أخبار وتقارير

دراسة جديدة تبحث في أسباب إحباط الشباب العربي

عمان— على الرغم من مشاركة الشباب الواضحة في الحركات الاحتجاجية التي ظهرت في منطقة الشرق الأوسط في عام 2011 ، إلا أن دور الشباب يشهد تراجعاً يصل لمرحلة الإحساس بالعجز، بحسب بحث إقليمي جديد.

ففي جميع أنحاء المنطقة، يعاني الشباب النازحين والمحليين من انعدام الفرص، والتحرش والاستغلال والتمييز إضافة إلى قيود متزايدة على الحركة. كما أنهم يشعرون أنهم لايحصلون إلا على القليل من المساعدة من السلطات الحكومية والمسؤولين عن الاستجابة الإنسانية للأزمات الحالية وذلك بحسب دراسة حملت عنوان “المستقبل في الميزان” نشرت الأسبوع الماضي من قبل مجلس النرويجي للاجئين.

تقول الدراسة أن غالبية الشباب الذين تمت مقابلتهم يعتقدون أن الجيل الأكبر يتخذ القرارات بالنيابة عنهم. كما تشعر النساء غالباً بالضعف على نحو مضاعف نتيجة للفجوة بين الجنسين في العديد من الدول العربية. وبحسب الدراسة، فإن فرص إنخراط الشباب في الأنشطة الاجتماعية والمدنية، كالعمل التطوعي، قليلة رغم مايتمتعون به من طاقة إيجابية وإبداع يمكن أن يسهم في تنمية مجتمعاتهم.

قالت لورا مارشال، مديرة برنامج الشباب والتعليم في مجلس اللاجئين النرويجي في الأردن في بيان صحفي، “النتائج التي حصلنا عليها ليست غريبة، لكن إذا تم تجاهلها، فإن العواقب ستكون مروعة.” واضافت أن “الشباب العربي يواجه حواجز متزايدة في التعليم والعمل مع فرص محدودة جداً للإنخراط في الحياة الاجتماعية والمدنية. كل هذا يدفعهم للظل مع الشعور بفقدان السلطة والإحباط، نحن جميعاً نواجه خطر فقدان جزء واسع من رأس المال البشري الذي يشكله هذا الجيل.”

يمتلك كل بلد ظرفاً خاصاً، مع ذلك فقد وجدت دراسة المجلس النرويجي للاجئين أن معظم اللاجئين السوريين يفكرون في مغادرة البلاد التي تستضيفهم أياً كانت بسبب المضايقات التي يتعرضون لها وعدم السماح لهم بالحصول على إقامة رسمية فضلاُ عن قلة فرص التعليم والعمل. إذ قال غالبية اللاجئين إنه” لايوجد مستقبل لنا هنا” و “فقدنا الأمل” في جميع البلدان التي شملها المسح.

يتسبب غياب الفرص بدفع الغالبية للبحث عن المال بهدف السفر إلى أوروبا على الرغم من المخاطر هائلة. وكان لافتاً أن الشباب من سكان هذه الدول يشاركون اللاجئين إحباطاً مماثلاً.

قالت سالي ورد، المديرة الإقليمية لبرنامج التعليم العالي الدولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الثقافي البريطاني في رسالة إلكترونية، “أعتقد أنه التقرير الأكثر شمولية حتى الأن لكونه مكتوب من وجهة نظر اللاجئين الشباب والمحليين. إنه يبين بوضوح أن الحرب أثرت بشكل هائل على الشباب سواء من يحملون وثائق رسمية أو من لايحملونها.”

أُجريت الدراسة في الربع الأخير من العام الماضي، وغطت أربعة مجالات رئيسية هي: الحماية والتعليم والفرص الاقتصادية والمشاركة الاجتماعية. وسلطت الضوء على تجارب أكثر من 500 شاب وشابة في الأردن ولبنان وتركيا والعراق، من خلال عقد جلسات نقاشية وإجراء مقابلات متعمقة.

يضم التقرير أيضاً أصواتاً لشريحة واسعة من الشباب المحليين واللاجئين. إذ جاء في الدراسة على لسان شاب سوري يبلغ من العمر 17 عاماً “في سوريا كنا نفكر في المستقبل. اعتدنا على التفكير بأن نكون أطباء أو معلمين. الآن كل ما نفكر فيه هو كيفية إطعام عائلاتنا. حملنا ثقيل وأكبر من من عمرنا.”

وعلى الرغم من صغر حجم العينة التي شملتها الدراسة نسبياً، إلا أن إنجاز التقرير لم يكن بالأمر السهل.

قال مارتن هارتبرج المستشار الإقليمي للحماية والمناصرة في المجلس النرويجي للاجئين، “كان التحدي الأبرز في نطاق البحث الذي شمل عدة دول. دراستنا نوعية وليست كمية، فهي لا تضم البيانات التي يبحث عنها الصحافيون وصناع السياسات. لكنها تهدف إلى إبراز أصوات الشباب وتمكينهم من التعبيرعن أنفسهم وشرح التحديات التي تواجههم، وكيف يرغبون في الانخراط بشكل إيجابي في المنطقة في حال سنحت لهم الفرصة.”

تستعرض الدراسة حياة ريم، إمرأة سورية أرملة تبلغ من العمر 20 عاماً، والتي غادرت سوريا بعد سجن زوجها من قبل النظام، ومن ثم فقدته في غارة جوية. اليوم، تعيش ريم في جنوب لبنان مع عائلتها الكبيرة في شقة صغيرة وبدخل محدود جداً من أعمال بدون تصاريح نظامية. ترغب عائلة ريم بتزويج شقيقتها الصغرى البالغة من العمر 13 عاماً لعدم قدرتهم على إعالتها.

مع ذلك، يشعر نظراء ريم من اللبنانيين بالضيق أيضاً. قالت شابة لبنانية في مدينة صور، “تذهب معظم فرص العمل للسوريين الذين يقبلون بأجور أقل، كما أنه لايوجد منازل فارغة ليس للإيجار بسبب كثرة أعداد السوريين. غادر الكثيرون من شبابنا البلاد، معظمهم الذهاب إلى ألمانيا.”

وعلى الرغم من هذه القصص القاتمة، وجدت الدراسة فرص كبيرة  لدى الشباب للمشاركة في الأعمال المدنية كما تعتقد ورد من المجلس الثقافي البريطاني. قالت “يمكن ويجب للشباب أن تشاركوا، لكن المشكلة هي كيفية القيام بذلك بطريقة ذات مغزى.” مضيفة أن أخذ الشباب على محمل الجدي عني الوثوق بهم ومنحهم الدعم والمال “يشمل ذلك توفير أماكن للشباب لقاء وحديث. سيكون من السهل القيام بذلك، لكن الحكومات تميل إلى فرض سيطرتها.”

تقدم دراسة المجلس النرويجي للاجئين مجموعة من التوصيات للوكالات والجهات المانحة الدولية، والحكومات التي تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين والتي يجب الآخذ بها للمساعدة في التخفيف من اغتراب الشباب. وبحسب هارتبرج، فإن التوصيات الأكثر إلحاحاً هي:

  • تقديم الدعم والتمويل لاستراتيجيات شاملة وطنية لتمكين الشباب.
  • الدعوة إلى ودعم ومراجعة وتعديل لوائح الدخول والتسجيل والإقامة للاجئين الشباب والنازحين وأسرهم.
  • دعم تمويل التعليم الرسمي خاصة للشباب.
  • ضمان الدعم المستمر لفرص التعليم البديلة وغير رسمية مع المساعدة النفسية للمراهقين الذين لا يستطيعون الوصول إلى التعليم الرسمي.

لكن بعض الشباب السوري يعتقدون أن كانت التوصيات الواردة في التقرير عامة جداً.

قال صهيب الشهابي، طالب سوري ومؤسس مكتب الطلبة السوريين للخدمات الجامعية في غازي عنتاب، “أتمنى لو كانت التوصيات أقرب إلى مشاريع يمكن تنفيذها، وليس مجرد أفكار عامة.”

فبحسب الشهابي، تحدث التقرير عن قلة فرص العمل التطوعي أمام الشباب، بينما آلاف من الشباب السوري في البلدان المجاورة متطوعون فعلياً في مشاريع لمساعدة أنفسهم ومجتمعاتهم. قال “نحن بحاجة إلى الحماية القانونية والدعم المالي لنتمكن  من الاستمرار.”

لقراءة التقرير الكامل، انقر هنا.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى