أخبار وتقارير

العلوم الاجتماعية تنمو ببطء في المنطقة

بيروت– على الرغم من النمو المتسارع لعدد الجامعات في العالم العربي، إلا أن 55 في المئة منها فقط تدرس العلوم الاجتماعية بحسب ما أظهر تقرير حديث.

قال محمد بامية، أستاذ علم الاجتماع في جامعة بيتسبرغ في الولايات المتحدة ومؤلف تقرير أشكال وجود العلوم الاجتماعية في العالم العربي “قد يعود ذلك لحداثة عهد الجامعات العربية النسبي في المنطقة. إذ أن 97 في المئة من الجامعات – 491 جامعة من أصل 508 – تم إنشائها بعد 1950 و70 في المئة منها تأسست بعد 1970.”

وبحسب تقرير بامية، فإن العلوم الاجتماعية تشهد نمواً مطرداً في الجامعات العريقة في المنطقة كمصر ولبنان وسوريا والعراق وتونس. كما تشهد جامعات الدول الغنية بالنفط كالبحرين والإمارات وعمان وقطر نمواً جيداً رغم حداثة عمرها.

يهدف التقرير، الذي صدر كمسودة الأسبوع الماضي في بيروت خلال المؤتمر الثاني للمجلس العربي للعلوم الاجتماعية، إلى رصد وتحليل وجود العلوم الاجتماعية في مختلف الميادين العلمية والعامة في المنطقة، بما في ذلك الجامعات ومراكز البحوث، والمجتمع المدني ووسائل الإعلام.

وقالت ستناي الشامي، المدير العامة للمجلس “نأمل أن يخدم التقرير كأداة عملية ونظرية لكل من يهمه دعم وتطوير العلوم الاجتماعية في المنطقة، بما في ذلك علماء الاجتماع أنفسهم.”

يحاول التقرير عمل مسح لمجالات العلوم الاجتماعية الموجودة في المنطقة، وتقييم قدراتها وخصائصها، خاصة في ضوء التغيرات الاجتماعية والسياسية المهمة التي شهدتها المجتمعات العربية مؤخراً.

ووفقاً للتقرير، تختلف الموضوعات التي يدرسها علماء الاجتماع وفقاً لطبيعة مؤسساتهم. ففي الجامعات، هناك اهتماماً كبيراً بالعلوم التي ترتبط مباشرة بأسئلة التحديث والتطوير، مثل الاقتصاد. بينما يبدو أن الانثروبولوجيا والتاريخ موجودون بشكل ضعيف.

قال بامية “قد يشير هذا إلى أن الجامعات العربية تعالج مسألة الحداثة بطريقة تقليدية لا توصل بالضرورة في المجال العام دور العوامل التاريخية والثقافة والتقاليد الإجتماعية في صنع المجتمع المعاصر.”

في المقابل، تميل المراكز البحثية المستقلة لإعطاء المزيد من الدعم للدراسات الثقافية والعلوم السياسية. ولكن بما أن الجامعات هي من خلقت نصف مراكز البحوث في المنطقة، فبالتالي هي تدعم هذه المواضيع بصورة غير مباشرة بحسب التقرير.

في المجال العام، تتعامل العلوم الاجتماعية مع مسألة التغيير بطرق مختلفة. قال بامية “لم نجد اهتماماً كافياً بقضايا محددة، مثل التعليم والشباب”. وعلى الرغم من انتشار البحوث التي تتناول قضايا المرأة لكنها تحاكي النسخة الغربية عوضاً عن البحث في حضورها ضمن سياق المجتمعات العربية والتقاليد العائلية.

خلص التقرير أيضاً أن علماء العلوم الاجتماعية العرب لديهم هوية مشتركة ضعيفة، حيث تتم معظم الأبحاث بشكل فردي أو ضمن مشاريع مع مراكز بحث مستقلة. قال بامية “لا نلاحظ وجود مبادرات تنشئ جماعة علمية مستدامة على المستوى العربي.”

مع ذلك، تضمن التقرير بعض الإشارات الإيجابية لنقاط قوة.

إذ تضاعف عدد مراكز بحوث العلوم الاجتماعية  أكثر من سبعة أضعاف خلال ثلاثة عقود، ولكنها فقط لم تلاحق على التوسع المجمل للجامعات. قال بامية “يرتبط هذا النمو ارتباطاً وثيقاً بتزايد الاهتمام بدور المجتمع المدني وظهور جيل جديد من علماء الاجتماع العرب لم تتمكن الجامعات من استيعابهم.”

ولاحظ التقرير حضوراً لمراكز البحوث في التصنيفات العالمية. إذ تضمن التصنيف الأخير للمؤسسات البحثية في العالم مركزين عربيين ضمن أفضل 100 مركز في العالم: مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة ومركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت.

قالت هدى الصدة، أستاذة الأدب الإنجليزي والمقارن فى كلية الآداب بجامعة القاهرة وعضو مؤسسة ورئيسة مجلس الأمناء فى مؤسسة المرأة والذاكرة “من الواضح أن هناك طفرة مؤسساتية في العلوم الاجتماعية تحت أشكال مختلفة، على الرغم من اختلاف هذه الأشكال من حيث كيفية تشكلهم أو ارتباطهم ببعضهم.”

مع ذلك، تبدي الصدة مخاوف من التأثير السلبي لسياسات الليبرالية الجديدة التي تتبناها بعض الحكومات العربية اليوم على تطور العلوم الإجتماعية. قالت “إن إعطاء الأولوية للربح والسوق الحر والخصخصة سيحول المعرفة إلى سلعة. كما أن تحييد الجامعات عما يجري في المجتمع من تحولات سياسية واقتصادية سيقلل من تأثير العلوم الإجتماعية والإنسانية.”

يوافق عدنان الأمين، مؤسس الجمعية اللبنانية للعلوم التربوية، مع الصدة على أن العلوم الاجتماعية في خطر. إذ يعتقد أن العلوم الاجتماعية في المنطقة تواجه اليوم ثلاثة تحديات: النزعة التجارية لبعض المؤسسات الأكاديمية، النزعة الدينية التي تجتاح المجتمعات العربية، ونزعة التدخل السياسي والحزبي. قال “ترتبط البحوث بعلاقة طبيعية مع الحرية، تفوق أهمية علاقتها مع الموارد التمويلية.”

* التقرير النهائي قيد المراجعة وسيتم نشره هذا الصيف.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى