أخبار وتقارير

صعوبات تواجه تدريس اللغة الأمازيغية رسمياً في الجزائر

قام القادة الجزائريون بتحويل اللغة الرسمية من الفرنسية إلى العربية بعد استقلال الجزائر في أوائل ستينيات القرن الماضي.

وبعد مرور أربعين عاماً، قامت الحكومة بإعتبار الأمازيغية – اللغة الأم للبربر– كلغة وطنية. لم ترق الخطوة لوضع الأمازيغية على قدم المساواة مع العربية، ولكن مع ذلك فإنها أقرت بأن حوالي 25 في المئة من الجزائريين يتحدثون بهذه اللغة.

ومع هذا، لا يزال البربر اليوم يواجهون صعوبة في الحصول على إعتراف بالأمازيغية، وهي المعضلة التي تقود الكثيرين منهم للشكوى بأنهم لا يجدون مكاناً لهم في النظام التعليمي الجزائري. (انظر القصّة ذات الصلة: اللغة الأمازيغية: معترف بها رسمياً، مهمشة بشكلٍ غير رسمي؟).

قال جعفر وشلوشة، طالب الدكتوراه في اللغة الأمازيغيّة في تيزي وزو، في الإشارة إلى منطقة شمال الجزائر التي كانت موضوع بحثه، “في منطقة القبائل، تكاد أن تكون فصول دروس الأمازيغية فارغة تقريباً لأن الآباء يفضلون تعليم أبناءهم باللغة العربية، أو الفرنسية، أو الإنجليزية، أو غيرها من اللغات الأجنبية. ليست هنالك وظائف باللغة الأمازيغية.”

وكانت الأمم المتحدة قد أشارت لهذه المشكلة. حيث قال كيشور سينغ، المقرر الخاص المعني بالحق في التعليم لدى الأمم المتحدة، في حزيران/يونيو بعد تقديمه نتائج بحوثه في مهمة إلى الجزائر في وقت سابق من هذا العام، “يمكن أن تسهم المزيد من الموارد البشرية والمالية في تقدم تدريس اللغة الأمازيغية في الجزائر على كافة المستويات.”

كما قال سينغ إنه وفي الوقت الذي تحقق فيه الجزائر تقدماً في تدريس الأمازيغية – بما في ذلك إنشاء جامعات، ومؤسسات تعليمية أخرى، وقنوات إذاعية وتلفزيونية بهدف تعزيز اللغة – فإنه يتعين عليها القيام بالمزيد من أجل ذلك. كما إعتبر بأن الدعم الدائم  لتدريس اللغة الأمازيغية يعد من بين المشاكل الأكثر إلحاحاً في النظام التعليمي الجزائري.

وأضاف سينغ، “قد تكون معدلات التسجيل أقل في بعض المناطق كما هو الحال في المناطق الريفية وفي أوساط الأسر الأكثر فقراً، ولا تزال هناك حاجة للقيام بالكثير من أجل ضمان حصول الأطفال المعاقين على المساواة في فرص الحصول على التعليم ودراسة اللغة الأمازيغية.”

تعكس الجهود الحالية في البلاد ثمار سنوات من نضال المدافعين عن اللغة الأمازيغية.

في عام 1990، تم إفتتاح قسم اللغة والثقافة الأمازيغية، بحوالي 10 طلاب مسجلين، في جامعة تيزي وزو. والآن يأخذ حوالي 800 طالب وطالبة دروساً في اللغة الأمازيغية في الكلية. وبعد ذلك بعام، تم إفتتاح قسم مماثل في جامعة بجاية. وفي عام 2010، قامت جامعات في ولايتي البويرة وباتنة بإفتتاح أقسام لتدريس الأمازيغية.

وقد كان التعليم العالي في طليعة حركة إجتماعية أوسع.

في عام 1995، وبعد إنتفاضة البربر التي شملت مدرسة إقليمية في منطقة القبائل، حيث إحتج الأهالي حول تمكن أبناءهم من التحدث بلغتهم الأم ولكن من دون أن يتمكنوا من الكتابة بها، فقام المسؤولون الجزائريون بإدخال اللغة الأمازيغية في التعليم الإبتدائي. كما قامت الحكومة بتأسيس المفوضية العليا للأمازيغية (وهو إسم آخر للبربر) للمساعدة في تعزيز اللغة والثقافة الأمازيغية.

في عام 1995، أخذ حوالي 32.500 من طلاب المدارس الإبتدائية والثانوية دروساً  في اللغة الأمازيغية في 16 من مديريات التربية والتعليم مع ما يقرب من 1300 معلم ومعلمة. اليوم، يحضر أكثر من 200.000 طالب دروس اللغة الأمازيغية، لكن عدد مديريات التربية والتعليم التي توفر مثل هذه الدروس قد إنخفض إلى ما يقارب الثمانية، بحسب علي بختي، أستاذ التربية، في جامعة مولود معمري في تيزي وزو.

تعكس الزيادة في أعداد الطلاب إهتمام العائلات الناطقة بالأمازيغية بالموضوع.

ولكن وبسبب كون نظام التعليم الجزائري لا يتضمن اللغة الأمازيغية في متطلبات شهادة البكالوريا الضرورية لدخول الجامعة، فإن تناقص عدد مديريات التربية والتعليم التي تدرس الأمازيغية توضح كيف أن تعليم الأمازيغية لا يزال يواجه تحديات.

https://www.bue.edu.eg/

خلصت المفوضية العليا للأمازيغية في تقرير نشرته بأن “الطبيعة الإختيارية لتدريس الأمازيغية لا تشجع المتعلمين، لا سيما أولئك الذين يتحتم عليهم الخضوع للإختبارات.”

أقرت نورية بن غبريط، وزيرة التعليم الجزائرية، بأن تعليم اللغة الأمازيغية يواجه “مشاكلات حقيقيّة” لا سيما فيما يخص توحيد الطرق التي يتم تدريسها بها والطلب الفعلي من قبل الطلاب وأسرهم.

ولكونها لغة قديمة يُتحدث بها في جميع أنحاء شمال أفريقيا، تستخدم الأمازيغية في الغالب الحروف اللاتينية. مع ذلك، ففي باتنة في شمال شرق الجزائر، تستخدم مدارس قليلة الحروف العربية. وفي جنوب الجزائر، تستخدم بعض الدورات التدريسية الخط البربري الخاص بتيفيناغ.

تدرس الحكومة حالياً كيفية توحيد اللغة والخط الخاص بها. لكن المدافعين عن الأمازيغية لا يعتقدون بأن هذه الجهود ستنجح. فالأمازيغية مصطلح جامع للكثير من اللهجات التي تنتشر في أرجاء القارة الأفريقية. ولا يمكن أن يتم إقتصارها على نسخة واحدة بذاتها، يضيف المدافعون.

قالت فاطمة الزهراء، مدرسة لغة عربية في مدرسة بومشرة في تلمسان، “ينسى الكثير من الناس بأن الأمازيغية تقوم بالأساس على مجموع اللهجات الأمازيغية الموجودة بالفعل. الأمازيغية ليست لغة، بل وسيلة للتواصل بين اللهجات الأمازيغي. إنها خطوة يمكن أن تعني السماح للهجات الأمازيغية بالتواصل فيما بينها، بطريقة عالمية ومثرية.”

بدوره قال عبدالرزاق دوراري، مدير المركز البيداغوجي واللغوي لتدريس الأمازيغية، إنه “في إمكان الحكومة أن تشجع المزيد من الإهتمام باللغة الأمازيغية من خلال وضعها على قدم المساواة مع اللغات الأخرى في الجزائر.” وأضاف بأن الإهتمام شديد في بعض مناطق البلاد “يتأثر تدريس الأمازيغية بالطلب. فهي ليست لغة إلزامية مثل العربية أو الفرنسيّة. ففي وهران على سبيل المثال، لم يعد هناك تدريس للأمازيغية. في الجزائر، يقتصر الأمر على مجموعات قليلة من الطلاب. ولا يتم تدريسها على الإطلاق في غرداية، على الرغم من كونها مجتمعاً ناطقاً بالأمازيغية.

يوافق حدوش يوغرطة، الطالب في المرحلة الثانوية في تيزي وزو على ذلك. قال “الأمازيغية هي اللغة الأم واللغة الأصلية لكل شعوب شمال أفريقيا. يجب أن تكون إلزامية في جميع المدارس من أجل إثراءها وتطويرها.”

ومن أجل معالجة هذه المخاوف، وقعت وزارة التربية الوطنية الجزائرية والمفوضية العليا للأمازيغية على إتفاق في شباط/فبراير – في تزامن مع زيارة الأمم المتحدة لدراسة نظام التعليم الجزائري – يهدف لتعزيز تعليم الأمازيغية في جميع أنحاء البلاد.

قالت بن غبريط “نحن بحاجة لحشد جميع الموارد البشرية من أجل التعميم التدريجي لتدريس اللغة الأمازيغية.”

في هذه الأثناء، يحمل الأكاديميون، في الجامعات الجزائرية الأربعة التي توفر دوراتٍ لتعليم اللغة الأمازيغية، مشاعل هذه اللغة سواء أنجحت الجهود السياسية لتشجيعها أم لم تنجح.

قال علي بختي “على الرغم من عدم تحسن الظروف التعليمية والإجتماعية، فإن مثابرة المعلمين وتفانيهم لا تزال مستمرة.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى