أخبار وتقارير

الأردن: العنف يطال المعلمين أيضاً

عمان– في يوم واحد، تعرض أساتذة وإداريون في مدرستين مختلفتين في مدينة الرصيفة التابعة لمحافظة الزرقاء شمال شرق الأردن لاعتداءات عنيفة من قبل طلاب وذويهم تسببت في جرح الأساتذة وأضرار مادية في المدرستين.

الأردن، الذي يعاني من سنوات من انتشار ظاهرة العنف بين طلابه وتحديداً في الجامعات، يشهد اليوم تحدياً أخر يتمثل في تكرار الاعتداءات على أساتذته.

فبحسب بيان لنقابة المعلمين، قام مجموعة من الطلاب بالاعتداء على أحد معلمي مدرسة أبو صياح في الرصيفة ومديرها وتكسير باب المدرسة. فبعد استدعاء المعلم لولي أمر أحد الطلاب حول بعض القضايا التربوية، حاول الطالب ومجموعة من الشبان التهجم على المعلم داخل المدرسة، لكن مدير المدرسة منعهم فكسّروا الزجاج مما تسبب في إصابة المدير.

في حادث آخر، قام 4 أشخاص يحملون سواطير وأسلحة نارية بمهاجمة مدرسة للذكور بمنطقة القادسية في الرصيفة ايضا على خلفية تعرض ولدهم للضرب في مشاجرة بين بعض الطلبة خارج وقت المدرسة. حيث تهجم ذوو الطالب على المدرسة حاملين سواطير خلال اجتماع للمعلمين بعد الدوام، ووقع اشتباك بالأيدي معهم.

جاء الحادثان ضمن سلسلة اعتداءات متكررة على أساتذة المدارس في الاردن، غالبيتها خارج العاصمة.

قال أمجد البدوي، رئيس اللجنة القانونية في نقابة المعلمين “هيبة المعلم واحترامه تراجعت أمام طلابه ومجتمعه،” مطالباً في اجتماع مع وزارة الداخلية “بإيجاد أساس تشريعي وإجرائي للحفاظ على هيبة المعلم.”

خلال العامين الماضيين، وقع 56 حادثة اعتداء على معلمين وإداريين إضافة إلى عشرات الحوادث الأخرى التي لم يتم توثيقها نتيجة عدم الإبلاغ عنها رسمياً. وتتنوع الاعتداءات بين لفظية إلى جسدية، تشمل أيضا الاعتداء على ممتلكاتهم كالسيارات، وعلى ممتلكات المدارس وغرف الإدارة والصفوف باستخدام العصي والمشارط والأمواس والمواسير، وفي بعض الحالات كان التهديد بالسلاح. ولا تقتصر الاعتداءات على المعلمين، بل تطال أيضا المرشدين التربويين ومديري المدارس.

ففي الشهر الماضي، ألقى عدد من الطلاب 16 زجاجة حارقة على منزل ماجدة الترتوري، مديرة مدرسة ذات النطاقين الثانوية للبنات في محافظة الزرقاء. قالت “اقتحم طلاب المدرسة بسيارة صغيرة، فقمت بحجزهم في كراج المدرسة لحين قدوم  الأجهزة الأمنية. تمكن بعضهم من الهرب، وانتقاما مني لحجز زميلهم قاموا في صباح اليوم التالي بمداهمة منزلي بالزجاجات الحارقة مما أدى الى إصابة طفلي الصغير واحترق أجزاء من منزلي.”

أما الأستاذ يوسف حربي فقد تعرض للضرب بالعصي والهراوات داخل صفه من قبل طلاب المرحلة الثانوية،  في مدرسة أم الوليد الثانوية للبنين بلواء الجيزة جنوب العاصمة عمان. قال “بعد منعي لطلاب متأخرين من الالتحاق بالصف، اقتحموا الصف وقاموا بضربي أمام طلابي، الأمر الذي استدعى نقلي للمشفى لتلقي العلاج.”

كردة فعل جماعية، أضرب المعلمون الأسبوع الماضي بشكل جزئي عن العمل استنكاراً للاعتداءات التي تطالهم. وعلى الرغم من تحويل عدد كبير من الحالات للقضاء، إلا أن المعلمين يبدون تخوفاً من استمرار الاعتداءات عليهم.

أما عن أسباب انتشار هذه الظاهرة، فيعتقد الأكاديميون أن هنالك عوامل عديدة تسببت في ازدياد  العنف  ضد المعلم منها طبيعة المجتمع العشائري وغياب القوانين الرادعة داخل وخارج المؤسسات التعليمية.

قال خليل الرفوع، عميد كلية الآداب في جامعة اليرموك، “يلعب أولياء الأمور دوراً كبيراً في التقليل من احترام المعلم ودوره. إذ كثيراً ما يشجعون أبنائهم على عدم احترام تعليمات الأساتذة، قائلين أنهم سيشكونه للمدير.”

كما لاينفي الرفوع دور الضغوطات النفسية التي قد يتعرض لها الطلاب بسبب الدراسة او الأجواء الأسرية، قال “يلجأ الطالب في أغلب الأحيان الى استخدام العنف للتنفيس عن الضغط النفسي الذي يعيشه، خاصة في ظل غياب الأخصائيين النفسيين في المدارس والجامعات.”

وكانت دراسة أجريت في عام 2008 حول  أسباب سلوك العنف الطلابي الموجه ضد المعلمين والإداريين في المدارس الثانوية الحكومية في الأردن ونشرتها مجلة العلوم التربوية الاردنية قد أوصت بضرورة زيادة التواصل بين المدرسة والمجتمع المحلي من خلال مجالس أولياء الأمور، وعقد الندوات والحلقات الخاصة بتوعية الأهل لكيفية التعايش مع الظروف المحيطة، ومحاولة التغلب على الصعوبات تواجهها الأسر الأردنية، بحيث لا تظهر آثار الكبت والمعاناة في سلوكات الأبناء.

قال أيمن العكور، الناطق الإعلامي باسم نقابة المعلمين، “إن ظاهرة الاعتداء على الموظفين بصورة عامة والمعلمين بصورة خاصة، مشكلة مؤرقة تستوجب الدراسة والبحث في أسبابها ودوافعها وطرق معالجتها.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى