أخبار وتقارير

جامعات جديدة تفتح أبوابها لتعليم اللاجئين السوريين

شهد العام الماضي بروز ملامح جديدة لجهود توفير التعليم العالي للشباب السوري الذي شردته الحرب المستمرة الدائرة في بلادهم منذ فترة طويلة– وتمثل ذلك بإنشاء مؤسسات مكرسة خصيصاً للطلاب السوريين.

تتضافر هذه الجهود مع المساعي القائمة لتوفير التعليم للطلاب السوريين في مخيمات اللاجئين وفي الجامعات الإقليمية. وبالنسبة لنخبة ضئيلة، مكنت المنح الدراسية والدعم المالي بعض السوريين الشباب من الدراسة في الغرب.

يقدر معهد التعليم الدولي، وهو منظمة غير ربحية مستقلة مقرها الولايات المتحدة الأميركية، وجود 40.000 إلى 50.000 طالب جامعي في تركيا لوحدها. ومع ذلك، يقول جيمس كينغ، كبير الباحثين ومدير الاتصالات في صندوق إنقاذ العلماء مع معهد التعليم الدولي إن عدد الطلاب السوريين المسجلين في الجامعات التركية يمثل ما نسبته 3 في المئة من أعداد الطلاب السوريين في سن الجامعة.

الآن، تتواجد ثلاث جامعات على الأقل إما كمقترح أو أنها قائمة وتعمل بالفعل في تركيا. جامعة زكاة، والتي أسستها مؤسسة إسلامية أميركية، والجامعة التركية القطرية، المقترح إنشاءها من قبل حكومتي البلدين، ومشروع جامعة سلام الشرق الأوسط، والتي تحظى بدعم رائد الأعمال التعليمية التركي أنور يوجل.

تأسست جامعة الزكاة من قبل مؤسسة الزكاة الأميركية –منظمة إسلامية – ويعود إسمها إلى الركن الثالث من أركان الإسلام، والذي يعني التصدق بشكل منهجي.

قال خليل دمير، المدير التنفيذي للمؤسسة، إن الجامعة تأمل في خلق جيل من المهنيين السوريين الذين سيكون في إمكانهم إعادة بناء بلدهم ومنع المتطرفين من الإيقاع بالمزيد من الشباب السوريين.

قال دمير “التطرف قادر على حشد المزيد من الناس بسبب فقدان الأمل. طالما يمتلك الناس الأمل، فإنهم سيقاومون. ومنحهم فرص للتعليم الجامعي بمثابة منح الأمل لهم.”

https://www.bue.edu.eg/

تضم جامعة الزكاة على هيئة تدريس تتألف من 15 عضو يعمل بدوام كامل، و20 عضواً غير متفرغ “يعملون بدوام جزئي”. يقع مبنى الجامعة في مبنى من ستة طوابق تم تحويره ليلائم غرض الجامعة في مدينة غازي عنتاب في جنوب تركيا. وتضم الجامعة كافتيريا، ومكتبة، و36 فصلاً دراسياً. لكن النقطة الأهم تتمثل بكون الدروس في جامعة الزكاة باللغة العربية – للحد من حاجز اللغة الذي غالباً ما يمنع السوريين من الإنخراط في الجامعات التركية.

تقع الجامعة على بعد أقل من 75 ميل من مدينة حلب وهي بإنتظار الدفعة الأولى من الطلاب للبدء في التجول في قاعاتها وحضور المحاضرات فيها. قال دمير مازحاً، “لا تزال جامعتنا جديدة، لقد تم الإنتهاء من الدهان للتو، ونحن بإنتظاره ليجف.”

تتوقع الجامعة أن تبدأ الدراسة فيها في نهاية أيلول/سبتمبر. يسهل اختراق الحدود بالقرب من غازي عنتاب نسبياً، خاصة وأن السيطرة على الجانب السوري في حالة تغير مستمر. تتواجد حالياً أعداد كبيرة من اللاجئين وهنالك تدفق منتظم لأعداد جديدة منهم. بالنسبة لجامعة الزكاة، يعني ذلك بأنه سيكون هنالك بالضرورة أعداد كبيرة من الطلاب المحتملين.

وبحسب الجامعة، فقد سجل 120 طالباً وطالبة منذ مطلع شهر آب/أغسطس، لكنهم يأملون في أن يتقدم المزيد من الطلاب قبل بدء أولى الفصول الدراسية. وتوفر الجامعة دروساً في خمسة فروع فقط – علم الحاسوب “الكومبيوتر”، والتعليم، والإدارة، والعلوم الإنسانية والإجتماعية.

تأسست المؤسسة بالإعتماد على مبالغ صغيرة، حيث بلغت التكاليف الأولية في حدود ما يقرب من 200.000 دولار أميركي. ويقدر دمير بأنها تحتاج إلى 20.000 دولار أميركي شهرياً على الأقل من أجل إبقاء المؤسسة مفتوحة، على الرغم من أنه مستعد لذلك لتصل إلى 250.000 دولار أميركي كحدٍ أقصى إذا ما إزداد عدد الطلاب المسجلين بشكل ملحوظ، وهو ما يعقد عليه الآمال، لتصل إلى حد إستيعاب أقصى يبلغ 400 طالب وطالبة.

علاوة على مصاريف الإستدامة، فإن موظفي الجامعة يتم الدفع لهم نظير عملهم. قال دمير إن الرواتب ليست سخية وبأنه يأمل بأن يدفع لأعضاء هيئة التدريس أكثر في نهاية المطاف. مضيفاً أن أساتذة الجامعة يفهمون بأن الجامعة قائمة هناك أيضاً لتقديم الخدمات الأكثر إحتياجا للاجئين السوريين – وليس بهدف أن تكون مجال عمل ربحي. وستكون رسوم الطلاب، إن وجدت، منخفضة.

في أيار/مايو عام 2015، أعلنت تركيا وقطر عن خطط طموحة لإنشاء الجامعة التركية القطرية، في مدينة غازي عنتاب أيضا، لتخدم اللاجئين السوريين هناك. ونص الإعلان أيضاً بأنها ستساعد على تعزيز التعاون العلمي بين تركيا وقطر – على الرغم من أن شكل ومدى ذلك التعاون لم يتم توضيحه.

وجاءت المبادرة المدعومة قطرياً بعد زيارة إلى مخيم للاجئين في محافظة غازي عنتاب قامت بها والدة أمير قطر والسيدة الأولى في تركيا.

لا تزال الجامعة المقترحة في مراحل التخطيط، بينما تبحث وزارة التعليم التركية عن قطعة أرض محتملة يتم منحها للمشروع.

يشكّ بعض الخبراء فيما إذا كان نموذج الجامعات المنفصلة للسوريين فكرة جيدة. تشعر إسراء محمد، المساعد في شؤون التعليم لدى وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، بالقلق في أن يتسبب ذلك في تهميش الطلاب السوريين أكثر مما هم عليه الآن بالفعل.

وقالت إنها تفضل تعليم السوريين جنباً إلى جنب مع طلاب البلد المستضيف الذي يعيشون فيه. وقالت محمد إن وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لا تتوقع أن تحل مشكلة اللاجئين بسرعة، وهو ما يجعل الدمج أكثر أهمية. بالنسبة لها، فإن إيجاد نظام مواز يعمل على فصل الطلاب السوريين عن طلاب الدولة المضيفة يتعارض مع الدمج ويتسبب في المزيد من العزلة.

قالت “ليس هذا بالحل المناسب.”

ويعتقد كينغ أيضاً بأن “وضع اللاجئين طويل الأمد” محتمل جداً. قال “كلما كان في إمكان السوريين الإندماج أكثر في نظام التعليم العالي التركي، على الرغم من أن المسألة حساسة سياسيا، كلما سيكونون أكثر قدرة على إعالة أنفسهم على المدى الطويل.”

لكن جامعة الزكاة والمؤسسات المماثلة تشير إلى أن العدد الضئيل من السوريين المسجلين في الجامعات التابعة للنظام التعليمي في البلد المستضيف تعد بمثابة مبرر لجهودهم.

ومع تواجد عدد قليل من الطلاب السوريين الذين يتحدثون اللغة التركية، يتواجد طريقان فقط أمامهم للدخول في النظام التركي: برامج مكثفة لتعلم اللغة، أو برامج منفصلة في الجامعات التركية لكنها تدرس باللغة العربية، والتي يعتقد البعض بأنها لا تختلف كثيراً عن المؤسسات المنفصلة.

لكن المسألة طويلة الأمد بالنسبة للطلاب السوريين تتمثل في التأكد بأن أية درجة جامعية سيحصلون عليها من الجامعات الجديدة ستكون ذات قيمة. يقول جيمس كينغ، من معهد التعليم الدولي، إنه يأمل بأن الجامعات الجديدة سيتم إعتمادها من قبل مجلس التعليم العالي التركي، أو هيئات دولية أخرى.

من دون الإعتماد أو أية شهادة أخرى من إحدى الهيئات المستقلة، فإن أصحاب العمل المحتملين والجامعات الأخرى لن يكون في إمكانها التأكد من جودة التعليم في جامعة الزكاة – مما يجعل الفرص بعد التخرج ضئيلة. يستغرق الحصول على الإعتماد الرسمي وقتاً طويلاً، لكن دمير يدرك أهمية ذلك.

تجري جامعة الزكاة حالياً محادثات مع جامعتين تركيتين وواحدة في السودان. يأمل دمير في منح شهادات جامعية من جامعة الزكاة بالتعاون مع هذه المؤسسات والإتكاء على إعتمادها. قال “بحلول الوقت الذي ستتخرج فيه الدفعة الأولى من الطلاب، نأمل أن نكون قد أقنعنا (مؤسسات أخرى) بإصدار الشهادات معنا.”

رفض دمير تسمية الجامعات التي تتفاوض معها جامعة الزكاة خوفاً من إفساد الصفقات المحتملة.

من جهة أخرى، دعا رائد الأعمال التركي أنور يوجل في وقت سابق لإنشاء شبكة من الجامعات المتخصصة للاجئين السوريين ليتم بناؤها في المدن التركية الحدودية القريبة من الحدود السورية. كما إقترح أيضاً توظيف أساتذة الجامعات المتواجدين في مخيمات اللاجئين للعمل في هذه الجامعات.

لم يستجب يوجل لطلب إجراء مقابلة معه لمعرفة المزيد عن التقدم الذي أحرزه مشروع جامعة سلام الشرق الأوسط، لكن مصادر أخرى عبرت عن مخاوفها في أن يكون المشروع قيد التوقف.

غالباً ما تبدأ مشاريع كهذه بنوايا سليمة. لكن ما أن  يبرز واقع الخضوع للأنظمة والقوانين التركية، تصبح صعوبة جمع المال الكافي لإدارتها واضحة. إذ يعترف الإداريون بأنه من الممكن أن يصبح ذلك تحدياً لحشد تلك الأهداف لتوليد شيء مفيد ومستدام في الوقت ذاته.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى