أخبار وتقارير

العلوم في العالم الإسلامي: بحوث ضعيفة ومشاركة نسائية قوية

القاهرة— يبدو الواقع العام للعلوم في جامعات العالم الإسلامي هزيلاً، على الرغم من التطورات الأخيرة والمشاركة القوية للنساء اللواتي يدرسن العلوم، بحسب نتائج تقرير صدر مؤخراً بعنوان العلوم في جامعات العالم الإسلامي.

لم يخف الخبراء خيبة أملهم حيال نتائج التقرير الصادر عن مبادرة العلم في العالم الإسلامي، والتي تتخذ من باكستان مقراً لها.

قال عبد الله دار، أستاذ في الخدمات الصحية العامة والجراحة في جامعة تورنتو وزميل في أكاديمية العالم الإسلامي للعلوم ومقرها الأردن،”إن الوضع خطير.”

إذ لا يبدي دار ارتياحاً كبيراً للإحصاءات الجديدة حول التوازن بين الجنسين في الجامعات والمؤسسات التعليمية . قال “ربما يعود التقدم الواضح في عدد النساء في مؤسسات التعليم العالي إلى لامبالاة الذكور. إذا نظرنا إلى الدول المحافظة، نجد أن حصول النساء على التعليم لا يترجم إلى التمكين.”

تتوزع 57 دولة ذات أغلبية مسلمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والقرن الأفريقي والساحل وبعض دول شرق آسيا. عندما يتعلق الأمر بالجزء العربي من العالم الإسلامي، يشكل العرب نحو خمسة في المئة من سكان العالم. لكنهم يساهمون 1.3 في المئة فقط من المنشورات الأكاديمية في العالم و0.1 في المئة من براءات الاختراع المسجلة في العالم.

لكن بعض الدول حققت تقدماً واضحاً في تكافؤ الفرص بين الجنسين فيما يخص الالتحاق بالجامعات. إذ تلتحق الإناث بالجامعات في بعض الدول العربية بمعدلات أكبر بكثير من الذكور. على سبيل المثال، تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة بأعلى نسبة التحاق للإناث بالجامعات عن الذكور في جميع أنحاء العالم. إذ تلتحق ثلاث نساء بالجامعة مقابل رجل واحد بحسب تقرير آخر صادر عن مؤسسة فريدوم هاوس الأمريكية.

وفي البحرين، تلتحق طالبتان مقابل طالب واحد بالجامعة بحسب بيانات اليونسكو.

في واقع الأمر، في قضية المساواة بين الجنسين، تتقدم بعض الدول العربية على عدة دول غربية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على الرغم من كون نوعية التعليم موضع نقاش.

يعزو التقرير الجديد الأداء الضعيف للعلوم في الجامعات لعدة قضايا من بينها الإنفاق المنخفض على البحث والتطوير، والأداء المخيب للآمال للطلاب في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي في اختبارات الرياضيات والعلوم، والتركيز المحدود على تعليم العلوم، والذي لم يقدم سوى القليل لتمكين الطلاب من التفكير النقدي، خاصة خارج تخصصاتهم.

ويشير التقرير أيضاً إلى أن الرقابة الذاتية غالباً ما تمارس في اختيار الموضوعات التي تتم دراستها، وخاصة المواضيع المثيرة للجدل مثل نظرية التطور. بالإضافة إلى ذلك، تتسبب اللغة المستخدمة في التدريس بتحديات كبيرة بسبب عدم وجود محتوى علمي حديث باللغات المحلية، مما يؤدي إلى استخدام اللغة الإنجليزية أو الفرنسية في المواضيع العلمية في معظم جامعات العالم الإسلامي. وقال التقرير أيضاً إنه لم يتم تدريب أعضاء هيئة التدريس على استخدام أساليب متطورة في التدريس مثل الطرق القائمة على تعليم العلوم عن طريق التحقق والتعلم النشط، فضلاً عن وجود قليل من الإستقلالية من أجل الابتكار.

أما فيما يتعلق بالإيجابيات، فقد تمكنت معظم البلدان بحسب التقرير إلى زيادة إنتاجها من الأبحاث بمعدل ضعفين أو ثلاثة أضعاف خلال السنوات العشر الماضية. مع ذلك، فإن نسبة الاستشهاد بأوراقهم البحثية أقل بكثير من دول العالم الأخرى. إذ تمتلك الدول الإسلامية 5.7 في المئة فقط من الاستشهادات لكل ورقة مقارنة مع 9.7 لجنوب أفريقيا و 13.8 لإسرائيل، وفقا للأرقام الصادرة عن مؤسسة تومسون رويترز ISI Web of Science. (إقرأ أيضاً: كيف يمكن تقييم الدوريات العلمية العربية؟)

توفر تقارير كهذه بيانات وإحصائيات عن المنطقة والتي يصعب الحصول عليها عادة، الأمر الذي يقدم فرصاً يمكن البناء عليها. قال العالم الكيني كاليستوس جوما، مدير مشروع العلوم والتكنولوجيا والعولمة في جامعة هارفارد، “يوفر هذا فرصاً للتعلم المتبادل بين البلدان المتضررة حول كيفية تحسين التعليم العالي.”

يعتقد جوما أن نتائج التقرير ليست فريدة من نوعها لبلاد المسلمين. قال “تنطبق نفس الديناميكية في أفريقيا.”

لمواجهة التحديات العلمية والتربوية، يدعو واضعو التقرير إلى إصلاح أساليب تدريس مناهج العلوم وتوفير فرص أوسع لتدريب العلماء والمهندسين لتمكينهم من مواجهة التحديات المعقدة في مختلف التخصصات. بالإضافة إلى ذلك، أوصى التقرير بتوفير المزيد من الحكم الذاتي للجامعات وتبني سياسة عدم التسامح مع عمليات الانتحال العلمي وغيرها من التصرفات غير المهنية في السلوك الأكاديمي.

وعلى الرغم من تقدم عدد من المؤسسات العربية في التصنيف العالمي للجامعات، يحذر التقرير من مخاطر التعلق المبالغ فيه بالتصنيفات العالمية على حساب الإصلاح الحقيقي.

كما يدعو التقرير الجامعات في جميع أنحاء العالم الإسلامي للانضمام إلى شبكة التميز لجامعات العلوم (NEXUS) التطوعية والتي سيتم إطلاقها العام المقبل، بهدف تنفيذ بعض هذه التغييرات.

ويشير عطاء الرحمن، الوزير الباكستاني السابق للعلوم والتكنولوجيا والحائز على جائزة اليونسكو، إلى أن الكثير من هذه الإصلاحات تحتاج إلى تمويل. إذ تستثمر الدول الإسلامية والعربية في المتوسط أقل من 0.5 و 0.3 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي على البحث على التوالي، وهو أقل من المتوسط العالمي البالغ 1.78 في المئة. بعض الدول تنفق بصورة أكبر كقطر تنفق 2.9 في المئة في حين تنفق الكويت 0.09 في المئة، وفقاً لمجلة Technology Review التابعة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بأمريكا.

يعتقد عطاء الرحمن أيضاً أن الجامعات ومراكز البحوث يجب أن تكون”مرتبطة بقوة بالصناعة لدعم إنشاء الصناعات التحويلية في مجالات التكنولوجيا العالية.”

ودعا عطاء الرحمن السياسيين في العالم العربي والإسلامي لزيادة المخصصات المالية لدعم التعليم والعلوم. قال “لا أحد يساعدنا، يجب علينا أن نساعد أنفسنا.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى