أخبار وتقارير

صعوبات تواجه إجراء بحوث تحلية المياه في المنطقة

الدوحة— في عام 2003، بدأ عادل شريف العمل على مشروع لتغيير الطريقة التي تتم بها تحلية مياه البحر. فعوضاً عن ضغط الماء بإستخدام الأغشية، التي تفصل المركبات المالحة، فكر بسحبه. حققت الفكرة، قبل الشروع في بناء محطات تحلية المياه، عشرات الملايين من الدولارات في سوق الأسهم البريطانية ولفتت انتباه الأغنياء والمسؤولين في قطر.

اليوم، يشغل شريف منصب مدير الأبحاث في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة في مؤسسة قطر. إذ يعمل على تطوير البحوث المربحة والمبتكرة كجزء من استراتيجية قطر لبناء اقتصاد المعرفة وليس فقط المعتمد على النفط. يُعتبر مفتاح إنجازاته، بحسب زملائه، قراره الصبور والذي تم اختباره منذ انتقاله إلى الدوحة قبل أكثر من  عامين.

يعتقد شريف أن تحلية مياه البحر من خلال الضغط العالي وبإستخدام غشاء أمر مكلف. إذ يتعين إستبدال الأغشية بشكل مستمر نتيجة الأضرار التي تلحق بها من عملية الضغط، الأمر الذي لايبدو مثالياً.

في المقابل، يحدث سحب المياه فرقاً. يفضل شريف شرح ذلك بإستخدام تشبيه السجائر. قال “أنا لا أدخن، لكن عند سحب الدخان فإن  المقاومة ستكون أقل مما لو كنت أنفخ في السيجارة.”

إستناداً إلى هذا المبدأ، كان شريف على يقين من وجود وسيلة لسحب المياه عبر الأغشية بشكل لا يضر بها كثيراً.

عمل مارتن باكستون هور مع شريف في جامعة سري، حيث تم إجراء بحوث لتطوير هذه الفكرة. ويعتقد أن دافع شريف يكمن في معرفته الشخصية بأهمية توفير المياه العذبة في العالم العربي، قال “بالنسبة له فإن القضية تكمن في تحقيق فارق حقيقي.”

تعود أصول شريف إلى العراق، حيث نشأ وترعرع في بلدة قرب مدينة بابل القديمة على مقربة من ضفاف نهر الفرات، لذلك فهو يعرف الكثير عن أهمية وضرورة وجود إمدادات مستقرة لللمياه العذبة في المنطقة.

اليوم، تواجه العديد من الدول العربية مشكلة ندرة المياه. لكن القادم أسوأ. إذ تحتل العراق و14 دولة عربية أخرى مراكز بين أكثر 30 دولة تعاني ضغوطاً بسبب المياه بحلول عام 2040، وفقاً لمعهد الموارد العالمية.

يشغل باكستون هور منصب مدير نقل التكنولوجيا في جامعة سري، وهو المسؤول عن تسويق المشاريع البحثية الخام وتحويلها لتكنولوجيا كمشروع شريف. إنها عملية تفشل غالباً أكثر مما تنجح، بحسب ما يقول “نقدم أربعين اختراعاً في العام، لكن في نهاية العام ثمانية فقط تحظى بفرصة للتنفيذ. كلما كنت مبتكراً، كلما ارتفعت نسبة الفشل.”

لكن ذلك لم يحد من طموحات شريف، إذ ربما لايعنيه تحقيق مكاسب مالية.

قال باكستون هور “المال ليس دافعه، كما أنه ليس دافع معظم الأكاديميين. مع ذلك، عندما يحين موعد التفاوض، فإنه سيحصل على ما مناسب.”

يقع مكتب شريف على قمة إحدى ناطحات السحاب في الدوحة مما قد يشير إلى ملايين الدولارات التي ساعد في جلبها. زينت جدران المكتب من دون أي بهرجة زائدة، لكن يعصب تصديق أنه أمضى عامين ونصف في هذا المكتب. بعد تقديم براءة اختراع أولية، فاز شريف بجائزة من جمعية بريان ميرسر الملكية البريطانية للإبداع في العلوم والتكنولوجيا حيث حصل على 250 ألف جنيه إسترليني ليقوم لاحقاً مع  باكستون هور بتأسيس شركتهم الخاصة بإسم المياه الحديثة.

يحرص شريف بشكل مفرط على عدم نسب المشروع له بصورة كاملة. قال “تلقيت دعماً من عدة أشخاص في جامعة سري، لقد ساعدوني في المضي قدماً في البحث ولاحقاً في تسويقه.”

خلال سبعة أشهر من بدء العمل، تم طرح المشروع في سوق الأسهم حيث بيع 40 في المئة من الشركة مقابل 32 مليون جنيه إسترليني.  لم يكن شريف قادراً على الانتظار أكثر لاستثمار المال، قال “كنا قادرين على بناء أول محطة تجاري للتكنولوجيا في جبل طارق.”

لاحقاً، تم إنشاء مرفق مماثل في سلطنة عمان.

لم يمض وقت طويل قبل أن يبدأ الناس في أماكن أخرى بملاحظة نجاح شريف. في عام 2010، كانت الشيخة موزة بنت ناصر المسند، رئيسة مؤسسة قطر، في المملكة المتحدة في زيارة رسمية مع زوجها، الذي كان آنذاك أميراً للبلاد. والتقت شريف في حفل الاستقبال الذي نظمته الجمعية الملكية. قال متذكراً “قدمني شخص لها بوصفي عالم بريطاني، لكنها قالت لا، إنه واحد منا.”

لا تزال المياه قضية رئيسية بالنسبة لدولة قطر، خاصة مع وجود رغبة  في جني عائدات من المبادرات البحثية. لهذا قدمت الشخة موزة لشريف فرصة للعمل كمسؤول عن برنامج الأمن المائي.

كانت التوقعات كبيرة. قال “كان علي أن أقوم ببحث مماثل يلقى ذات الإعجاب.”

لكن منذ وصوله إلى الدوحة بدت الإدارة غير فعالة ولم يساعد جو المكتب في تحقيق نتائج كبيرة كما يعتقد. قال “هناك سياسة داخلية في كل مكان، لكن هنا الكثير من القرارات الإدارية التي تعوق العمل.”

لم يمنع ذلك شريف من تحقيق أهدافه، بحسب باكستون هور الذي قال “لكونه شديد التركيز  فهو لن يدخل في لعبة السياسة. قد لايفيد ذلك في بعض الأوقات في قطر.”

لكن ثقة الشيخة موزة تعني أن شريف قد تمكن من تجاوز الأمر. قال باكستون هور، “إذا لم يكن قد حظي بذلك، كان الأمر انتهى.”

مع ذلك، يبدو أن صبرها قد بدأ بالنفاذ. فمنذ وصوله قبل عامين ونصف، يصعب ترتيب لقاء معها بحسب شريف، حتى أنه نادراً ما يراها. في المرة الأخيرة التي التقاها، قالت إنها توقعت أن يعلن تحقيقه تقدماً كبيراً. لايبدو الأمر غريباً في دول الخليج، حيث يجتمع البطء في إنجاز العلوم والابتكار مع نفاد صبر المسؤولين الحكوميين.

قال “لسوء الحظ كان لي أن أشرح أن هذا لايعمل تماماً. إنه أمر محبط.”

إذا أرادت قطر لبناء اقتصاد المعرفة، وتكرار هذا النوع من الشركات المستلهم من جامعة سري، فعليهم أن يكونوا أكثر صبراً بحسب باكستون هور، الذي عمل سابقاً في الخليج.

قال “إنها ليست لعبة حيث يمكنك اختيار الفائزين في وقت مبكر. عليك أن تكون مستعداً للفشل. لكنهم راغبون بالحصول على النتائج بسرعة.”

يؤمن شريف بهذه الفلسفة، لكن باكستون هور يعتقد أن زميله السابق مثابر. قال ” لن يخشى الاعتراف بأن الأمر مستحيل أو أنه لن يتم بشكل معين. إنه يقول ما يعتقد به وبهذا المعنى فإنه لا يعرف الخوف.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى