أخبار وتقارير

تراجع تدريس الفنون الجميلة في العراق

 تواجه دراسة الفنون كالرسم والنحت خطراً كبيراً في العراق بما يعكس تراجعاً في اهتمام البلاد بالفنون بصورة عامة.

عُرف العراق بامتلاكه تاريخاً فنياً عريقاً لكونه مهداً للحضارات السومرية والأكادية والبابلية والآشورية. إذ ازدهرت الفنون خلال العصور الوسطى الإسلامية لتتراجع بعد  الغزو المغولي في 1258.لاحقاً في العصر الحديث، ظهر العديد من النحاتين الموهوبين والمهندسين المعماريين ذوي الشهرة العالمية.

بعد نهب متحف بغداد وغيره من المؤسسات الثقافية في عام 2003، بدأ الفن العراقي بالتراجع بشدة. فقد ازداد الوضع سوءاً مع تدهور الوضع الأمني وما نتج عنه من هجرة في صفوف الطبقة الوسطى المنتجة والمستهلكة للفنون، مترافقاً مع صعود وجهة نظر المحافظين دينياً. الامر الذي دفع الكثير من أساتذة الفن والفنانين للفرار من البلاد.

قالت زينب عبدالكريم، فنانة عراقية مقيمة حالياً النرويج “تشكل التربية الفنية حجر الزاوية في بناء دولة حديثة. وربما تلعب دوراً هاماً في استعادة السلام في العراق.” فالطلاب الذين يتعلمون قيمة الجمال والحياة، كما تقول، ينبذون العداء والغضب.

من حين لآخر، تظهر بعض الشائعات السلبية ومنها ماتم نشره في وسائل الإعلام في كانون الاول/ ديسمبر حول إغلاق كل معاهد الفنون الجميلة.

قالت نبراس هاشم، أستاذ في معهد الفنون الجميلة في بغداد، الذي تأسس في عام 1936 ” نسمع هذه الشائعات كل عام. لكننا لن نقبل بها.” بدوره،  قال أحمد حيدر، أستاذ وفنان عراقي “لا توجد مؤشرات على تطور الفنون.”

يشعر المهتمون بالفنون في العراق بالقلق حول مصير كلية الفنون الجميلة في بغداد، التي تأسست في عام 1958 وترتبط الآن بجامعة بغداد. قال عدنان العبدلي فنان عراقي ورئيس قسم التعليم والفنون في وزارة الشباب “لا تبدأ المشكلة فجأة.” مشيراً إلى أواخر الثمانينات من القرن الماضي حين حل جيل جديد من الطلاب العراقيين تلقوا تعليماً دولياً مكان أساتذة من جيل سابق.

https://www.bue.edu.eg/

يركز الجيل الجديد من الأساتذة على النظريات والفلسفة الجمالية وتاريخ الفن عوضاً عن خلق الفن كما يقول سعد عبد زيد، فنان يعيش في بغداد .

من جهة أخرى، تسببت العقوبات الاقتصادية الدولية التي فرضت خلال حكم صدام حسين بآثار سلبية على الفن والفنانين. قال العبدلي “تم عزل أساتذة الفن العراقي والطلاب عن العالم.” حيث لم يعد بإمكان الفنانين العراقيين المشاركة في المؤتمرات وورش العمل، أو افتتاح معارض خارج البلاد، وأصبح عدد زوارهم قليل جداً. قال العبدلي “أصبحت المشاركة الفنية شخصية ومتفرقة.”

كما ارتفعت أسعار الأدوات الفنية في حال توفرها بسبب العقوبات وهو الأمر الذي مازال الطلاب يشتكون منه. قالت سارة عبدالمنعم من كلية الفنون الجميلة “أصبح كل شئ على عاتقنا وعلينا شرائه بأنفسنا. هذا أمر مرهق فالطلاب لايملكون دخلاً ويكرسون كل وقتهم للدراسة.”

منذ عام 2003، تسبب ضعف الأمن بعودة الطلاب إلى منازلهم مباشرة بعد انتهاء الدروس بحيث لم يعودوا قادرين على البقاء في معاهدهم للعمل على مشاريعهم الفنية. إذ يشعرون بالقلق من التنقل بعد حلول الظلام فضلاً عن مخاطر خرق حظر التجول الذي يفرض في بعض الأحيان.

قال أحمد فدعم، فنان عراقي وأستاذ مساعد في كلية النحت في جامعة إيلون للاتصالات في الولايات المتحدة “بعد عام 2003، كان الطلاب لا يستطيعون الوصول إلى كلياتهم في الوقت المحدد، أو البقاء لوقت إضافي في كلية. يحتاج الفن إلى وقت، لإعداد العمل والانتهاء منه”.

وقالت هاشم في معهد الفنون الجميلة ” انخفض عدد الساعات المخصصة للجلسات عملية من 6-8 ساعات قبل عام 2003 إلى 2-4 ساعات الآن. بينما نحتاج عادة إلى ساعة ونصف ساعة لإعداد النماذج ومزيداً من الوقت للاسترخاء والتركيز قبل البدء في العمل.”

هاجر العديد من الأساتذة والفنانين بينما تقاعد أخرون أو وافتهم المنية. قال عبدالرحمن لؤي مجيد، طالب في قسم التصميم في كلية الفنون الجميلة. “إن الأساتذة القدماء كانوا نافذتنا للعالم الخارجي. كانوا ينقلون لنا معرفتهم العالمية وخبراتهم المتوارثة.”

في المقابل، يلتحق بعض الطلاب بدراسة الفنون لأسباب خاطئة كخوفهم من صعوبة دراسة العلوم أو بسبب حصولهم على درجات منخفضة  في امتحان الثانوية العامة وهو ما يشابه وضع الكثير من البلدان العربية التي تعتبر فيها دراسة الفنون أمراً أقل شأناً من باقي التخصصات.

قال النحات العراقي وأستاذ الفنون الجميلة نجم حيدر “تتسم سياسات القبول بالفوضى.” ذلك أن 10 في المئة من المقاعد الجامعية في كلية الفنون محجوزة لخريجي معاهد الفنون الجميلة [على مستوى المدارس الثانوية]، و5 في المئة من المقاعد محجوزة للطلاب أصحاب الموهبة. في حين أن 85 في المئة من المقاعد تذهب للطلاب الذين يقبلون بحسب نتائج امتحان الثانوية العامة.

قالت نبراس هاشم، أستاذة في معهد الفنون في بغداد والذي استبعد قبول الطالبات ابتداء من عام 1996، باستثناء قسم المسرح “منذ أربع سنوات، أصبح قبول يستند أكثر على أساس الدرجات. مما أصاب العديد من الطلاب بالاكتئاب. انضم العديد من طلابنا الجيش لإعالة أسرهم.”

بكل الأحوال، انخفض معدل الالتحاق بمعهد الفنون الجميلة حالياً. قال حيدر “أساتذة الفن الجدد يكسبون أقل من الجنود. إن تدريس وممارسة الفن قد يختفيان كمهنة.”

وعليه ينبغي على الخريجين الذين يأملون أن يصبحوا فنانين أن يتعاملوا مع عدد أقل من الجمهور اليوم. قال حيدر “غياب الفئة المثقفة هو السبب الأول والأهم. هناك انخفاض واضح في تعليم المجتمع بدءاً من الطبقة الحاكمة وحتى كل طبقات المجتمع.”

في كانون الأول/ ديسمبر 2010،  أمر خضير الخزاعي وزير التربية العراقي نحات بإزالة منحوتات تم عرضها داخل معهد الفنون الجميلة في بغداد وتدميرها لكونها تجسد شخصيات بشرية و”تنتهك تعليمات الدين”. اضطر الطلاب أنفسهم لتدمير تماثيل والتي كان من بينها 4 منحوتات لنحاتيين عراقيين معروفين أمثال أحمد البحراني وعلي البياتي.

قال العبدلي ” تبدو الظروف الاجتماعية والدينية عقبات جديدة أكثر أهمية اليوم.”

 * نستعرض أدناه بعض المصادر للمزيد من المعلومات عن الفن والفنانين العراقيين:

IraqiArt.com : موقع متخصص باللغة العربية لتعريف الناس بالفن والفنانين.

أرشيف العراق للفن المعاصر: موقع باللغتين لمتابعة ومشاركة تراث الفن الحديث في العراق.

جمعية الفنانين العراقيين: مجموعة غير ربحية تروج الفنانين العراقيين في جميع أنحاء العالم.

أرشيف تاريخ الفن : قسم مخصص للفنانين العراقيين.

الفن في العراق اليوم: يضم الموقع سير ذاتية وصور لمجموعة متنوعة من الفنانين العراقيين، كثير منهم يعمل في المنفى. 2013 إنتظار – زينب

عبد الكريم

https://www.bue.edu.eg/
2013 إنتظار – زينب عبد الكريم
2014 الجانب الآخر – زينب عبد الكريم
2013 الخلاص – زينب عبد الكريم
بورتريه النحات عبد الحميد الزبيدي – للفنان أحمد حيدر
غير معنون للفنانة نبراس هاشم – بغداد
2014 التطلّع إلى الأمام – زينب عبد الكريم
2014 العودة إلى المستقبل – العذاب النهريني
الفن الحديث – أكريليك على قماش – 70 في 70 سم – للفنان أحمد حيدر
غير معنون للفنان عدنان العبدلي
نحت غير معنون للفنان عدنان العبدلي
Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى