أخبار وتقارير

دعوات لتوسيع تعليم الرعاية الصحية في الإمارات

دبي— على طاولة العمليات، استلقى رجل يبلغ من العمر 25 عاماً ومن الوزن 154 باونداً ووصف بأنه يمتلك جسداً متوسط الحجم.

مع ذلك، لم يكن هناك شيء طبيعي في هذا “الرجل“. إذ يمكن تغيير معدل ضربات القلب، والتنفس، وضغط الدم، والعمر والوزن على الفور فقط من خلال إجراء بعض التعديلات على الكمبيوتر. في الواقع، لم يكن الجسد المسلتقي على الطاولة بشري وإنما مانيكان لاسلكي.

قال إيان بالارد، مدير مركز خلف أحمد الحبتور للمحاكاة الطبية، إنهم يستخدمون أسلوب المحاكاة التفاعلية والتي تتيح فرصة التعلّم، وممارسة الإجراءات الطبية في بيئة أمنة. قال “يمكننا استخدام المانيكان في كل ما نريده أن يكون أو تكون.”

يقع مركز المحاكاة داخل مدينة دبي الطبية، مجمع ضخم تأسس في عام 2002 من قبل حاكم دبي ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن راشد آل مكتوم. يعتبر المجمع موطناً لاثنين من أكبر المستشفيات وأكثر من 120 مركزاً طبية وعيادة خارجية ومختبرات تشخيصية وكلية لطب الأسنان. وقريباً، سيستضيف المجمع كلية طبية جديدة تضم أول دفعة من الطلاب في أيلول/ سبتمبر 2016 كجزء من حملة أكبر لتوسيع نطاق التعليم الطبي جنباً إلى جنب مع ارتفاع الطلب على الرعاية الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدة.

قال عامر شريف، المدير التنفيذي لقطاع التعليم في مدينة دبي الطبية، “تهدف الفكرة كلها إلى خلق استدامة وقوى عاملة عالية الجودة لإمارة دبي والأمة والمنطقة. فمن الأفضل تدريب قوة العمل الخاصة بك في المكان الذي سيعملون به لاحقاُ… وهكذا، نحاول خلق مواهب محلية نابعة من الداخل وتتفق مع المعايير الدولية“.

يعتمد قطاع الرعاية الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث ترتفع نسبة المغتربين، على القوى العاملة المهاجرة. فعلى سبيل المثال، 4 في المئة فقط  من الممرضات في البلاد من المواطنين الإماراتيين بحسب شريف.

وبينما تستهدف بعض الجهود توسيع نطاق تعليم الرعاية الصحية للمواطنين الإماراتيين، تتوجه جهود أخرى، مثل الجامعة الطبية الجديدة، لغير المواطنين. قال شريف “الفكرة كلها تهدف إلى تحفيز هذه المهنة والتأكد من حصولهم على تعليم جيد.”

إلى جانب الجامعة الجديدة، سيتم افتتاح ما لا يقل عن ثلاث كليات طبية جديدة وخمس مدارس تمريض تحسباً لارتفاع احتياجات الرعاية الصحية خلال العقد المقبل، وفقاً لتقارير لوسائل الإعلام المحلية في كانون الثاني/ يناير.

تحتاج دبي لوحدها إلى 8 آلاف سرير داخل المستشفيات، و7323 طبيب و8510 ممرض  بحلول عام 2025، وفقا لما نقلته وسائل إعلام محلية عن عيسى الحاج الميدور، مدير عام هيئة الصحة بدبي.

يشكل ارتفاع عدد السكان مع زيادة نصيب الفرد من الدخل وارتفاع سن الشيخوخة واختلاف الأمراض بحسب أسلوب الحياة محركات أساسية لنمو صناعة الرعاية الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج الأخرى، بحسب تقرير شركة ديلويت العالمية لعام 2015. كما أن ارتفاع معدلات السياحة العلاجية الوافدة من دول أخرى للإمارات وجهود الحكومة الحثيثة تجعلان من دبي مقصداً طبياً.

ويعتبر تغيير طبيعة الرعاية الصحية أحد أسباب أهمية خلق مواهب محلية، بحسب مروان عبدالعزيز جناحي المدير التنفيذي للمجمع العلمي ـ عضو شركة تيكوم للاستثمارات. إذ أن بعض حالات الوفيات المبكرة في الإمارات هي في الغالب بسبب أسلوب الحياة، قال جناحي في جلسة نقاشية في دبي في كانون الأول/ ديسمبر،“لماذ يحدث ذلك؟ نحتاج للمزيد من البحوث والتجارب السريرية لفهم هذا حقاً. دون وجود مواهب حقيقية، هذا ببساطة غير ممكن.”

وأضاف جناحي أن الجامعات تستجيب بالفعل لاحتياجات السوق، فبعض مؤسسات التعليم العالي التي كانت تقدم فقط دورات في العلوم الأساسية انتقلت الى درجة أكثر تقدماً مؤخراً. على سبيل المثال، كانت جامعة مانيبال دبي الأولى في البلاد في تقديم دكتوراه في مجال التكنولوجيا الحيوية.

قال جناحي “على الرغم من أهمية نهج التخطيط من فوق إلى تحت لكنني شخصياً أعتقد أن كل ما يحرك السوق مهم جداً. لذا، أعتقد أن رد فعل الجامعات وتكيفها، أمر جيد ومشجع للغاية.”

تستعد جامعة الخليج الطبية، والتي تقدم بالفعل برامج في الطب، والطب الحيوي، وطب الأسنان، والصيدلة والعلاج الطبيعي في حرمها الجامعي في الإمارات، إلى تقديم برامج إضافية. قالت غيتا أشوك روج، عميدة الجامعة، هناك حاجة للمهنيين المهرة في بما في ذلك في مجالات الدعم التقني والتكنولوجيا الطبية.”

كما يجب الاهتمام أكثر بتطوير البحوث على حد قولها.

وقال فردوس خان، رئيس كلية علوم الحياة في جامعة مانيبال دبي، “ يجب أن تكون المستشفيات على استعداد للعمل مع مؤسسات التعليم العالي لتدريب الأطباء مع توسع التعليم الطبي.” مضيفاُ أن النمو برامج العلوم الطبية والصيدلة أمر حيوي أيضا من أجل التنمية. قال ” نحتاج إلى النمو في جميع مختلف المجالات. أنت في حاجة الى دورات التمريض والصيدلة المهمة جدا لتطوير هذا القطاع.”

لكن العقبة الرئيسية تكمن في قلة اهتمام الطلاب بالتخصصات الحرجة. ففي الوقت الذي يزداد فيه الإقبال على برنامج الطب في جامعة الخليج الطبية، هناك نقص في الاهتمام ببرنامج علوم الحياة بحسب روج. قالت “ننفق كل الوقت في صناعة الأطباء والممرضات، ولكن علوم الحياة تعاني من نقص.”

مؤخراً، ظهرت جهود لحل المشكلة.

يمنح مجلس أبوظبي للتعليم منحة دراسية لكل طالب يدرس الطب في جامعة الإمارات العربية المتحدة الاتحادية، وفقاً لعارف سلطان الحمادي، المدير التنفيذي لقطاع التعليم العالي في المجلس. ويمكن لطلاب أي مؤسسة اتحادية أخرى، وكليات التقنية العليا، الحصول على رواتب وضمانات العمل في حال انخراطوا في التمريض، والتصوير الطبي، والصيدلة أو برامج علوم المختبرات الطبية، وفقاً لمحدّثة الهاشمي، عميد برامج العلوم الصحية في الكلية سابقاً “يكمن التحدي في الحقيقة بإقناع شبابنا المواطنين أن هذا الحقل سيكون مجزياً ماليا وعاطفياً.”
AddThis Sharing ButtonsShare to FacebookShare to TwitterShare to ارسال ايميل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى