أخبار وتقارير

هل تستحق الجامعات الخاصة كل هذه التكلفة؟

تم نشر هذه القصة ضمن سلسلة من ثلاثة القصص حول تكلفة الدراسة في الجامعات الخاصة في 13 بلد عربي.  

لا يبدو أن إنفاق عشرات الآلاف من الدولارات للدراسة في الجامعات الخاصة يضمن الحصول على عمل أو حتى تعليم جيد للطالب الذي يقرر الالتحاق بهذه الجامعات في المنطقة العربية. 

حيث يقول خبراء التعليم العالي الإقليمي إن الجودة متفاوتة بين المؤسسات التعليمية الخاصة ولاتتناسب دائماً مع التكلفة. كما لاتبدو بعض العائلات مقتدرة بشكل كاف وسعيدة بالتعليم الذي يتلقاه أبنائهم وبناتهم. لكن الطلاب الذين التحقوا بمؤسسات تعليمية خاصة مرموقة يبدون راضين عما حصلوا عليه. (إقرأ أيضاً: الجامعات الخاصّة تزدهر بسبب ضعف الحكوميّة)

في بيروت، دفعت أسرة أماني الدقاق مايقارب 55.000 دولار أمريكي لتمكينها من الحصول على درجة البكالوريوس من جامعة خاصة. في نهاية المطاف، قالت إنها وجدت “من الجيد أن تكون خريج جامعة خاصة هنا في لبنان. “

تمكنت أماني من الحصول على وظيفة بعد تخرجها، خاصة وأنها كانت تتلقى رسائل بريدية من إدارة جامعتها لإعلامها بتوفر خمس فرص عمل في وقت واحد. هذا الأسلوب كان مفيداً للغاية على حد قولها. 

ويقول طلاب آخرون إن المساعدة التي يتلقونها من جامعاتهم للحصول على عمل لاحقاً تعتبر أحد المزايا الرئيسية للالتحاق بجامعة خاصة.

في الدوحة، قال عبد الرحمن ساجد، الذي يدرس في كلية شمال الأطلنطي، إن جامعات خاصة تقيم معارض للوظائف ومناسبات للتشبيك تقدم فرص توظيفية أكثر بكثير مما يمكن العثور عليه لو تخرج من الجامعة الحكومية الوحيدة في البلاد. وقال “نحصل على تدريب خلال الدراسة، وهذا مفيد جداً في دخول سوق العمل بمهارات أكثر عملية.”

لا تجمع غالبية الجامعات الخاصة العربية بيانات عن نسب توظيف خريجيها. بطبيعة الحال، هناك أدلة غير مؤكدة تشير إلى ارتفاع معدلات توظيف خريجي الجامعات الخاصة والتي تختلف بالطبع على نطاق واسع من جامعة لأخرى.

في لبنان، على سبيل المثال، توجد الكثير من الجامعات الربحية التي تقدم تخصصات في إدارة الأعمال وعلوم الكمبيوتر منذ انتشار الجامعات الخاصة في التسعينات في جميع أنحاء المنطقة، وفقاً لجون واتربيري، الرئيس السابق للجامعة الأميركية في بيروت. وبحسب واتربيري، فإنه لم يكن من الصعب استئجار طابقين في مبنى وتزويدهما بأجهزة كمبيوتر مع مجموعة من أساتذة الجامعات الحكومية الباحثين عن دخل إضافي.

كان الطلاب على استعداد للدفع، لكن نوعية التعليم كانت متدنية للغاية، كما قال. لليوم، ما زال السوق في لبنان “ديناميكي وغير منظم” بحسب واتربيري.

طلاب يجلسون على الأرض لعدم توفر مقاعد كافية في إحدى الجامعات الخاصة في الأردن.

لايختلف الوضع كثيراً في الدول العربية الأخرى. ففي جامعة خاصة معروفة وباهظة التكلفة في الأردن، لم يجد الطلاب سوى الأرض ليجلسوا عليها في إحدى المحاضرات لعدم وجود مقاعد كافية داخل الفصل الدراسي، بحسب ما أظهرت صورة التقطت من داخل أحد الصفوف ووصلت بالبريد الإلكتروني للفنار للإعلام من قبل الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة – ذبحتونا‏.

وقالت الحملة في البيان “هذه الصورة ليست استثناءاً ويمكن التقاط عشرات الصور الشبيهة في جامعاتنا الرسمية والخاصة وذلك يعود لأسباب عديدة منها: حجم نفوذ مالكي الجامعات الخاصة ما يجعل التجاوز والتغاضي عن مخالفاتهم أمراً روتينياً. وتغليب مبدأ الربح المادي على حساب الجانب الاكاديمي.”

مع ذلك، هناك الكثير من الاستثناءات في جميع أنحاء المنطقة لجامعات غير ربحية كالجامعة الأميركية في الشارقة، والتي أنشئت قبل 17 عاماً في دولة الإمارات العربية المتحدة. 

وبحسب واتربيري فقد تمكنت الجامعة من التقدم كجامعة رائدة في منطقتها. قال “هناك الكثير من الجامعات الخليجية التي تتبع لمؤسسات في الولايات المتحدة أو لمؤسسات أجنبية أخرى وهي في العموم جيدة.”

يتفق إسراء السويدي، طالب الهندسة الميكانيكية في الجامعة الأميركية في الشارقة، مع ما قاله واتربيري. قال “من وجهة نظري، تعزز الدراسة في جامعة خاصة من استخدام الطالب للغة الإنكليزية. كما أن الجامعات الخاصة مختلطة وتسمح للطلاب بالتفاعل على عكس الجامعات الحكومية حيث نادراً ما يتم التواصل بين الطلاب والطالبات.”

مع ذلك، يعتقد السويدي أن تكلفة التعليم “باهظة للغاية”.

يدفع الطلاب في لبنان وسطياً ما يصل الى 14000 دولار أميركي سنوياً للدراسة في جامعة خاصة. بينما لاتتجاوز الرسوم في العراق 500 دولار أميركي في العام. لكنها قد تصل إلى 47000 دولار أميركي سنوياً في قطر.

يوم الطلاب في الجامعة الأميركية في بيروت

في بعض الأحيان، توفر الجامعات الخاصة فرصاً لأولياء الأمور والطلاب الذين لا يفضلون الجامعات الحكومية.

فقد درست كلثوم الدقاقي كلثوم، 41 عاماً وتعمل كمحاسبة في المغرب، في إحدى الجامعات الحكومية. لكنها لا ترغب بتسجيل ابنتها اليوم في جامعة حكومية. قالت “هناك تراجع ملحوظ في نوعية التعليم في الجامعات الحكومية، بالإضافة إلى التحرش وانعدام الأمن.”

وقال بلال ديراني، 24 عاماً وخريج الجامعة الأميركية في بيروت، “لايقتصر الموضوع على المعرفة الأكاديمية ولكن أيضا الخبرة الاجتماعية والثقافية التي تقدمها الجامعة الخاصة، حيث توجد مكتبة كبيرة والكثير من أساليب التعليم التفاعلية.” 

يعتقد ديراني أن الدراسة في جامعة خاصة تستحق التكلفة “أنا متأكد أنها تستحق.” لدى ديراني الآن عروض عمل عديدة يعمل على الاختيار بينها.

في بعض دول المنطقة، يلتحق الطلاب بالجامعات الخاصة نظراً لكون درجاتهم الثانوية لا تلبي متطلبات القبول في الجامعات الحكومية. حيث تقدم المؤسسات الخاصة فرصاً بديلة، إضافة إلى مجموعة واسعة من التخصصات.

مع ذلك، لايبدو الجميع راضين عن تكلفة التعليم الخاص. في لبنان، التحق اثنان من أبناء ابتهاج صالح بجامعة خاصة. ورغم اعتقادها بأن دراستهما لاتستحق الفرق الكبير في الرسوم بينها وبين الجامعة الحكومية. إلا أنها قالت “هنا في لبنان، يفضل سوق العمل خريجي الجامعات الخاصة.”

في بلدان أخرى، قد يكون العكس صحيحاً. إذ تزداد فرص العمل لخريجي الجامعات الحكومية.

قالت زوينة مبارك، التي التحقت بجامعة خاصة في سلطنة عمان لأنها لم تحصل على درجات كافية تؤهلها للالتحاق بالجامعة الحكومية، “على الرغم من كوني موظفة اليوم، لكنني أعتقد أن التخرج من جامعة حكومية أفضل. كما أن خريجي التعليم الحكومي يعثرون على وظائف بصورة أسهل.”

في دولة الإمارات العربية المتحدة، يفضل الكثير من الإماراتيين الالتحاق بواحدة من الجامعات الحكومية الثلاث المعترف بها من قبل السلطات الاتحادية، على العكس من الجامعات الخاصة. حيث يسهل التحاق الطلاب لاحقاً بوظائف حكومية ويتم تطوير بعض البرامج الأكاديمية الحكومية أيضا بالشراكة مع أرباب العمل. كما تقدم الجامعات نوعية جيدة نسبياً، إذ صُنفت جامعة الإمارات العربية المتحدة – والتي تستقبل طلابا من خارج الامارات أيضاً- في المركز 71 ضمن تصنيف مجلة تايمز للتعليم العالي “بريكس والاقتصادات الناشئة لعام 2014”.

بالطبع، لايمنع هذا الطلاب من التفكير بالتعليم الخاص.

قالت ندى دراج، فلسطينية أميركية تخرجت من الجامعة الأميركية في الشارقة، “قررت الالتحاق بجامعة خاصة لأنني أعرف أنني لن أتلقى نفس نوعية التعليم في الجامعات الحكومية”.

تعترف دراج أن التكلفة كانت باهظة، إلا أنها وجدت لاحقاً فرصة عمل في شركة جيدة وفي نفس تخصص دراستها مما أكد لها أن دراستها تستحق التكلفة التي تكبدتها.

* ساهم في إعداد التقرير: أحمد مبارك الدرمكي في سلطنة عمان، خالد أيت ناصر في المغرب، عبير السيد في دولة الإمارات العربية المتحدة، مادونا خفاجة في لبنان، إيمان كامل في قطر. 

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى