أخبار وتقارير

أكاديمية التحرير تغلق أبوابها

* ظهرت نسخة موجزة من هذه االقصة في وقت سابق على موقع مدى مصر. 

أوقفت أكاديمية التحرير، مؤسسة تعليمية على شبكة الإنترنت ذات شعبية واسعة، نشاطها التعليمي مؤخراً فيما يمكن اعتباره مؤشراً لمصير المنظمات التعليمية غير الربحية في مصر.

وقالت المؤسسة في بيان نشرته على صفحتها على موقع الفيسبوك، إن مؤسسيها لم يعودوا  قادرين على تمويل المشروع من جيوبهم الخاصة، وإن التبرعات لا تكفي لاستمرار المشروع.

وبحسب القوانين المصرية الحديثة، يمنع على المنظمات غير الحكومية ممارسة أي أنشطة تجارية لتأمين نفقاتها. في المقابل، يمكن للكثير من المؤسسات الخيرية في العديد من دول العالم ممارسة بعض النشاطات لتأمين نفقاتها. فعلى سبيل المثال، تشغل منظمة أوكسفام الخيرية بعض المتاجر التي تبيع بضايع مستعملة لتأمين دخل لعملها.

عملت أكاديمية التحرير كمنصة للتعلم عبر الإنترنت من خلال مكتبة إلكترونية تضم فيديوهات تعليمية باللغة العربية موجهة للطلاب المصريين في المدارس الابتدائية والثانوية. تم إنشاء المحتوى من قبل متطوعين، حيث تمت مراجعته وإعادة إنتاجه بأشكال جديدة غير تقليدية. ومنذ إنشائها في أيار/ مايو 2011، بعد أربعة أشهر فقط من اندلاع ثورة 25 يناير، جذبت صفحة الأكاديمية على موقع الفيسبوك أكثر من نصف مليون متابع ونحو 120 ألف مشترك وأكثر من 9 مليون مشاهدة للقناة على اليوتيوب.

وعلى الرغم من التوجه التنموي للأكاديمية وابتعادها عن السياسة بشكل واضح، إلا انها لم تتمكن من الصمود أمام الأسئلة المثارة بموجب القانون المصري الحالي حول طبيعة نشاط المجتمع المدني وإشراك الشباب.

مصطفى فرحات

قال مصطفى فرحات، المدير العام والشريك المؤسس لمبادرة نفهم، منصة تعليمية مجانية على الانترنت لطلاب المدارس الابتدائية والثانوية،” ليس سراً أننا نواجه صعوبات كثيرة في الآونة الأخيرة خاصة وأن  دعم التعليم في المنطقة ضمن الظروف الحالية ليس سهلاً على الإطلاق.”

تعيش معظم المشاريع الغير ربحية المماثلة تحت تهديد التوقف بسبب نقص التمويل، وفقاً لفرحات. حاولت مبادرة نفهم الحصول على دعم حكومي لكنها فشلت. قال ” أشعر بالقلق إزاء مصيرنا. لا يمكننا الحصول على أي دعم خارجي بسبب القوانين الجديدة، وعائدات الإعلانات غير كافية. قد نحتاج إلى التفكير جدياً بالتحول إلى مؤسسة ربحية.”

بدوره، قال خالد الاشموني، الباحث في جامعة ميتشجان بالولايات المتحدة الامريكية ومؤسس مبادرة علماء مصر “الأمر يعكس صورة سلبية بالنسبة إلى الأخرين الذين يحجموا عن إنشاء مشروعات مماثلة.” وأضاف ” أتمنى أن تعمل وزارة التربية والتعليم على الاجتماع مع مؤسسي المبادرة لمناقشة  سبل الدعم الممكنة.”

وكانت الحكومة المصرية قد وضعت المزيد من القيود على فرص حصول المنظمات المستقلة على تمويل أجنبي. فوفقاً لقانون المنظمات غير الحكومية الجديد، تم تعديل قانون العقوبات بحيث ينص على عقوبة السجن مدى الحياة والإعدام في حال القيام بأنشطة ممولة من قبل منظمات خارجية لاعتبارها تضر مصالح الأمن القومي.

تسببت الظروف المالية القاسية بتقيلص حجم أنشطة أكاديمية التحرير وعدد وموظفيها كما اضطرت المنظمة لبيع بعض أصولها.

حاولت المنظمة العمل ضمن حدود القانون المصري، لكنها فشلت. فلولا القيود القانونية، كانت الأكاديمية قد تمكنت من تأمين التمويل، بحسب ما ذكرت في بيانها.

وأوضح سيف أبو زيد أحد مؤسسي الأكاديمية أن نموذج عمل المنظمة اعتمد منذ البداية على ثلاثة مصادر للتمويل، تضمنت إنشاء المحتوى لشركات القطاع الخاص، وجذب الرعاو والمعلنين، والتبرعات.

قال “اُعتبر إنشاء المحتوى نشاط تجاري غير قانوني،” مضيفاً أن الخيارين الباقيين فشلا أيضاً. وأكد أن تلقي المنح الأجنبية لم يكن أبداً جزءاً من خطة المنظمة، “لا يمكن اعتبارالتمويل الأجنبي حلاً مستداماً.”

تاسست  أكاديمية التحرير من قبل مؤسسة نبضات الخيرية، منظمة غير حكومية أسسها الناشط البارز في مجال الإنترنت وائل غنيم. واجه غنيم حملة تشويه منظمة لتوجهاته السياسية، مما دفعه لمغادرة البلاد والنأي بنفسه عن النشاط السياسي المصري.

وأبدى العديد من الطلاب الأكاديمية أسفهم لقرار إغلاقها.

قال ناصر محمد وهدان، طالب في السنة الثالثة في كلية الهندسة المعمارية في جامعة الأزهر، “كانت الأكاديمية شمعة مضيئة وسط الظلام. حصلت على معلومات مفيدة جداً من خلالها. أنا حزين حقاً وغاضب لقرار إيقافها. كانت مبادرة خلاقة لكنها لم تلق الدعم الكافي من الحكومة التي تحارب كل  المبادرات المختلفة والناجحة.”

مع ذلك، لايبدي أبو زيد ندمه على  تأسيس أكاديمية التحرير. قال “أنا لست حزيناً لأنها توقفت، أنا سعيد لإنشائها.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى