أخبار وتقارير

الجامعات التركية ملجأ للطلاب المفصولين من الجامعات المصرية

القاهرة—  درس خالد، 24 عاماً، أربع سنوات في كلية طب الأسنان بجامعة المنصورة قبل أن يتم فصله من الجامعة على خلفية نشاطه السياسي داخل الجامعة. وبعد محاولات عديدة للالتحاق بجامعات في الصين وروسيا والهند، توجه خالد لجامعة الشرق الواقعة في مدينة لافكا التركية لاستكمال تخصصه مقابل رسوم تبلغ نحو 12 ألف يورو سنوياً.

قال “كان يفصلني عامان على التخرج، لكن القرار الجائر قضى على مستقبلي الدراسي والمهني في بلدي.” مضيفاً أنه اختار الجامعة التركية رغم ارتفاع تكلفتها لأنها أتاحت له إستكمال تخصصه من السنة التي توقف بها.

لا يعتبر خالد حالة إستثنائية، إذ شكلت الجامعات التركية ملجأً لعشرات الطلاب المصريين المفصولين من الجامعات على خلفية نشاطاتهم وانتمائاتهم السياسية. ففي عام 2014-2015، تم فصل 413 طالباً و470 طالباً في العام الذي سبقه، بحسب دراسة صادرة عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير لرصد حالات الفصل الجامعي.

قال محمد ناجي، باحث في برنامج الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، “إن كافة الحالات التي تم رصدها تم فصلها نهائياً من الجامعة لأسباب سياسية تنوعت بين تنظيم مظاهرة بالحرم الجامعي، أو توزيع بيانات سياسية مناهضة للدولة.” مشيراً إلى أن التعديل الصادر بشأن قانون تنظيم الجامعات من قبل الرئيس السابق عدلي منصور عام 2014 والذي منح رؤساء الجامعات سلطة الفصل النهائي ساهم في ارتفاع أعداد الطلاب المفصولين.

لا يوجد إحصاء دقيق بعدد الطلاب المصريين الذين توجهوا للدراسة في الخارج في أعقاب 30 يونيو، لكن العدد قد يصل لحوالي ثلاثة ألاف طالب بحسب  خالد رضا، المدير التنفيذي لشركة StudyAway للخدمات الطلابية في اسطنبول. قال “تسببت الأوضاع الأمنية المتوترة بسفر المئات إلى السودان وماليزيا ودول جنوب شرق أسيا خصوصاً الهند لانخفاض المصاريف الجامعية بالجامعات الموجودة بها.” مشيراً إلى أن تركيا استقطبت أيضاً الكثير من الطلاب المصريين بسبب التسهيلات المقدمة من الجامعات للطلاب العرب. قال “العديد من الجامعات الحكومية تقدم منح شبه كاملة للطلاب المصريين والليبين واليمنيين والسوريين لكن تبقى اللغة العائق الرئيسي.”

تمكن خالد من دراسة اللغة التركية، الأمر الذي منحه قدرة أكبر على التواصل مع الأساتذة والتفاعل مع الطلاب. قال “لم يكن الأمر سهلاً لكنه ليس بمستحيل.”

مع ذلك، يبدو تعلم اللغة التركية مستحيلاً لبعض الطلاب، إذ لم يتمكن يوسف ياسين، طالب سابق بكلية الهندسة بجامعة الزقازيق فصل من الجامعة بتهمة الاشتراك في مظاهرات جماعة الإخوان المسلمين قبل عام ونصف، من إتقان اللغة التركية. قال “مكثت في جامعة METU الحكومية بأنقرة لمدة عام، ولم أتمكن من إتقان اللغة بالدرجة المطلوبة فضلاً عن ارتفاع تكاليف المعيشة لذا قررت الانتقال إلى جامعة في السودان.”

تبدو يسرية غازي، 27 عاماً طالبة ماجيستيرعلوم سياسية بجامعة METU ، أكثر حظاً من ياسين. إذ انتقلت للدراسة في تركيا بعد إنهاء دراستها الجامعية بشكل طبيعي وحصولها على منحة دراسية كاملة بعد ثورة 25 يناير شملت توفير سكن جامعي والمصاريف المرتبطة بالدارسة، كما أن دراستها العليا باللغة الإنكليزية.

قالت “لم يكن هناك صعوبة في الدراسة نظراً لكون الدراسة باللغة الإنكليزية، بجانب الاستقرار النفسي من عدم وجود ضغوط أمنية تلاحقني.”

مع ذلك، لا يبدو خيار السفر لاستكمال الدراسة في الخارج متاحاً لكل الطلاب المفصولين.

قال علاء عزت، طالب مفصول من كلية تجارة في جامعة الفيوم منذ عاميين على خلفية التظاهر داخل الحرم الجامعي،”فشلت في توفير فرصة لاستكمال دراستي في الخارج لارتفاع تكلفتها المادية، وتشديد إجراءات السفر للدول التي توفر المنح كتركيا، فكان البقاء في مصر أمراً لا مفر منه.”

في المقابل، لا يفكر غالبية الطلاب الذين توجهوا للدراسة في الخارج بالعودة لبلادهم بعد إنهاء دراستهم.

قال خالد “بعد الانتهاء من الدراسة، سأكون أمام خيارين إما البحث عن فرصة عمل داخل تركيا كطبيب أسنان، أوالانتقال للعمل بإحدي الدول الأوربية، لأن الدراسة في تركيا توفر منحاً خارجية لدراسيها وفرص عمل متميزة.”

كذلك يجد ياسين صعوبة شديدة في العودة إلي مصر عقب إنهاء دراسته الجامعية في السودان. قال “كان قرار الرحيل خارج مصر اضطرارياً، ومسألة الرجوع إليها محفوفة بالمخاطر، خصوصاً أن أغلب زملائنا ممن لم يتمكنوا من السفر تعرضوا للاعتقال.”

https://www.bue.edu.eg/

من جهة أخرى، يواجه الطلاب المفصولون مشكلة عدم الاعتراف بشهاداتهم التركية بعد عودتهم. إذ حذرت وزارة التعليم العالي المصري في بياناً صادراً عنها العام الماضي الجامعات التركية من استقبال طلاب وطالبات وأساتذة جماعة الإخوان المسلمين الذين تم فصلهم بموجب أحكام وقرارات جامعية “لنشاطهم الإرهابي أو التخريبي أو التحريضي”.

قال ناجي، من مؤسسة حرية الفكر والتعبير، “لا يمتلك الطلاب المفصولين خياراً أخر بالالتحاق بأي جامعة داخل مصر سواء كانت حكومية أم خاصة، علينا إيجاد وسيلة لإستعادتهم لبلدهم  ومنحهم فرصة استكمال دراستهم هنا حتى لا نخسرهم للأبد.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى