أخبار وتقارير

بعد هجمات باريس: الطلاب المسلمون متأهبون

أطلقت رابطة الطلاب المسلمين بفرنسا فيديو يحمل رداً على الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس، والتي أسفرت عن مقتل 129 شخصاً على الأقل، ويصف مرتكبي الحادث بالجبناء المعادين للإسلام ويعلن تضامنهم مع فرنسا.

وجاء في الفيديو، الذي انتشر على مواقع التواصل الإجتماعي باستخدام هاشتاغ NousSommesUnis# أو #سنبقى متحدون للأبد، “لكن لا مبرر لإراقة دماء الأبرياء.. لا في الإسلام ولأ أي مكان آخر. قلوبنا تتألم.”

على مدى دقيقتين ونصف، يكشف الفيلم عن حزن الطلاب وإصرارهم على التمسك بطريقة الحياة الفرنسية. كما يعكس شعور الطلاب المسلمين المضطرين للتوضيح لمواطنيهم أنهم لايتعاطفون مع الإرهاب.

قال يانيس خليفة، 25 عاماً، والمتحدث باسم الرابطة والمتخرج حديثاً من كلية التسويق من جامعة كاين نورماندي “إن الجامعات هي المكان الذي يوجد فيه الناس الأكثر تعليماً والأقل تمييزاً.” مضيفاً “لم تقع أي هجمات حتى الآن، لكن بعض الطلاب يشعرون بنظرات الخوف والعداء.”

تتفق بوسرا ديليكايا، 20عاماً، والتي تدرس الألمانية والتاريخ في جامعة بوتسدام الألمانية، مع خليفة.

قالت “هناك بالتأكيد خوف بين المسلمين من ردود فعل غاضبة. في اليوم الأول بعد وقوع الهجمات، جلست في القطار حذرة من تحديق الناس بي. لكن لحسن الحظ لم أمر بأي تجربة سلبية.”

مع ذلك، يعاني المناخ السياسي الأوروبي من الإسلاموفوبيا حتى قبل وقوع الهجمات الأخيرة. إذ تم الإبلاغ عن حالات تحرش ضد المسلمين في جميع أنحاء فرنسا هذا الأسبوع، منها منع سيدة ترتدي الحجاب من وضع الزهور على النصب التذكارية التي ملأت شوارع  باريس.

في بريطانيا، تلقت العديد من المنظمات الطلابية الإسلامية تهديدات في أعقاب الهجمات. وفي ألمانيا، هدد بلطجية بقتل يوسف عدالة، المؤسس المشارك في مبادرة “أي، سلام (i,Slam)” المتخصصة بالشعر الإسلامي في برلين.

بدورها، لاحظت ديليكايا ازدياداً في التصريحات الحاقدة على المدونة الخاصة بها. قالت “يحدث أن أتلقى ردوداً سلبية، وهذا طبيعي. لكن بعد الهجمات الأخيرة، ازدادت التعليقات السلبية كثيراً وأطلق البعض علي اسم محمد ذو الحجاب. كما ربطتني تعليقات أخرى بتنظيم الدولة الإسلامية. وهذا مؤذ للغاية.”

وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد حذر، مع إعلانه حالة الطوارئ في البلاد، صراحة من جرائم الكراهية والتنميط العنصري ضد المسلمين. إذ قال في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر “علينا محاربة كل أشكال الكراهية بلا هوادة. لا لكراهية الأجانب ومعادية للسامية، لن يتم التسامح مع الأفعال المعادية للمسلمين.”

في السويد، يبدو الوضع مهزوزاً. إذ رفض أكثر من سبعة طلاب عرب الحديث مع مراسنا.

قال أحد اللاجئين السوريين، والذي حصل على الإقامة الدائمة والتحق بمدرسة لتعليم اللغة السويدية مؤخراً، “لا أحد يعرف ماذا يمكن أن يحصل. يبدو الناس خائفين منا، لكنني أعتقد أننا أكثر خوفاً منهم.”

في الشهر الماضي، قتل معلم في هجوم بالسيف في مدرسة في ترولهاتان وأصيب اثنان من الطلاب بجروح خطيرة. وقعت عمليات القتل في مدرسة تضم نسبة عالية من المهاجرين، مما أثار مخاوف اللاجئين من دوافع القاتل التي قد تكون عنصرية.

قالت أفراح ناصر، صحافية يمنية حصلت مؤخراً على درجة الماجستير من جامعة غوتنبرغ، “بالطبع، يؤثر هجوم باريس على العلاقة بين المجتمع السويدي والجاليات المسلمة والعربية التي تعيش هنا.” وأضافت ناصر “نشعر أننا مدانون باستمرار وبحاجة للدفاع عن أنفسنا في كل وقت. تسعى الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى اقتناص الفرصة وتغيير قوانين الهجرة، مما يمكن أن يضر حقاً بالآلاف من العرب والمسلمين الذين جاءوا إلى هنا للدراسة والعمل والحصول على حياة جديدة بعيداً عن الصراعات الدائرة في بلادهم.”

بحسب خليفة في فرنسا، فإن شريط الفيديو كان المبادرة الوحيدة من قبل مسلمي فرنسا  لتثقيف الجمهور الفرنسي عن الإسلام. كما نظمت الرابطة مؤتمرات ومناقشات في جميع أنحاء البلاد.

وتنظم ديليكايا وزملائها ضمن منظمة طلابية إسلامية في ألمانيا نشاطات مماثلة.

قالت “نحن، كشباب مسلمون، الجيل القادم هنا في أوروبا. يجب أن نظهر موقفنا كأوروبين مسلمين. لاينبغي بأي حال من الأحوال أن نبتعد عن المجال العام، علينا أن نظهر أننا كمسلمين لسنا خائفين من أي ردة فعل ضدنا، وأننا على نفس الجبهة ككل الأوروبيين. نحن وحدة واحدة.”

وكان رد الفعل عنيف ضد المسلمين في فرنسا أقوى بكثير بعد الهجوم على مقر صحيفة شارلي الساخرة في كانون الثاني/ يناير الماضي. بحسب مايكل بريفوت، من الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية في بلجيكا. إذ جاهد المعلمون في المدارس الثانوية في فرنسا وبلجيكا لمناقشة قضية السروم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد . انتقد الطلاب المسلمون تلك الرسوم ومارسوا حقهم في حرية التعبير، لكن أيضاً في بعض الأحيان تم انتقدهم بشكل غير صحيح بأنهم يدافعون عن الهجمات.

قال بريفوت مشيراً إلى الإسلام والإرهاب “بالتأكيد هناك ضغط كبير على الطلاب المسلمين لمشاركتهم في نقاشات بشأن هذه القضايا.”

في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر، أوقفت مدرسة ثانوية في حي سكاربيك في بروكسل ستة طلاب لم يلتزموا بالهدوء خلال دقيقة صمت حداداً على ضحايا هجوم باريس. يتشابه الحادث الأخير مع حادث أخر وقع سابقاً، حيث اعتقلت الشرطة الفرنسية صبي يبلغ من العمر ثماني سنوات في جنوب فرنسا لتعبيره عن تأييده لمهاجمين شارلي ابدو.

لايبدو الوضع في الجامعات الفرنسية أفضل بكثير، بحسب دنيا بينالا، 23 عاماً، طالبة تدرس العلوم السياسية في جامعة السوربون. قالت ” الإسلاموفوبيا موجودة، إذ لايسمحالأساتذة للطالبات بارتداء الحجاب في صفوفهم ويطالبون بصور بدون حجاب على بطاقات الطلاب.”

ترغب بينالا  بالعمل على تغيير تلك المواقف من خلال خطاب سلمي حضاري. كما تعتقد أن الانتشار الواسع للفيديو الذي أنتجته رابطة الطلاب المسلمين بفرنسا بين  المواطنين الفرنسيين يشير إلى أن الكثيرين من أبناء بلدها منفتحين حول الإسلام.

قالت “نركز حقاً على الجانب الإيجابي، لدينا الكثير من ردود الفعل الإيجابية في الشارع. عبر مواطنون عن تضامنهم معنا وإداركهم أن  المساواة بين الإرهاب والإسلام لامكان لها هنا. شعارنا سيبقى: التضامن والوحدة للأمة بأسرها.”

شارك في إعداد التقرير: خالد إسماعيل من السويد.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى