المعاصرة.

تتمتع مدينة دريسدن بسحر كبير نظراً لموقعها على نهر آبي وكثرة المواقع التاريخية والمتاحف والمعارض الفنية والكنائس الجميلة فيها.

لكنني ذهبت إلى دريسدن مع بعض المخاوف. فنظراً لكوني عربية مسلمة وترتدي الحجاب، لم أتوقع أن أرتاح في مدينة تُعرف بأنها معقل للنازيين الجدد والأحزاب السياسية اليمينية الرافضة لوجود اللاجئين والمسلمين.

لذا أصابتني الدهشة لرؤية جلسة حول “مساعدة اللاجئين في الجامعة التقنية في دريسدن” كجزء من برنامج جولة مجموعة من الصحفيين في ألمانيا والذي شاركت به.

في الجامعة التقنية، سمعنا عن برنامج مساعدات اللاجئين بدأ في الحرم الجامعي في أب/ أغسطس الماضي مع ثلاثة مخيمات للاجئين. اليوم يستضيف البرنامج 300 شخص، معظمهم من العراق وسوريا. تدار المخيمات من قبل الصليب الأحمر الألماني، بمساعدة 600 متطوع يديرون أنشطة متنوعة مثل دورات تعلم اللغة الألمانية، وتقديم ملابس شتوية، وهدايا عيد الميلاد للأطفال.

علمنا أن العديد من الجامعات الألمانية الأخرى لديها برامج مماثلة.

قال هانز جورج كراوتهاوز، نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية والدولية، “لا توجد سياسة رسمية بعد لقبول اللاجئين كطلاب في الجامعة، لكننا نتيح لبعض اللاجئين حضور غير رسمي للدورات. حالياً، يوجد لدينا 34 طالب وطالبة كضيوف، منهم 20 من سوريا.”

تخطط الجامعة في المستقبل إلى توسيع مساعدتها للاجئين لتشمل برامج التوجيه ومكتب لتقدم النصح للاجئين بخصوص البرامج الدراسية والدرجات العلمية.

وحيث أن أحد زملائي الصحفيين بدا متشككاً حول إمكانية تحقيق ذلك فعلياً، فقد طلب معرفة المزيد عن برنامج مساعدة اللاجئين خارج أسوار الجامعة.

أقر كراوتهاوز أن آراء بعض المواطنين الألمان تجعل الموضوع صعباً بالنسبة للجامعة وغيرها من المؤسسات البحثية المحلية.

قال “الوضع صعب لكون دريسدن مكان فيه أقلية، لكنها ذات صوت قوي جداً، ضد اللاجئين والمسلمين، وهذا جزء من الواقع.” وأضاف متعاطفاً، “لا يبدو هذا مناسباً لمدينة علوم مثل دريسدن ، فالعلم الدولي.”

إلى جانب برنامج مساعدة اللاجئين، تقدم الجامعة برنامجاً لدعم الشراكة مع العلماء الأجانب يتضمن أنشطة ثقافية، ومشاورات التطوير الوظيفي وفعاليات تتعلق ببناء المجتمع.

حتى الآن ساعدت الأنشطة المشاركين من العلماء أو طلاب الدوليين على تكوين صداقات فيما بينهم وليس بينهم وبين مواطني دريسدن.

يأمل غابرييل فيلر منسق لبرنامج الخدمات المهنية المزدوجة للعلماء الدولي، بجلب المواطنين والأجانب معاً من خلال أنشطة مختلفة في المستقبل. قال “لكن لغة وسوء الفهم المتبادل يشكلان عائقاً.”

قضينا بقية اليوم بجولة في دريسدن مع دليلنا المحلي غونتركيب، كما مشينا في وسط المدينة الذي تم تجديده. وتراجعت كل مخاوفي من التمييز. إذ لاقينا ترحيباً حاراً في كل مكان زرناه تقريباً. كما التقينا مجموعة من المتطوعين المحليين لتدريس اللغة الألمانية للاجئين من أفغانستان وباكستان في فضاء مفتوح تابع لمبنى تاريخي.

انتهت الرحلة بعشاء وداعي جميل. ونظراً لوجود 15 صحافياً من 15 دولة مختلفة، بالإضافة إلى المضيفين الألماني، فقد قضينا الليل في مناقشة الاختلافات الثقافية والضحك على بعض الكليشيهات المرتبطة بلداننا.

كانت الرحلة مفيدة للغاية. تعلمت الكثير عن واقع الأبحاث الألمانية، والتقيت مجموعة لطيفة جداً من الأشخاص مع الكثير من الضحك من القلب وكسرت صورة نمطية أو ربما اثنتين خلال الرحلة.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى