أخبار وتقارير

مكتبة عربية لمحاربة الصور النمطية

إسطنبول— بعيداً عن صخب الوسط الأوروبي لمدينة إسطنبول، اختار زوجان سوريان منزلاً خشبياً مرمماً في منطقة فاتح ليكون أول مكتبة عربية في تركيا أطلقا عليها اسم  صفحات.

يهدف المشروع، الذي بدأه سامر القادري وجلنار حاجو حزيران/ يونيو الماضي، إلى أن يكون مركزاً ثقافياً للقراء العرب إضافة إلى إظهار صورة مختلفة عن السوريين الذين يملؤون المدينة.

قال القادري “يمتلك الناس صورة سلبية عننا، كقتلة ولاجئين هاربين، أردنا إظهار ثقافتنا الحقيقة.” مضيفاً أن “الجيل الجديد يقرأ، لم يكن هذا موجوداً في السابق، ونظراً لعدم توفر الكثير من الكتب باللغة العربية هنا فقد أردنا تغيير ذلك.”

فمع ارتفاع أعداد السوريين في تركيا، قرر أربعة أشخاص: ثلاثة سوريين وأخر قطري افتتاح متجر لبيع الكتب في إسطنبول بتمويل شخصي منهم على أمل تقديم واجهة ثقافية عربية جديدة والمساهمة في نشر الكتب العربية والمترجمة.

قال القادري “بالإضافة إلى السوريين، هناك جالية عربية كبيرة هنا مع إمكانية وصول محدودة جداً للكتاب العربي.” مشيراً إلى اهتمام المكتبة أيضاً بإقامة محاضرات ونشاطات ثقافية وفنية. قال “هذه ليست مكتبة فقط، ولكن فضاء يمكن للناس أن يلتقوا فيه ويتحدثوا بعيداً عن أي استقطاب سياسي.”

تلقت المكتبة عروضاً تمويلية، بحسب القادري، لكنه رفضها لتجنب تصنيف المكتبة لحساب أي طرف سياسي أو توجه ديني.

القادري وحاجو (تصوير: رشا فائق)

صمم القادري وحاجو، اللذان يعملان أيضاً كرسامين ومصممي غرافيك، كل طابق من طوابق المبنى الأربعة. يضم الطابق الأول جزءاً من المكتبة مع ردهة استقبال، بينما يغص الطابق الثاني بعشرات الكتب باللغة العربية والتركية والإنجليزية والفرنسية مع شرفة صغيرة حولها الزوجان لمقهى. في الطابق الثالث، تتوزع كتب الأطفال مع مقاعد صغيرة ملونة لورشات الرسم والقراءة الأسبوعية. وأخيراً، الطابق الرابع، حيث تنظم المعارض وورش عمل وعروض الأفلام.

لا يعتبر المشروع ربحي، بحسب حاجو، فجميع الأنشطة تتم برسوم بسيطة لضمان استمرار عمل المكتبة وإقامة النشاطات. قالت”يمكن للناس شراء الكتب بأسعار معقولة.”

كما أطلقت المكتبة  نظام الإستعارة الجديد بحيث يمكن للزوار استعارة كتاب لمدة أسبوعين مقابل سبع ليرات تركية (2.30 دولار أميركي).

تمتلك المكتبة اليوم نحو ألفي عنوان في الأدب الحديث والمعاصر، الشعر، والعلوم الاجتماعية، والدين، وحتى الطب. وتحظى الكتب السياسية بشعبية كبيرة إلى جانب الروايات، حيث تعتبر رواية القوقعة  التي كتبها مصطفى خليفة، الأكثر مبيعاً حالياً بحسب القادري. أما عن كيفية الحصول على كتب، فتقوم المكتبة بتحضير قوائم دورية لكتب عربية ومترجمة مطلوبة ومن ثم يتم الاتفاق على شحنها من دور نشر عربية ودولية.

قال القادري “حتى الآن، لا يوجد أي رقابة على الكتب التي نحضرها، نحن نعمل بحرية تامة لم نتمتع بها سابقاً.”

قبل الحرب، أدار الزوجان دار نشر الأصابع الذكية لكتب الأطفال في دمشق. قال القادري “في عام 2012، تم تدمير مستودع الكتب الخاص بنا واضطررنا للمغادرة.”

انتقل الزوجان إلى الأردن لمدة سنة واحدة قبل الانتقال لإسطنبول. قال القادر “نريد أن نبقى على مقربة من وطننا لنعود فور أن تضع الحرب أوزارها.”

إلى أن يحدث ذلك، ينشغل الزوجان بالعمل في المكتبة. فإلى جانب الأمسية الموسيقية التي تقام كل ليلة السبت، وورشة الرسم الخاصة بالأطفال التي تقام أسبوعياً يومي الثلاثاء والجمعة، يعمل القادري وحاجو أيضاً على مشروع جديد يهدف إلى جمع مئة كتاب باللغة العربية والإنكليزية والتركية لتأسيس مكتبة في كل مدرسة سورية في اسطنبول كخطوة أولى.

على المدى الطويل، يأمل الزوجان بافتتاح فرع للمكتبة في ألمانيا، حيث يعيش مئات الآلاف من اللاجئين مؤخراً.

لا يبدو أن لليأس مكان في مكتبة صفحات. قال القادري “عليك فقط أن تؤمن بما تريد القيام به، وسوف تنجح في نهاية المطاف، إذا كنت تعتقد حقاً في ذلك.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى