أخبار وتقارير

طلاب لبنانيون يطالبون بفصل السياسة عن الدين

تسببت أكوام القمامة المتزايدة باحتجاجات غاضبة في لبنان ضد الحكومة، التي فشلت في تقديم واحدة من أكثر الخدمات الأساسية، كاشفة في الوقت نفسه عن عمق الأزمة السياسية في الحكومة المبنية على أسس طائفية.

لا يبدو معروفاً للجميع أن هناك حركة طلابية تدعو لإقامة دولة علمانية من شأنها إنهاء النظام السياسي الحالي والقائم على المحاصصة الطائفية.

ففي عام 2008، حاولت الحكومة كبح جماح حزب الله، الحزب السياسي الشيعي، فاندلع نزاع مسلح بين أنصار الحزب ومناصرين لتيار المستقبل. عندها ناقش طلاب في حرم الجامعة الأميركية في بيروت إمكانية العمل من أجل تغيير سياسي حقيقي. وكان ذلك بداية تأسيس النادي العلماني في الجامعة الأميركية في بيروت.

قال علي نور الدين، الرئيس الاول للنادي في الجامعة، “الجميع حزين لما يجري في لبنان لذا بدأنا التفكير في ايجاد بديل عن السياسة الطائفية اللبنانية. في ذلك الوقت كان هناك بعض الأندية اليسارية أو العلمانية في الجامعة الأميركية في بيروت، لكن كان لديهم تحالفات مع أحد الطرفين.” مضيفاً “نعتقد أنه لتغيير النظام الطائفي ينبغي أن يكون لنا موقف جذري ضد جميع الأحزاب الطائفية في لبنان والتي شكلت نواة النظام الطائفي.”

جهود في الحرم الجامعي

غالباً ما تقترن السياسة بالانتماء الطائفي في لبنان، وهو ما يحدث عادة في  الانتخابات الطلابية داخل الجامعات. فعلى الرغم من أن الجامعات تمنع عادة الدعم السياسي الخارجي المباشر لأي منظمة طلابية، لكن الانتماءات عادة ما تكون معروفة.

في الجامعة الأميركية في بيروت، انقسم الحرم الجامعي بين تحالفين رئيسيين خلال الانتخابات الطلابية. لكن ازدياد شعبية النادي العلماني، جعلته يتقدم كمنافس قوي ثالث في الانتخابات.

يقول قادة النادي إن زملائهم الطلاب يسيئون فهم المنظمة في بعض الاحيان معتقدين أنها مثل تشجع الإلحاد. في الواقع، يضم النادي طلاباً من المسيحيين والدروز والمسلمين والملحدين وكل من يعتقد أن الانتماء الطائفي يجب أن يرتبط بالتوجهات السياسية الشخصية. بدأ النادي مع ثمانية أعضاء واليوم يضم نحو 200 طالب وطالبة. وبالرغم من تشجيع النادي لقيم التسامح، إلا أنه يواجه معارضة لوجوده خاصة بعد نجاحه في تحقيق مكاسب جيدة خلال الانتخابات الطلابية.

من احتجاجات حملة طلعت ريحتكم

قالت بوليانا غيها، رئيس النادي في الجامعة الأميركية في بيروت للعام الماضي، “لأننا تمكنا من وضع أنفسنا كمجموعة مستقلة ذات مصداقية واجهنا معارضة شديدة من مختلف الأطياف السياسية. “

جابه النادي العلماني أيضاً إدارة الجامعة احتجاجا على القرارات الإدارية التي يعتقدون أنها ضد مصلحة الطلاب. خلال العامين الماضيين، نظم النادي احتجاجات كبيرة داخل الحرم الجامعي رداً على رفع الرسوم الدراسية.

بغض النظر عن الضغوط التي وضعها النادي على الجامعة، فإن كثيرون يرحبون به.

قال طلال نظام الدين، رئيس شؤون الطلاب والذي يعمل بشكل وثيق مع المنظمات الطلابية في الجامعة الأميركية في بيروت، “كل هذا يمكن أن يكون إضافة إيجابية للجامعة وللبنان من حيث التنوع.” مضيفاً إن “قوة لبنان العظمى في فلسفة عدم إلغاء الآخر. يعتبر البعض أن وجود عدد كبير من الأصوات والآراء أمراً محبطاً، لكن لبنان  شجرة أرز مع العديد من الفروع.”

انتقلت فكرة العلمانية إلى جامعات أخرى.

في الجامعة اللبنانية الأميركية، بدأت منظمة علمانية مماثلة باسم الحركة الطلابية البديلة. لكنها مازالت تكافح للعثور على هويتها، وفقاً لبعض الطلاب المتابعين.

قال مهدي زيدان، طالب في الجامعة شارك سابقاً مع الحركة، ” القضية أن الكثيرين لم يكونوا تماماً علمانيين. الكثيرون منا يساريون ولا نؤمن أن الهدف النهائي من النشاط هو نظام علماني بل يجب أن يستكمل مع أشياء أخرى مثل العدالة الاجتماعية والاقتصادية.”

يعمل العديد من الأعضاء الحاليين والسابقين لقضايا أخرى داخل الحرم الجامعي وخارجه على قضايا مثل حقوق المهاجرين وحقوق المثليين والزواج المدني. ففي لبنان، تخضع قضايا الزواج والطلاق والميراث للمحاكم الدينية بحسب الأديان والطوائف الـ 18. ويتوجب، على سبيل المثال، للراغبين بالزواج المدني عقده خارج البلاد رغم وجود مقترح لقانون ينظم الزواج المدني.

تسبب انتشار الأفكار العلمانية في تغيير تفكير بعض الطلاب، الذين تحالفوا سابقاً مع الأيديولوجيات الطائفية.

Jason Lemon 3

قال بلال يوسف، طالب في جامعة بيروت العربية، “اعتدت أن أكون متعصباً حقيقياً في الماضي لكن بعد أن قدمني صديقي لورش العمل أصبحت أكثر دراية بمعنى العلمانية.”

لا يوجد حاليا أي ناد علماني في جامعة يوسف، إذ تتجنب الجامعة الانتماءات السياسيات على أمل تجنب النزاعات.

قال يوسف “لا توجد أندية أو حركات علمانية في جامعتي، لكنني متأكد من أن هناك الكثير من الطلاب الذين يعتبرون أنفسهم علمانيين. آمل بتشكيل نادي علماني.”

النشاط خارج الحرم الجامعي

نتيجة لتجمع الطلاب تحت راية العلمانية، تمكنوا أيضاً من تنظيم تحركات أخرى تشترك مع قيمهم. إذ يشارك الطلاب العلمانيين من مختلف الجامعات بانتظام في المظاهرات السياسية المطالبة بالمحاسبة بما في ذلك احتجاجات حملة “طلعت ريحتكم” المستمرة، والتي قامت رداً على أكوام من القمامة التي ملأت شوارع لبنان بعد عجز الحكومة عن إنشاء مكب جديد.وبينما تغرق الحكومة في الجمود السياسي، من دون أن تكون قادرة على إيجاد حل لأزمة القمامة، تصدت قوات الأمن بعنف المتظاهرين والطلاب العلمانيين الذين ما زالوا يأملون أن يتمكنوا من إحداث تغيير سياسي إيجابي.

قال جان قصير، رئيس النادي العلماني في الجامعة الأميركية في بيروت لعام 2013-2014، “نأمل أن يتم تعميم تجربة النادي لاحقا في أطر أخرى خارج الجامعة. فهي نوع من إنتاج أو تصدير النشطاء الماهرين.” وأضاف “أنت تبني مؤسسة، تصدر النموذج. يمكنك إنشاء الشبكات؛ يمكنك أن تصبح قوة كطالب، بعد التخرج يمكن أن تستمر كناشط من خلال الانضمام إلى حركة سياسية أو البدء بأنفسه. أعتقد أنه في يوم من الأيام ستظهر جماعة سياسية تكسب تأييد الشعب وتغير هذا النظام.”

*جيسون ليمن، مساعد محرر في StepFeed.com يستكمل حالياً درجة الماجستير في الدراسات الإعلامية في الجامعة الأميركية في بيروت.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى