مقالات رأي

حوار مع رئيس أكبر جامعة في الإمارات العربية المتحدة

دبي–  مع 22.000 طالب وطالبة و17 مقر جامعي في عموم البلاد، تُعتبر كليّات التقنية العليا أكبر مؤسّسة تعليم عالي في الإمارات العربيّة المتّحدة.

تم تعيين السيد محمد عمران الشامسي عميداً ورئيساً للجامعة في نيسان/ أبريل العام الماضي. منحه المنصب الجديد مرتبة وزير، كما لأنها كانت المرة الأولى التي يقود فيها ثلاثة إماراتيين مختلفين جامعات البلاد الإتحاديّة الثلاث.

بدأ الشامسي، خريج جامعة القاهرة العام 1977، عمله في القسم الهندسي في شركة إتصالات –يقع مقرها الرئيسي في الإمارات العربيّة المتحدة – وقد تمّ ترفيعه ليشغل منصب الرئيس والمدير التنفيذي قبل ما يقارب عقداً من الزمن. في عام 2012، تقاعد من الشركة.

يقول الشامسي الآن، وبصفته رئيس كليّات التقنيّة العليا، إنّه يبحث سبل إدخال المزيد من التكنولوجيا في التعليم. تحدّثت الفنار للإعلام معه حول الجامعة وخططه المستقبليّة لها.

كيف إزدهرت كليات التقنية العليا لتصبح أكبر جامعة في الإمارات العربية المتحدة، وما هي بعض أهم النجاحات التي حقّقتها المؤسّسة؟

أعتقد بأنّ كلا الأمرين مرتبط ببعضه، فالنجاح هو ما جعلنا أكبر. أعتقد بأن فلسفة انشاء كليات التقنيّة العليا كانت تختلف عن الجامعات التقليديّة. كيف؟ تعتمد الجامعات التقليديّة في العادة على مقر جامعي كبير في مكان واحد. في الإمارات العربية المتحدة، وعلى الرغم من كوننا بلد صغير جدّاً، فقد كانت الفكرة بأن أفضل طريقة لعمل ذلك هو أن نمتلك مقرّات جامعيّة متباعدة. اليوم نحن نمتلك 17 حرم جامعي في عموم البلاد. تقريبا في كل مدينة، نحن نمتلك حرم جامعي واحد أو إثنين، وبهذا، أصبحنا أكثر قرباً إلى الناس، وبهذا أصبحنا، وفي كثير من الحالات، الخيار الأول والأفضل بالنسبة إلى طلبتنا.

هذا أولاً. الأمر الثاني هو الطريقة التي نعتمدها لتدريس الطلاب والتي تركز على الجانب العملي أكثر من الجامعات التقليديّة. بهذا، نكون قد تبنينا فلسفة تقرن التعليم بالممارسة. هنالك ساعات تواصل أكبر بين الطالب والمدرس. الفكرة هي أن التعليم بالممارسة يساهم في إشراك الطلاب مع المدرس، مع المحاضر، في ساعات تواصل أكبر. بهذا سيتمكّن الطالب من الحصول على قدر أكبر من المعرفة ويعمل لساعات أطول في المختبرات والمكتبات وهكذا.

كما أننا تبنينا، وكان هذا يتغير بمرور الزمن، مجالس صناعة إستشارية، وبهذا فإننا نمتلك، في كل مدينة نعمل فيها، مجلس صناعة إستشاري يتألف من موظفين محتلمين لهؤلاء الطلاب – من الحكومة والقطاع الخاص. إنهم يساعدوننا. فهم ينصحون الكادر التعليمي في التركيز على المواضيع ذات الصلة، وهو أمر في غاية الأهمية. كما إنّهم منخرطين بدرجة أكبر مع طلبتنا. فهم يوفرون لهم فرصاً للتدريب – وهذا جزء من تعليمهم بالمناسبة. لن يكون في إستطاعة أي طالب الحصول على شهادة التخرج عندما ينهي دراسته ما لم يعمل كمتدرّب في مجال ذو صلة سواء كان صناعي أو حكومي أو أي شيء من هذا القبيل لمدّة فصل دراسي نصف سنوي. بهذه الطريقة، نحن نضمن بأنّ الطالب أو الخريج سيكون أكثر إطّلاعاً على النظام، أكثر معرفة. وعندما يذهب إلى العمل، فإنه سيدخل الميدان بإقتدار. هذه هي الفروقات بيننا وبين الجامعات التقليديّة. وقد ساعدنا هذا في استقطاب أعداد أكبر من الطلاب.

ما هي الأهداف التي تتطلّع الجامعة لتحقيقها في غضون الخمس أو العشر سنوات القادمة؟

لقد عملتُ لمدّة أكثر من 35 عاماً في مجال الإتّصالات وتقاعدت. لذا أعتقد، من خلال تلك الخبرة والتقدم في التكنولوجياً أيضاً، بأن الطريقة التي نعلّم فيها الأجيال الجديدة، أو الأجيال الشابة، تتغيّر لتتبنى المزيد من التكنولوجيا في التعليم. ومع هذه التكنولوجيا، أصبح التعليم أكثر تفاعلاً في المقام الأول. كما إنّه أصبح أكثر فاعلية لأنّه وعلى سبيل المثال، إذا كنت من إختصاص معين، فإنّني لست بحاجة لتكرار محاضرة ما كل يوم. مع النظام الصحيح في إستخدام التكنولوجيا في تعليم الطلاب، فإن بإمكاني تسجيل تلك المحاضرة وجعلها متاحة للطلاب في أي وقت يرغبون فيه في مشاهدتها.

لقد بدأنا فعلا في تبني هذا، ولدي خطّة للعمل على ذلك بهدف خلق تغيّير أكبر في الطريقة التي نعلم فيها الطلاب بطريقة تفاعلية وبطريقة يستخدم فيها الطلاب التكنولوجيا – ليس من أجل التعليم وحده، بل في حياتهم أيضا.

لدى الإمارات العربية المتحدة الكثير من الطموحات لتتقدم. إن رؤية القيادة في الإمارات العربية المتحدة ترغب في دفع البلاد لمرحلة أكثر تقدماً وتطوراً، ولا يمكن تطبيق هذا ما لم نمكّن خرّيجينا من القيام بذلك، لذا البداية من التعليم.

كيف ستقومون بإدخال المزيد من التكنولوجيا؟

لقد بدأنا بذلك فعلا. أحد الأمثلة على شيء قد بدأناه هو أنّ السنة الدراسية الأولى تعتبر في الغالب مرحلة تأسيسية “تمهيديّة”، ومع الأسس نبدأ بتمكين طلبتنا من إتقان اللغة الإنجليزيّة بشكل جيّد، لكنّنا نضمّن ذلك موضوعات أخرى ذات صلة بدراستهم. بدأنا بإستخدام أجهزة الآي-باد “الهواتف اللوحية” والأجهزة الذكيّة بدل الكتب. وبهذا فإن كل ما يستخدمه الطلاب هي أجهزة أي-باد بها تطبيق معين، ويمكنهم تحميل هذا التطبيق من المكتبة الرقميّة، والتفاعل معه، وبذلك سيقومون بإداء واجباتهم المنزلية عبرها، وعندما يطلب منهم الأستاذ رؤيتها، فإنهم سيقومون بعرضها على شاشات تلفاز، مستخدمين تلفزيونات أبل Apple أو شيء من هذا القبيل.

هذا أحد الأمثلة. نحن نمتلك مكتبة رقميّة دوليّة، ونشترك في ذلك لجعل مثل تلك الكتب بصيغتها الرقمية متاحة لجميع الطلاب. وبهذا سيتمكنون من تحميل أيّة كتب يحتاجون إليها والدراسة والعمل عليها، ومعظم تلك الكتب تفاعلية. وبهذا فأنت تتفاعل مع النظام وتتعلم. لذا نقول “التعليم بالممارسة”.

ذكرت السنة التمهيدية، لكنني علمت أنّ هذا الأمر يتم إلغاؤه تدريجيا وببطء؟

نعم، لقد تم إعتماد السنة التمهيديّة “التأسيسيّة” لتحسين قدرات خريجي المدارس الثانويّة بهدف الإلتحاق بالجامعة. لقد قرّرت الحكومة أنه وخلال السنوات القليلة القادمة، لن يكون هنالك حاجة لهذه السنة التأسيسية، لأنّ المدارس الثانوية هي من ستهتم بذلك.، أعتقد بأن هذا مهمّ للغاية لأن الطلاب يضيعون سنة كاملة من حياتهم في هذه السنة التأسيسية، والتي لا نحتاج إليها. هنالك تحرك بخصوص هذا الموضوع من قبل الحكومة.

إذن تعتقدون بأنّه من الإيجابي أن يتمّ إلغاء هذه السنة؟

بالتأكيد، إنّها خطوة إيجابيّة للغاية – إيجابيّة جدّا بالنسبة للطلاب، والبلاد، وبالنسبة لنا كجامعة من أجل التركيز في تحسين عملنا كجامعة، وأن نركّز عملنا على الأكاديميّين.

عندما ننظر إلى الأهداف التي ناقشتها – إدخال المزيد من التكنولوجيا، التقدّم مع رؤية القيادة – ما هي التحدّيات التي تواجهكم؟

هنالك ثمّة تحديّات على الدوام. إحدى التحديّات التي نواجهها في عموم البلاد تتمثّل في كون معظم خرّيجينا يرغبون في الدخول في القطاع الحكومي، القطاع العام، لأنّهم سيحصلون على مرتّبات أفضل، وسيعملون لساعاتٍ أقل. لكنّ هذا لا يمكن أن يستمرّ إلى الأبد. من المهم أن يذهب المزيد من الخرّيجين إلى القطاع الخاص، والحكومة تقوم بالدفع نحو هذا وتعمل على تحقيقه.

جميع القطاعات الحكوميّة على دراية بأنّ هذه المجال مهمّ للغاية – أن تعزّز أو تمكّن الشبّان والشابّات المتخرّجين من الذهاب إلى هذا المجال، ولهذا فهو أحد تلك التحدّيات.

أعتقد بأنّ هنالك الكثير من الحلول التي يتمّ العمل عليها. هنالك تمويلات مختلفة من قبل الحكومة، والحكومة المحليّة في دبي وأبوظبي والإمارات الأخرى، لدفع الطلاب للذهاب إلى ذلك المجال – فهم يمنحونهم قروضا ميسّرة، ويقدّمون لهم المشورة، ويمنحونهم الدعم القانوني والإداري وهكذا. إنّها خطوة مهمّة جدّا بالنسبة لبلادنا، وخطوة مهمّة جدّا بالنسبة لخرّيجينا.

ما هي القطاعات أو الوظائف التي يذهب إليها خرّيجو كليّات التقنيّة العليا في الغالب؟

لقد خرّجنا ما يقارب الـ65.000 طالب وطالبة، لذا يمكن رؤيتهم في كلّ مكان تقريباً. نحن نمتلك قسم هندسة متمكّن وكبير جدّاً، وفي هذا القسم نمتلك أقسام هندسة نفط وكيمياء وميكانيك وطيران وكهرباء ومدني. من هنا، يمكنك أن تعرفي  أين يمكن أن يذهبوا.

تعدّ أدنوك – شركة بترول أبو ظبي الوطنيّة – أحد أكبر الموظّفين. هي أكبر موظِف في البلاد وهي واحدة من أكبر الموظّفين لخرّيجينا.

لكنّهم يذهبون لمجال الإتّصالات. يذهبون لمجال البنوك، والحكومة، والشرطة، والتأمين – يهذبون لكل القطاعات والإعلام أيضاً.

هل هنالك بحث مثير للإهتمام تعمل عليه كليّات التقنيّة العليا؟

ليست كليّات التقنيّة العليا جامعة بحثيّة، لكنها جامعة تطبيقيّة. مع ذلك، لدينا بعض الأبحاث الصغيرة في مجالات معيّنة بالتنسيق مع بعضٍ من عملائنا – مع شركات مثل أدنوك وتيليكوم. لكن هذا ليس بالشيء الرئيسي.

أعتقد بأنّ هنالك حاجة لتحسين هذا، ونحن نعمل على برنامج لتطوير الأبحاث والتركيز على مواضيع ذات صلة بحاجات البلاد، لكن هذا لا يزال في مرحلة مبكّرة جدّا بحيث لا يمكنني أن أتحدّث عنها بتفصيل أكثر.

* تمّ تحرير هذه المقابلة بهدف الإختصار والوضوح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى