أخبار وتقارير

مصر: التعليم المفتوح قيد المراجعة

القاهرة— لم يدرك سعيد أن حصوله على شهادة الليسانس في الحقوق سينهي كل طموحاته المهنية، فقط لكون شهادته صادرة عن نظام التعليم المفتوح في جامعة القاهرة.

قال “التحقت بالدراسة بهدف تحسين وضعي الوظيفي وزيادة دخلي الشهري والتقاعدي لاحقاً، لكن كل ذلك لم يحدث.”

فشل سعيد، الحاصل على دبلوم متوسط من أحد المعاهد الفنية في القاهرة والذي يعمل موظفاً حكومياً، بالالتحاق بنقابة المحامين، التي رفضت قبول شهادته الجامعية المعتمدة من قبل المجلس الأعلى للجامعات. ولم يحظ بترقية في عمله رغم حصوله على مؤهل جامعي، كما كان يتوقع.

قال “مع الأسف، لا يلقى نظام التعليم المفتوح اعترافاً في سوق العمل.”

تم اعتماد نظام التعليم المفتوح في مصر، القائم في الأصل على أساس التعليم عن بعد، منذ عام 1990-1991. حيث اعتماد المجلس الأعلى للجامعات شهادات هذا النظام أسوة واعتبارها مماثلة لشهادات التعليم النظامي. في واقع الأمر، لا يعتمد نظام التعليم المفتوح في المنطقة العربية أسلوب التعليم عن بعد، لكنه يتبنى نظام دراسي مرن يتيح للطلاب الالتحاق بالدروس في فترات مسائية وخلال العطل بهدف توفير فرص تعليم جديدة للأشخاص الذين أعاقتهم ظروفهم الاقتصادية أو الاجتماعية عن استكمال دراستهم بالجامعة بعد المرحلة الثانوية. (إقرأ القصة ذات الصلة: فرصة ثانية للتعليم العالي أمام الطلاب العرب).

حتى الآن، تخرج أكثر من 500 ألف طالب من هذا النظام بتخصصات متنوعة تشمل التجارة، والحقوق، والإعلام، والزراعة، والآداب، ودار العلوم، والسياحة والفنادق، والخدمة الاجتماعية، والتربية، ورياض الأطفال، بحسب تقرير لجنة تطوير التعليم المفتوح التابعة للمجلس الأعلى للجامعات العام الماضي. لكن الكثير منهم يشكو من التمييز في سوق العمل مقارنة بطلاب وخريجي التعليم النظامي.

قال حلمي حمدي، طالب سنة ثالثة في كلية الإعلام بنظام التعليم المفتوح في جامعة القاهرة، “يشكك كثيرون من أصحاب العمل بمهارات خريجي التعليم المفتوح بسبب اختلاف نظام القبول والدراسة”، موضحاً أن حتى الجهات الرسمية، ترفض غالباً اعتماد شهادات التعليم المفتوح خاصة وأن بعض التخصصات، عدا الحقوق والإعلام، تستقبل طلاب غير حاصلين على شهادة الثانوية العامة.

مشكلة التمييز في المعاملة ليست المشكلة الوحيدة التي يعاني منها طلاب التعليم المفتوح في مصر. إذ قال حمدي “عدد ساعات الدراسة أقل من من عدد ساعات التعليم النظامي، كما أننا لا نحظى بفرص للتدريب العملي كطلاب التعليم النظامي.”

بدوره، يؤكد السيد تاج الدين، مدير مركز التعليم المفتوح بجامعة القاهرة، أن نظام التعليم المفتوح حالياً “يحتاج للتطوير، لقد خرج عن الأهداف الموضوعة له ويجب العمل على إعادته لمساره مجدداً.”

يلاقي نظام التعليم المفتوح عوائقاً في بلدان عربية أخرى. ففي البحرين،  أصدرت وزارة التربية والتعليم قراراً أوقفت بموجبه معادلة وتقويم الشهادة الجامعية التي تمنحها مؤسسات التعليم الأجنبية عن طريق نظام التعليم المفتوح ونظام الدراسة بالانتساب ونظام التعليم عن بعد، لتصبح الخيارات الوحيدة المتاحة للطلاب البحرينيين تتمثل بالالتحاق بواحدة من أكثر من 20 مؤسسة تعليم عالي في البلاد وفق نظام التعليم التقليدي، والذي يتطلب حضور الطالب بشكل أساسي للجامعة. (إقرأ القصة ذات الصلة: البحرين تحظر التعليم المفتوح).

في مصر، تناقل الطلاب مؤخراً خبراً مفاده توجه المجلس الأعلى للجامعات لإلغاء اعتماد شهادات التعليم المفتوح كشهادات أكاديمية واعتبارها شهادات “مهنية”، الأمر الذي أثار قلق الطلاب.

قال خالد عبد الرازق، طالب في السنة الثانية في كلية التجارة بالتعليم المفتوح، ” التحقت بالدراسة مجدداً لتحسين مستقبلي الوظيفي، لن يتم ذلك في حال تم إلغاء اعتماد شهادتنا كشهادات جامعية.”

يعمل عبد الرزاق، فني تحاليل طبية بوزارة الصحة، لكنه كمئات غيره التحق بالتعليم المفتوح للحصول على شهادة جامعية تساعده للانتقال إلى وظيفة محاسب في الوزارة.

لكن محمود علم الدين، الأستاذ في كلية اعلام القاهرة، يعتقد أن اعتماد شهادات نظام التعليم المفتوح كشهادات جامعية أمر يتنافى مع مبادئ هذا النظام الأساسية، وقال “الهدف من اعتماد هذا النظام ليس منح شهادات أكاديمية، وإنما فتح الباب أمام الراغبين بتطوير مهاراتهم واكتساب معارف لم تساعدهم ظروفهم على اكتسابها في وقت مبكر.” مشيراً إلى أن جزء كبير من الطلاب يلتحق بالتعليم المفتوح للحصول على تقدير اجتماعي في مجتمع يعطي أهمية كبيرة للشهادات الجامعية وينظر بدونية للشهادات المهنية.

مع ذلك، ينفي السيد تاج الدين الأنباء المتواردة عن عزم المجلس إلغاء اعتماد شهادات التعليم المفتوح كشهادات أكاديمية، لكنه يؤكد أن هناك نقاشات تدور حالياً حول سبل تطوير هذا النظام بما يتلائم مع احتياجات سوق العمل.

قال “نعلم أن النظرة الاجتماعية للشهادات المهنية متدنية، لذلك لن نقوم بأي خطوة قبل تحسين برامجنا التعليمية وإعادة صياغة طرق وشروط الالتحاق بالدراسة، إضافة إلى إعادة صياغة طرق التدريب والتدريس وأساليب التقييم.”

مع ذلك، يبدو أن حالة عدم اليقين مازالت تسيطر على الطلاب الراغبين بتطوير أنفسهم عبر الحصول على شهادات من برنامج التعليم المفتوح.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى