أخبار وتقارير

الأردن: النقل العام يعيق التعليم

تم نشر هذه القصة ضمن سلسلة من القصص حول الصعوبات التي يواجهها الطلاب مع وسائل النقل العام في المنطقة العربية بالتعاون مع موقع حبر

عمّان— لم يكن القلق الذي تشعر به خديجة جودة، الطالبة الجامعية، حيال امتحانها النهائي يفوق قلقها من كيفية الوصول في موعد الامتحان، هي التي تسكن في عمان وتدرس في كلية المجتمع العربي المقابلة للجامعة الأردنية فتستخدم وسائل النقل العامة على خط الجامعة الأردنية.

المسافة بين منزل خديجة في طبربور والجامعة الأردنية لا تتجاوز 11 كيلو متراً بحسب تقديرها، لكنها تتطلب منها الخروج قبل ثلاث ساعات للوصول في موعد الامتحان. تستخدم خديجة وسائل النقل العامة لتصل إلى جامعتها، لكن لا يمكن لأحد التنبؤ بمواعيد وصول الحافلات. في بعض الأحيان تستغرق الحافلة 10 دقائق وأحياناً أخرى أكثر من ساعتين.

يقول مراقبون إن سبب المشكلة يكمن في النظام غير العملي للحافلات العامة، حيث تتداخل خطوط الحافلات ويغيب عنصر جودة الخدمة. ويتسبب ضعف نظام النقل العام في المملكة بمشكلات تعليمية يمكن اعتبارها عائق خفي يعاني منه طلاب الجامعات الحكومية في عدة دول عربية. (إقرأ أيضاً: المواصلات العامة عائق خفي أمام تعليم الطلاب في المنطقة وفي دمشق: الدراجات الهوائية وسيلة الطلاب الجديدة للوصول إلى جامعاتهم).

فبحسب دراسة مسحية أجرتها هيئة تنظيم النقل البري عن رضا الركاب بين عامي 2011-2012، شكلت نسبة مستخدمي وسائل النقل لأغراض الدراسة 35 في المئة من مجموع العينة، واحتلّت الفئة العمرية بين سن 19- 26 ما نسبته 46 في المئة من مستخدمي وسائل النقل العام.

إلا أن أرقام هيئة تنظيم النقل العام في عام 2012 تأتي متواضعة بالمقارنة مع نتائج دراسة أجراها البنك الدولي عن واقع النقل في الأردن عام 2014، أشارت أن نسبة استخدام الطلبة لوسائل النقل العام تصل لـ 80 في المئة بالرغم من أن نسبة المساحة التي تحصل عليها الحافلات على الطرق لا تزيد عن 5 في المئة. وفي ظل حاجة 39 في المئة من الشباب إلى استخدام حافلتين فأكثر للوصول لغايتهم، تمنع 30 بالمئة من الأسر أبناءها وخاصة الفتيات من استخدام وسائل النقل العام، بحسب تقرير لصحيفة الغد عن دراسة البنك الدولي.

الانتقال للسكن قرب الجامعة كان الحل الذي لجأت إليه فرح عبد السلام، طالبة العلوم المالية والمصرفية في جامعة الطفيلة التقنية، فاستأجرت سكناً في منطقة «العيس» القريبة من الجامعة، يمكنها من الوصول للجامعة مشياً على الأقدام خلال خمس دقائق، لكنها تواجه معاناة نهاية الأسبوع، حيث تتجه إلى عمّان مساء الخميس وتعود صباح الأحد للجامعة.

تقول فرح إنها تصل إلى مجمّع حافلات الجنوب الساعة 5.30 صباح الأحد، حيث يكون غالبية المتجهين إلى الطفيلة من الطلبة، الذين يترقبون مزاج سائق الحافلة الكبيرة المكيفة، ذات المقاعد المريحة، والمساحة المخصصة للحقائب، ومتطلبات الراحة اللازمة للرحلة التي قد تستغرق ساعتين ونصف، فإذا لم يجد السائق العدد المقنع له لتسيير حافلته يضطر الطلبة للتوجه للحافلة المتوسطة، دون تهوية جيدة طوال الطريق، مع حقائب في أحضان الركاب، ودون موعد محدد للانطلاق أو الوصول.

المصدر: حبر

احتجاجات الطلبة قد تتجاوز عدم التنظيم، إلى المطالبة بحافلات تحظى بجاهزية فنية تحفظ سلامتهم العامة، وذلك بعد تكرار تعطل أعداد كبيرة من الحافلات حسب ما قاله العديد من الطلاب.

في نيسان/إبريل الماضي، أصيبت طالبة في الجامعة الهاشمية بحروق من الدرجة الأولى نتيجة إنفجار في مبرد محرك الحافلة في طريق العودة إلى عمان.

على صعيد أخر، يواجه 30 ألف طالب وطالبة في الجامعة الهاشمية، التي أنشئت في عام 1995 على بعد 20 كم شمال شرق عمان، صعوبة كبيرة لا سيما مع وسائل النقل بحسب ما أكد رئيس مجلس طلبة الجامعة الهاشمية، والناطق الرسمي باسم هيئة تنظيم النقل البري، ومديرعام شركة المتكاملة، المشغلة لخط نقل الطلبة ما بين الجامعة الهاشمية ومدينة عمّان.

تبرر كل جهة الأسباب من منظورها لمشكلة قديمة حديثة ، لكنهم جميعاً يتفقون على عدم وجود غرف كافية في السكن الجامعي مما يتسبب في مغادرة 8000 طالب وطالبة للجامعة يومياً ويعودون في اليوم التالي بحسب بيانات شركة المتكاملة.

يصف قصي الخوالدة، رئيس مجلس الطلبة، المعاناة المستمرة منذ سنوات بقلة أعداد الحافلات من جهة، وتعطلها الدائم والمتكرر من جهة أخرى ما بات يشكل خطراً على سلامة الطلبة، إضافة إلى تأخرهم عن محاضراتهم الصباحية.

بدورها، قالت عبلة وشاح، الناطقة الرسمية باسم هيئة تنظيم النقل البري، إن سبب المشكلة يكمن في موقع الجامعة البعيد عن أية تجمعات حيوية تساهم في حل قضية المواصلات، وآلية القبول الجامعي التي تسمح باستقبال أعداد تقوق الجاهزية للنقل. قالت “من المفروض أن تقبل الجامعة نحو أربعة آلاف طالب في العام الماضي، لكنها قبلت عشرة آلاف طالب دون الرجوع لنا.”

وأوضح الطالب الخوالدة أن الطلبة قاموا بعشرات الفعاليات الإحتجاجية النوعية في الفترة الماضية، كالإضراب عن استخدام حافلات المتكاملة والمبيت في الجامعة، أو فعالية السير على الأقدام من الجامعة إلى عمّان للفت النظر لقضيتهم، وهو ما دفع الجهات الرسمية للتحرك بحسب قوله، حيث نتج عن ذلك اجتماع لجنة النقل النيابية مع وزارة النقل وإدارة الجامعه والمتكاملة، التي وافقت على استئجار حافلات خاصة من شركات أخرى لتغطية العدد، في حل “مؤقت”.

بدوره، لم ينف مؤيد أبو فردة، مديرعام شركة المتكاملة، أن أحد أسباب تأخر الشركة في تأمين المزيد من الحافلات لخط الهاشمية هو تأخر جهات حكومية في سداد مبالغ مترتبة عليها للشركة.

أما حازم زريقات، الخبير في قطاع النقل والعضو المؤسس في حملة “معاً نصل”، فيعتقد أن المشكلة تكمن في آلية الدعم الحكومي الذي يفتقر إلى الربط بينه وبين أنه توفير خدمة أفضل. قال “يجب أن تنعكس على الشروط في عقود التشغيل،” بحيث يكون الدافع الأساسي عند المشغل تقديم خدمة أفضل، ويضيف أن هنالك الكثير من التحديات في البيئة التشغيلية أمام تطبيق مثل هذه الفكرة، أهمها العدد الكبير من الملكيات الفردية لخطوط النقل العام.

لايبدو قصي الخوالدة، رئيس مجلس طلبة الجامعة الهاشمية، متفائلًا باستمرارية الحلول المتخذة حالياً لمواجهة مشكلة مواصلات الطلبة بين الجامعة وعمّان. قال “تم استئجار حافلات سياحية بصورة مؤقتة. لكن كيف سيتم حل المشكلة على المدى الطويل؟” موضحاً أن المشكلة لا تبدو واضحة بصورة كافية خلال الموسم الدراسي الصيفي نظراً لقلة عدد الطلاب المسجلين لكن مع بدء العام الدراسي الجديد ” سيتضح لنا ما إذا تم حل المشكلة نهائياً أو أننا عدنا لنقطة الصفر.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى