أخبار وتقارير

شبح الموت يخيم على المدارس والجامعات المصرية

* تنشر هذه القصة بالتعاون مع مدى مصر.

شهد الأسبوع الماضي ثلاث حالات وفاة داخل المدارس والجامعات المصرية، إما بسبب العنف أو بسبب الإهمال.

إذ قتل طفلان في مدارس حكومية أحدهما صعقا بالكهرباء والآخر ضُرب حتى الموت، بينما لقيت طالبة بالجامعة الألمانية مصرعها بعدما دهسها باص.

فبينما كانت كانت يارا نجم، طالبة الهندسة، تقف أمام أحد الحافلات في الجامعة الألمانية صدمتها حافلة أخرى. تراجعت أحد الحافلات إلى الوراء تاركة جسدها الضئيل محشوراً بين الحافلتين. اختلفت الروايات حول ما إذا كانت قد ماتت فور وصولها المستشفى أم أنها لقيت حتفها في الطريق للمستشفى.

اعتصم المئات من طلاب الجامعة ضد ما وصفوه إهمال إدارة الجامعة. قال الطالب ميشيل شريف إن سيارة الإسعاف وصلت متأخرة ربع ساعة كاملة على الرغم من تواجدها على قرب أمتار معدودة من الجامعة. أضاف شريف أيضاً أن سيارة الاسعاف كانت غير مجهزة ولم يعلم السائق لأي مستشفى يجب نقلها. قال “كنا نعرف أن هذا سيحدث يوماً ما، كل يوم ننقذ أحد زملائنا من أمام حافلة مسرعة في آخر لحظة”. وأوضح شريف أنه لا توجد أماكن كافية للانتظار بشكل آمن للطلاب.

ويشرح شريف أن الأماكن المتاحة لانتظار الحافلات لا تكفي أعداد الحافلات التي تقل الطلاب، مما يزيد من مستوى خطورة تزاحم الطلاب والحافلات في نفس المكان. اضطر الطلاب للوقوف أمام الحافلات لمنعها من التحرك للاعتصام أمامها، مما أرغم إدارة الجامعة على إعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام بالجامعة مع وقف الدراسة. يعتقد الكثيرون من الطلاب أن قرار إدارة الجامعة يهدف لإحتواء غضب الطلاب والسيطرة عليه بدون تحقيق مطالبهم.

قدم الطلاب المعتصمون عشرة مطالب لإنهاء اعتصامهم، منها تحديد المسؤولين عن وفاة نجم، وإصلاح وتطوير أماكن انتظار الحافلات، وتركيب كاميرات بالمواقف وأجهزة استشعار عن بعد وأصوات تنبيه عند الرجوع للخلف. بالإضافة لتواجد عربات الإسعاف في أماكن مختلفة حول الحرم الجامعي، ومطالبات أخرى لتشديد إجراءات الأمن والسلامة.

في المقابل، أعلن عدد من الاتحادات والحركات الطلابية مساندتهم لاعتصام طلاب الجامعة الألمانية. إذ أصدر اتحاد طلاب الجامعات الخاصة بيانا أدانوا فيه وفاة نجم، جاء فيه “إن الإهمال الذي بات أسلوب حياة المسؤولين عن إدارة مؤسسات هذا الوطن قد تعدى جميع الحدود، حتى كاد يطول كل فرد منا في طريقه، وعمله، ومنزله، وأخيرا أصبح في حرم جامعته.”

وقالت حركة طلاب “الميدان” التابعة لحزب الدستور أيضا في بيان لها “تربينا على أن الجامعة مكان للعلم ولإعدادنا نكون مواطنين فاعلين في المجتمع. ولكن لم يخبرنا أحد أنها ستكون مقابرنا.”

مقتل نجم ليس الأول من نوعه. في نيسان/ أبريل 2013 دهست أستاذة جامعية بجامعة المنصورة الطالبة جهاد موسى بسيارتها مما أدى لمقتلها. الطلاب الغاضبون قالوا وقتها إن إدارة الجامعة عملت على إخفاء أدلة الجريمة التي تورط الأستاذة الجامعية في مقتل موسى، بالإضافة إلى اتهام الجامعة بالإهمال حيث أن المستشفى الجامعي لم يكن مجهزاً مما أدى إلى مقتلها. تم الحكم على الأستاذة الجامعية سنة وغرامة خمسة آلاف جنيه.

وفي جامعة مصر الدولية قتل الطالب انطوان سامح بعد أن دهسته سيارة مسرعة أمام الجامعة، كما قُتلت سيدة مسنة في حادثة مماثلة كانت في طريقها لعيادة الأسنان المجانية داخل الجامعة. اعتصم الطلاب الغاضبون مطالبين بانشاء كوبري للمشاة لتجنب عبور الطريق الخطر. بعد سنوات من التظاهر، تم بناء الكوبري.

في المدارس، يستمرا العنف والإهمال في حصد أرواح التلاميذ. قُتل الأسبوع الماضي بعدما ضٌرب حتى الموت بعصا غليظة على يد مدرس اللغة العربية، بينما قتل طالب آخر صعقاً بالكهرباء حينما ذهب لللعب أمام أحد كبائن الكهرباء المفتوحة أمام مدرسته.

مات إسلام شريف، البالغ من العمر 11 عاماً، بسبب نزيف داخلي بالمخ بعد أن ضربه أحد المدرسين ضرباً مبرحاً بعصا غليظة على رأسه. قررت وزارة التربية والتعليم إيقاف المدرس حتى انتهاء التحقيقات. بينما أشارت التحقيقات أن الطالب أحمد اسماعيل البالغ من العمر 9 سنوات قد توجه للعب أمام أحد كبائن الكهرباء المتروكة أمام مبنى المدرسة أثناء انتظاره الحافلة التي تقله عائدا للمنزل. أصيب اسماعيل بجروح شديدة أدت لوفاته بعد يومين بالمستشفى.

قال رئيس الائتلاف المصري لحقوق الطفل هاني هلال إن تصاعد موجة العنف المجتمعي داخل مصر يتأثر بها في الغالب الشرائح المجتمعية الأضعف كالنساء والأطفال. خلال العام الماضي، أصدر الائتلاف حصراً بحالات الانتهاكات التي تعرض لها طلاب المدارس، من بينها 19 حالة وفاة بسبب العنف أو الإهمال، 26 حالة تحرش جنسي لتلاميذ إما من قبل المدرسين أو العاملين بالمدارس، 36 حالة إصابة بسبب العنف من قبل المدرسين، 26 حالة إصابة بسبب استخدام وسائل نقل غير آمنة.

وأضاف هلال أن الائتلاف طالب السلطات المصرية بتطبيق اللائحة التنفيذية لقانون الطفل التي تنص في مادتها الرابعة على ما يلي “يكفل القانون، على وجه الخصوص، المبادئ والحقوق الآتية: حق الطفل في الحياة والبقاء والنمو في كنف أسرة متماسكة ومتضامنة، وفى التمتع بمختلف التدابير الوقائية، وحمايته من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو الإهمال أو التقصير أو غير ذلك من أشكال إساءة المعاملة والاستغلال.”

وأضاف هلال “يستخدم الإعلام خطاباً مليئاً بالتحريض على العنف والكراهية، هناك إرهاب وتفجيرات في كل مكان، ستكون الفئات الضعيفة والمهمشة في المجتمع الضحايا الأوائل لذلك وفي مقدمتهم الأطفال. والدولة لا تتحرك من أجل إيقاف ذلك، ومن هنا يأتي الإهمال.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى