أخبار وتقارير

هل ستحلّق الطيور المهاجرة من جديد لدعم السياحة في مصر؟

يعمل النشطاء في حماية الطيور في مصر مع القطاع السياحي في البلاد على برنامج تثقيفي من الممكن أن يساهم في حماية ملايين الطيور المهاجرة وخلق نشاط سياحي ذو عوائد مالية يتمثّل في مشاهدة الطيور.

يعتبر موقع مصر الجغرافي على البحر الأحمر ونهر النيل منها، بحسب بعض التقارير، ثاني أهم نقطة توقّف للملايين من أسراب الطيور المهاجرة كلّ عام في العالم، بما في ذلك الصقور والنسور والعقبان.

إلاّ أنّ نقص الوعي العام وممارسات الدولة المضرّة بالبيئة، كالتطوير العمراني على إمتداد طرق هجرة الطيور، أضرّ بموائلها الطبيعيّة وتركها عرضة للموت.

قالت نور أيمن نور، المنسّق التنفيذي للجمعيّة المصرية لحماية الطبيعة، أوّل منظّمة مصريّة غير حكومة تركّز على الحفاظ على الطبيعة، “يميل الناس في مصر للتقليل من فكرة مشاهدة الطيور، لكنّ وجود الطيور مؤشّر على صحّة محيطك الطبيعي. إذا ما إختفت هذه الطيور، عليك أن تعرف بأنّ خطباً شديداً قد أصاب البيئة.”

بدأت مجموعة المحافظة على الطبيعة، بالتعاون مع برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي UNDP  ووزارة الدولة لشؤون البيئة في مصر، برنامجاً تثقيقياً في كانون الأول/ديسمبر عام 2014 لتدريب مرشدين سياحيّين محليّين وفنادق على طول البحر الأحمر وحوض نهر النيل الجنوبي حول موضوع مشاهدة الطيور. يهدف البرنامج إلى إكساب المرشدين السياحيّين الخبرةوالتقدير لفكرة مشاهدة الطيور، كما يمنحهم الأدوات والخبرات التسويقيّة لتقديم أنشطة مشاهدةالطيور للسيّاح.

تعتبر مشاهدة الطيور جزءاً مهمّاً من السياحة البيئيّة، إحدى أسرع قطاعات السياحة نموّاً في العالم مع عائدات سنويّة تقدّر بـ77 مليار دولار أميركي في السنة. ويمكن لمصر، مع ما تمتلكه من مناظر طبيعيّة وأنماط حياة بريّة شديدة التنوّع، أن تكسب من مجال الإستثمارات في قطاع السياحة البيئيّة، بحسب بعض الخبراء، آخذين بالإعتبار الضربة الضخمة التي تلقّتها صناعة السياحة في البلاد. حيث هبطت أعداد السيّاح من 14.7 مليون سائح عام 2010 إلى 4.4 مليون سائح عام 2014، بينما تراجعت العائدات السنويّة بنسبة 95 في المئة لتهبط من 3 مليارات جنيه مصري عام 2010 إلى 125 مليون جنيه مصري عام 2014.

قالت نور “ما أن تبدأ في الحديث عن المال، حتّى يبدأ الناس بالإصغاء.” إنّ أحد أكبر العقبات في وجه السياحة البيئيّة تتمثّل في كون نجاح القطاع السياحي لطالما اعتمد على “عدد السيّاح الذين يمكن جذبهم، وهذا السبب الذي جعل سياحة المجاميع الكبيرة “الجماعية” تنتشر في مصر كالسرطان لتدمّر بالنتيجة العديد من الأماكن الطبيعيّة.”

يكتب ريتشارد هوث، الخبير في حياة الطيور والأستاذ في الجامعة الأميركيّة في القاهرة، عن الحياة البريّة في مصر منذ العام 1988. يثني هوث على البرنامج لمساهمته في رفع الوعي ثلاثة أضعاف حول كون الإرث الطبيعي للبلاد، والبيئة، والسياحةالبيئيّة، صناعة مربحة.

قال “هنالك تزايد في أعداد الناس ممّن يسافرون للإستمتاع بمشاهدة البيئة الطبيعيّة في مصر، وهم يرغبون بشكل متزايد في معرفة ما الذي يشاهدونه ومعرفة المزيد عمّا يشاهدونه. في حالة الطيور، فإنّ الزوّار الأجانب مستعدّين لدفع الكثير من المال لمشاهدة الأنواع النادرة. تفيد شبكة من الخبراءوالمرشدين الميدانيين ذوو الخبرة بالإقتصاد المحلّي والزوّار الأجانب على السواء.”

يتضمّن برنامج مشاهدة الطيور التثقيفي دورات تدريبيّة ورحلات. يتلقّى المشاركون في البدء تدريباً حول الكيفيّة والمكان والزمان الذي يمكن فيه مشاهدة الطيور. ويعقب العمل في الفصول الدراسيّة نزهة حيث يستطيع المتدرّبون الإستفادة من خبرتهم النظريّة.

تتضمّن مواد التسويق منشورات وكتب إرشادات بأفضل الممارسات. وبمساعدة المرشدين والفنادق في تسويق هذه الأنشطة، تأمل مجموعة الحفاظ على الطبيعة في إنشاء شبكة عبر المنطقة يمكنها الإستفادة من أسراب الطيور المهاجرة وبالتالي المساهمة في حمايتها.

كما ستُعقد دورات بالإتفاق مع شركات سياحة وكوادر فندقيّة في جنوب سيناء، وعلى طول ساحل البحر الأحمر، بالإضافة إلى الأقصر وأسوان. حتّى الآن، تمّ تدريب ما يقرب من أربعين مرشداً سياحيّاً في منتجع شرم الشيخ في جنوب سيناء، مع العديد من الدورات المرتقبة وفق جدول زمني في غضون الأشهر القادمة.

يستضيف علي عبد الله علي، أحد مرشدي مشاهدة الطيور القلائل من ذوي الخبرة العميقة في مصر، دورات تدريبيّة في تعاون مع منظّمة حماية الطبيعة.

قال “لقد وضعنا نموذجاً من المرجّح أن يجعل المرشدين على أقل تقدير على دراية بالطيور، ويمكّنهم من تسميّة الأصناف المتنوّعة في المنطقة، وجعل مشاهدة الطيور نشاط في فنادقهم ومواقع تخييمهم،” وأضاف “كما إنّنا نأمل أيضا في أن نوضّح للناس بأنّ إختفاء الطيور المهاجرة يشكّل خطراً جسيماً يحيق بنظامنا البيئي الطبيعي، ومواردنا الطبيعيّة. أي شيء يهدّد وجود الطيور سيدمّر بلادنا في النهاية.”

https://www.bue.edu.eg/

على الرغم من مشروعها الطموح، فإنّ المنظّمة المصرية لحماية الطبيعة، تشكو من نقص الكوادر وتصارع حاليّا – كحال معظم المنظّمات غير الحكوميّة في مصر – بسبب القيود المفروضة عليها للحصول على تمويل أجنبي.

على الرغم من أنّ مجموعة الحفاظ على الطبيعة تعمل كشريك مع الحكومة المصريّة وبرنامج الأمم المتّحدة الإنمائي، فإنّ إعتمادها على تمويل أجنبي يضعها في موقف صعب. فمن جانب يمكّنها التمويل من البدء بمشاريع لن تموّلها الحكومة المصريّة في الغالب. وعلى صعيدٍ آخر، فإنّ الإعتماد على التمويل الأجنبي يضع ديمومتها في خطر.

قالت نور “إنّها كارثة، لأنّ ذلك يعني بأنّ مصادرنا الطبيعيّة لا تحظى بالتقدير أو التمويل المحلّييّن. وطالما إنّنا لا يمكن أن نعتمد بشكلٍ دائم على التمويل الأجنبي، فإنّه لن يكون في الإمكان أن توجد محافظة وتطوير مستدامين. لا تقترض الشجرة نور الشمس أو جذورها من بلدٍ آخر، فمن أجل أن تبقى هي بحاجة للاعتماد على مصادرها الخاصّة.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى