أخبار وتقارير

قطر: تضاعف إنفاقها على البحوث الدوائية لبناء إقتصاد المعرفة

الدوحة– ترغب قطر في أن تنضج لتتحول من مبتدئ في الصناعات الدوائية إلى عملاق عربي في مجال تطوير العقاقير. حيث تبدو الإمارة مستعدة لإنفاق المال بهدف تحقيق ذلك، لكن محللين في مجال الصناعة يقولون إن الإنفاق الكبير لوحده قد لا يكون كافياً في جعل شبه الجزيرة لاعباً عالمياً حقيقياً في مجال صناعة الأدوية يقترب من مستوى سويسرا.

تعتبر كلية الصيدلة بجامعة قطر قسماً جديداً نوعاً ما؛ فقد تم إفتتاحها قبل تسع سنوات فقط. لكنها نمت بمعدل إستثنائي.

قال أيمن القاضي، عميد كلية الصيدلة والأستاذ فيها، “نحن الآن نحتل المرتبة الأولى في الجامعة من حيث إنتاج الأبحاث. لدينا أكبر عدد من الأوراق البحثية للفرد الواحد.”

أًنشأت الكلية وصممت لتكون بمثابة مجمعاً واحدا لعملية صنع الأدوية. تمتلك الكلية مختبرات للأدوية والكيمياء الطبية حيث يتم تصنيع المواد الكيميائية وتحويلها إلى أقراص، وكبسولات، مواد قابلة للحقن، وغيرها من الأشكال الدوائية. كما تمتلك الكلية أيضاً مرافق لإختبار العقاقير على الحيوانات، والبشر، والخلايا المزروعة.

قال القاضي بفخر”لدينا برنامج متكامل للأبحاث.”

لم يخبرنا القاضي عن كم المال الذي كلفه بناء وإدارة كل هذا، ولكن معظم التمويل يأتي من الخزانة العامة – مع حوالي 10 في المئة فقط من إنفاق الكلية يتم الحصول عليه من تمويل خاص. قال القاضي إن الأسباب الكامنة وراء إستثمار الدولة في هذا القطاع نتيجة لمجموعة من العوامل.

إحدى تلك العوامل هي الرغبة في دعم الصناعة الدوائية الناشئة في قطر. قال القاضي “إنهم يقتربون منا للمساعدة، وهذه هي النقطة. نحن نقوم بإختبار رقابة الجودة ونتشاور معهم.”

في عموم أرجاء منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية، هنالك جهد من الدول لتنويع إقتصاداتها لكي يكون هنالك أموال ليتم إنفاقها عندما ينضب النفط في نهاية المطاف، أو عندما تنخفض أسعار الطاقة، كما هو الحال الآن.

قال القاضي إن إستثمار قطر في مجال البحوث الدوائية يمكن أن ينظر إليه في هذا السياق. قال “إنه جزء من حملة تسعى لبناء إقتصاد المعرفة.”

بحسب تقرير صدر مؤخراً عن وضع الصناعة الدوائية والرعاية الصحية في قطر من قبل شركة BMI الإستشارية للبحوث، فإن توقعات عام 2016 لا تزال إيجابية.

يسلط التقرير الضوء على الرغبة القطرية في الإنفاق على الإستثمارات الدوائية، على الرغم من إنخفاض أسعار النفط. حيث تتوقع BMI للبحوث نمواً في الإنفاق الحكومي على الصناعة الدوائية بحدود 11.5 في المئة في عام 2016، ليصل إلى 548 مليون دولار أميركي. وهذا ما قاد الشركة الإستشارية لإستنتاج كون سوق الدواء القطري يمثل مجازفة منخفضة.

لكن ذلك لا يعني الإبحار السلس لقطر. قالت كاشوال شاه، كبيرة محللي الرعاية الصحية والصناعة الدوائية لدى شركة BMI  للبحوث، إن الصناعة والأبحاث الدوائية في قطر لا تزال في مهدها. قالت “سيستغرق ذلك عقوداً من الزمن قبل أن يتمكنوا من التنافس مع سويسرا وألمانيا. إنهم لن يصلوا إلى هذا في المستقبل القريب.”

عندما يتعلق الأمر بالإستثمار الأجنبي، فإن الإستثمار في قطر قد لا يبدو محفوفاً بالمخاطر، لكنه من غير المرجح أن تجذب قطر رؤوس أموال خارجية. قالت شاه “الشركات متعددة الجنسيات ليست حريصة على إقامة صناعة أو أبحاث وتطوير هناك لأنها ليست سوقاً كبيرة وليست هنالك حوافز مغرية”.

يبلغ عدد سكان قطر اليوم 2.2 مليون نسمة بحسب بيانات البنك الدولي، مقارنة بعدد سكان المملكة العربية السعودية الذي يقترب من 29 مليون نسمة. ومع غياب حوافز مالية ذات قيمة ومع رسوم التصدير الحالية في قطر، من غير المرجح أن تفضل شركات الأدوية ذات الأسماء الكبيرة قطر على جيرانها، بحسب شاه.

قال كريغ سميث، زميل شاه والمحلل في شركة BMI  للبحوث، “إن حقيقة كون قطر محاطة بدولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية يعني وجود منافسة من أسواق أكبر.”

ومما يزيد الوضع سوءاً الحملة لتوحيد أسعار الأدوية في دول مجلس التعاون الخليجي الست، والتي ستساهم في خفض أسعار الأدوية في قطر. قال سميث “هذا أمر جيد من ناحية جعل الأدوية متوفرة بأسعار مناسبة، لكن هذا يعني بأنه سيكون هنالك إنخفاض في إيرادات شركات الأدوية.”

لا تعني هذه التحديات بأن قطر لن تكون أبداً مركزاً لإستكشاف الأدوية، بحسب شاه، لكنه يعني بأن على الحكومة إيجاد السبل للتغلب على هذه التحديات فيما تحافظ على الإستثمار. قالت شاه “لا أعتقد بأن جهودهم ستذهب سدى. تمتلك قطر المال والدافع للقيام بذلك من خلال التعليم العالي بهدف الحصول على قوة عاملة ماهرة.”

لكن القاضي يؤمن بإمكانية البحوث في أن تثمر. حيث يقول إنه وبهدف جذب شركات الأدوية الكبرى، يجب عليك أن تظهر قدرة القوى العاملة في البلاد على إكتشاف عقاقير جديدة ومبتكرة. إن الأمل في الأساس هو أن تأتي الشركات الخارجية من أجل العقول المحلية. يكمن الخطر في أن تقوم تلك الشركات بجذب المواهب القطرية من دون القيام بعمليات هناك.

قال القاضي “عليك أن تطور جزيئاتك الخاصة بك من خلال بحوثك الخاصة. هذه هي الخطوة الأولى. ويتم ذلك من خلال جلب الأشخاص المناسبين إلى هنا والإستثمار في البحوث، وهذا ما تقوم به مؤسسة قطر اليوم. إنها مسألة وقت فحسب.”

تبدو مقولة الصبر فضيلة مناسبة هنا. قال سميث “إن البحوث وتطوير الأدوية في قطر هدف طويل الأمد.”

توافق شاه على ذلك إذ قالت “هنالك أمور أخرى يمكن لقطر القيام بها بهدف تحسين الإستثمار الأجنبي. بإمكانهم خفض رسوم التصدير، لجعل قطر  مركزاً لإنتاج الأدوية.”

ولتنمو قطر من بداياتها المتواضعة في صناعة الأدوية وتتمكن من إيجاد قطاع مزدهر لإقتصاد المعرفة، فإن الأمر بحاجة لأكثر من مجرد بحوث ممولة من القطاع العام. حيث يتطلب ذلك إعفاءات ضريبية مبتكرة ومبادرات ترمي لجذب شركات الأدوية العملاقة إلى شبه الجزيرة الصغيرة. لكن بعض المحللين يقولون إن صناعة دوائية مزدهرة أمر ممكن في تلك الدولة الفتية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى