أخبار وتقارير

عالم نبات يدعم التنمية الريفية في المغرب

مع إثنين من الهواتف المحمولة، وثلاثة خطوط هاتف، وثلاثين إلى أربعين مكالمة هاتفية يومياً، وحياة عملية مليئة برحلات عبر الطرق البرية التي فصلته لمدة سبعة أعوام عن أمور رفاهية كالعمل لساعات منتظمة، والحصول على عطل نهايات أسبوع، ووجود فرصة للنوم.

يبدو عبد الرحيم ورغيدي رجلاً مشغولاً.

في عام 2013، حصل ورغيدي على شهادة الدكتوراه في مجال علم النبات الشعبي Ethno botany والإثنولوجيا البيئية Ethnoecology من جامعة القاضي عياض في المغرب، حيث ركزت أبحاثه في المناطق الريفية على جذور النباتات الطبية وسميتها المحتملة بالنسبة للإنسان. بعد فترة قضاها في مؤسسة التنوع العالمي – منظمة إنجليزية غير ربحية تركز على حماية البيئة والتنمية البشرية– بدأ ورغيدي العمل كمدير للبرامج لدى مؤسسة الأطلس الكبير التي تتخذ من مراكش مقراً لها. والمؤسسة عبارة عن منظمة مغربية – أميركية غير ربحية تسعى لمساعدة المجتمعات الريفية في تطوير أنفسها من خلال الزراعة.

يقدم ورغيدي نصائحه لمواقع المؤسسة حول قضايا مثل الحدائق العامة والإدارة الزراعية، ويجتمع بإنتظام مع ممولي البرامج وقادة المجتمع. كما يقوم أيضا بتدريب المسؤولين الحكوميين وقادة المجتمع الريفي لترأس لقاءات مفتوحة في البلدات تهدف لتحديد الأولويات المجتمعية وتطوير إستراتيجيات لحل مشاكل المجتمع. وخلال الوقت الذي قضاه في المؤسسة، ساعد ورغيدي في البدء بإنشاء مشاتل أشجار مجتمعية، وأسس 12 موقعاً لتوفير مياه الشرب النظيفة، وقام بتحسين الظروف المعيشية للمعلمين في المدارس النائية.

وعلى نطاق أوسع، قامت المؤسسة هذا العام بغرس 320.000 شجرة مثمرة عضوياً في 94 مدرسة في المناطق الريفية والحضانات العامة في عموم المغرب. يقول ورغيدي، والذي ترأّس أول مشروع للمنظمة، إن يوسف بن مئير، رئيس المؤسسة، قد ترك بصمته على المؤسسة والتنمية المغربية. ووصف بن مئير ورغيدي بأنه يمتلك قدرة على التحمل لا يمكن وصفها ومعايير أخلاقية قوية.

قال بن مئير، “لقد ساعد ورغيدي المؤسسة بطرق يمكن حصرها وأخرى لا حدود لها، وقام بما لم يقم به أي شخص آخر.” فقد ساعد بشكلٍ حاسم على تحقيق المشاريع المستدامة للمجتمعات المحلية في العديد من الأماكن، وحقق أهداف عدد لا يمكن إحصاءه من الشركاء.

ومع جدول أعماله المزدحم وغير المنتظم، فإن ما يدفع ورغيدي على المواصلة في عمله هو إيمانه بمهمة المؤسسة في مساعدة المجتمعات الريفية المحلية على تطوير نفسها. وبصفته عالم وعامل في مجال التنمية، فإن لديه وجهة نظر إستثنائية.

يقول ورغيدي “إن الهدف من أن تكون عالماً هو المحافظة على الموارد دائماً. أن تكون عاملاً في مجال التنمية، يعني أن تفكر دائماً بتطوير المجتمع على حساب الموارد. إذا ما كنت في المنتصف، بإمكانك أن تفكر بشأن الحفاظ على جميع الموارد، ولكن أن تفكر أيضاً في كيفية جعل ذلك متوازناً مع تنمية المجتمع. هذا هو الوضع الذي أرغب فيه، أن أكون في المنتصف، وأن يكون في مقدوري مد الجسور بين الجانبين.”

من أجل تحقيق هذا الهدف، يشعر ورغيدي بأنه يتوجب عليه أن يكون متواجداً مع نظرائه المحليين طوال الوقت.

يقول ورغيدي “عندما تعمل في مجال التنمية، لا يمكنك أن تقول بعد الساعة السادسة مساءاً بأنّك قد إنتهيت من العمل. فقد يقوم الناس بطلبك في منتصف الليل. وقد يتصل بك الناس في الساعة الخامسة صباحاً. أنت تعمل على مدار الساعة. كلما وقع الناس في مأزق أو كانت هنالك ثمة مشكلة سيحتاجون للوصول إليك. لا يمكنك توقع ما يحصل.”

وأضاف “كوني متواجداً بشكل دائم، يخلق ما هو أكبر مجرد شراكة فعالة لأن ذلك يضع الأساس لصلات طويلة الأمد بين المؤسسة وشركائها في المناطق الريفية. نحن نسعى لأن نكون قريبين من المجتمع. ونسعى للتشاركية، لأن النظراء المحليين يعرفون بأن في إمكانهم المشاركة. فهم يعرفون بأننا نمنحهم الفرصة والمكان للتعبير عن أنفسهم، وأن يتخذوا قراراتهم بأنفسهم، ومن ثم تحقيق مشاريعهم الخاصة.”

بالنسبة لعبد الرحيم، فإن عمله أدى أيضا لتكوين صداقات عميقة. يقول “الناس، عندما تحبهم، يحبونك بحق. وهذا العمل شيء يجب أن تقوم به بحب. النظراء المحليون يريدونك… فهم يعرفون بأنك الحل بالنسبة لبعض المشاكل.”

يمكن أن تعزى فعالية ونجاح ورغيدي إلى علاقته الخاصة بالحياة الريفية. فقد قضى ورغيدي، الذي ينحدر من أصول تمزج بين العرب والأمازيغ (البربر)، فصول الصيف في طفولته في الجبال القريبة من مراكش، حيث تعلم لهجة تشلحيت الأمازيغية. وقد منحته اللغة وسيلة إتصال جعلته ذو نظرة ثاقبة على حياة ومشاكل  الريفيين المغاربة.

يقول “أن تكون في الجبال وتشاهد نضال الناس والصعاب التي يواجهونها والذهاب إلى الحقول، فإنك ستعرف ما يواجهه الناس لأنك كنت هناك، وتعرف على وجه الدقة ما يجري هناك. ستعرف كيف بإمكانك أن تتواصل معهم، وأن تكون متصلا بمشاكلهم وأولوياتهم.”

في المستقبل، يأمل ورغيدي في التركيز على الكيفية التي يمكن بسببها لمسؤولية النوع الإجتماعي في مجال إدارة المياه أن تمكن أو تحد من مكانة المرأة في المجتمعات الريفيّة.”

“لقد كنت محظوظاً في حياتي. حظيت بتعليم رائع، وفرصة عظيمة. وواجبي الآن هو أن أعطي، لأنني أمتلك الكثير مما يتوجب علي أن أعطيه.”

* إيدا صوفي وينتر، طالبة جامعية في قسم الصحافة في جامعة ميزوري. منذ شهر تشرين الأول /أكتوبر، تطوعت وعملت لصالح مؤسسة الأطلس الكبير، كمساعدة برنامج في إفران ومديرة برنامج في نيويورك.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى