أخبار وتقارير

هل تصلح جامعات تركيا الوقفية كنموذج للمنطقة العربية؟

اسطنبول— مع تقدم الجامعات التركية في التصنيفات العالمية وسعيها لجذب الطلاب من جميع أنحاء العالم، يقول أكاديميون إن نظام الجامعات الوقفية ساهم في رفع جودة التعليم العالي في البلاد.

فقد أسس عدد من رجال الأعمال الأثرياء مجموعة من الجامعات الخاصة الغير ربحية – تُعرف باسم الجامعات الوقفية أو المؤسساتية- والتي تضخم عددها بقوة على مدى الثلاثين الماضية. ويعتقد أكاديميون أنه يمكن تطبيق هذا النموذج على التعليم العالي في العالم العربي.

قال دُرمُش جوناي، عضو المجلس التنفيذي التابع لمجلس التعليم العالي في رسالة عبر البريد الإلكتروني، “تلعب هذه الجامعات دوراً هاماً في التنمية العلمية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمدن والمناطق التي تأسست فيها.”

تؤتي جهود الجامعات ثمارها. فعلى الرغم من أن التصنيفات ليست بالتأكيد الدليل الوحيد على التفوق، فإن ثلاث جامعات وقفية كانت ضمن أفضل 400 مؤسسة للتعليم العالي في جميع أنحاء العالم هذا العام في تصنيف مجلة تايمز للتعليم العالي.

تأسست أول جامعة وقفية في البلاد في عام 1984. اليوم، يدرس 351.000 طالب وطالبة في 72 جامعة من هذا النوع بحسب ما قال جوناي.

وعلى الرغم من الطلاب الدارسين في هذه الجامعات لا يشكلون سوى 6.4 في المئة من إجمالي عدد طلاب الجامعات في تركيا. إلا أن الأكاديمين يعتقدون أن هذه المؤسسات دليل صحة المشهد التعليمي العالي في البلاد، حتى لو كان معظم طلاب البلاد يلتحقون بالجامعات الحكومية البالغ عددها 104 جامعة.

قال نهاد بيركر، رئيس جامعة صابانجي الواقعة شرق اسطنبول “كلما تنوعت الخيارات، كلما ازدادت المنافسة. وعلى الناس متابعة التغيرات وفقا لذلك. من الجيد وجود وجهات نظر مختلفة، وهذا ما تفعله الجامعات الوقفية.”

يقارن الأكاديميون الأتراك الجامعات الوقفية بجامعات أخرى مثل جامعة ستانفورد وجامعة كارنيجي ميلون في الولايات المتحدة والتي أسسها أيضا رجال أعمال أثرياء. فعلى سبيل المثال، أسس رجل الأعمال وهبي كوتش جامعة كوتش في اسطنبول في عام 1993. اليوم، مازالت المؤسسة التي تأسست أواخر الستينات تدعم الجامعة بـ 30 مليون دولار سنوياً، وفقاً لما قاله رئيس الجامعة عمران عنان.

تستفيد معظم الجامعات الوقفية  أيضاً من الأرض المقدمة من قبل الدولة. وعلى الرغم من أن هذه الجامعات تندرج ضمن مجلس التعليم العالي للتركي، إلا أنه يوجد تشريعات خاصة تنظم عملها.

قال فولكان أتالاي، نائب رئيس جامعة الشرق الأوسط التقنية الحاصلة على أعلى مركز ضمن تصنيف الجامعات التركية، إنه يمكن تقسيم الجامعات الوقفية إلى ثلاث فئات: الجامعات البحثية والجامعات التعليمية، وتلك التي تقع بين بين. مشيراً إلى تفاوت مستويات الجودة فيما بينها، لكنها تكمل عموماً التعليم العالي الحكومي الذي ييعمل وفق نظام مختلف.

يختار مجالس الأمناء رؤساء الجامعات الوقفية، في حين أن رئيس البلاد يعين قادة الجامعات الحكومية. وتخلو الجامعات الوقفية من بيروقراطية الدولة البطيئة والمقيدة في بعض الأحيان، كما يقول أكاديميون. كما يتم تقديم أجور أعلى لأعضاء هيئة التدريس. إضافة إلى فارق آخر ملحوظ يتمثل بالرسوم التي يسددها الطلاب، إذ على  العكس من الجامعات الرسمية، تتقاضى هذه الجامعات رسوماً.

يتلقى نحو 40 في المئة من طلاب الجامعات المؤسساتية شكلاً من أشكال المنح الدراسية، وفقاً لدراسة حول على الانترنت حول التعليم العالي في تركيا. في جامعة كوتش، قال بعض الطلاب الذين يسددون المصاريف بشكل كامل إن التعليم الذي يتلقونه يستحق المصاريف التي يدفعونها.

من ضمن الميزات التي يحصل عليها الطلاب، التدريس باللغة الإنكليزية عوضاً عن التركية، واعتماد الجامعات على أسلوب تدريس عصري على العكس من الأسلوب التقليدي الذي تتبعه باقي الجامعات الحكومية.

قالت داليا ايرتيكان، مسؤولة إدارة الأعمال في جامعة كوتش، في شمال إسطنبول، إن الطلاب يقيمون أساتذتهم. “يمكنهم يمكنك انتقاد مدرسيهم ومناهجهم وكل شئ. في الجامعات الرسمية، يتم إتباع أسلوب تقليدي ولايتم الاستماع إلى أراء الطلاب.” وأضافت ” في بعض الأحيان، تنشأ صداقة بين الطلاب والأساتذة. وهذا صعب التحقق في الجامعات الرسمية.”

تهدف الجامعات الوقفية من خلال البحوث، وتوفير فرص للدراسة في الخارج، وأعضاء هيئة تدريس متميزين، وبرامج ذات جودة ومرافق حديثة للتنافس مع الجامعات الرائدة عالمياً، وفقاً لموقع الدراسة في تركيا. يقول الموقع “تلتزم الجامعات الخاصة أو الوقفية لا تهتم فقط بالتدريس وإجراء البحوث ولكن أيضا بتثقيف العقول ليصبح الطلاب قادة في التفكير النقدي وقوة عمل في المستقبل.”

وقال محمد قاسم، طالب مصري في جامعة صابانجي، إنه يتمنى لو تعتمد بلاده مصر هذا النموذج الذي ينعكس بشكل جيد على استثمار الأسر في التعليم، “إنهم يحاولون تطوير البلاد من خلال تمويل الجامعة.”

مع ذلك، يشكك قاسم وغيره بإمكانية تطبيق هذا النموذج في بلادهم. قال محمد معروف، طالب مصري أميركي في جامعة صابانجي “من الصعب الحصول على الضرائب من العائلات الثرية المصرية. إنها قضية معقدة بسبب السياسة، لكنها إذ تم تطبيقها فهذا شيء عظيم.”

بالطبع، يمكن أن يتعرض هذا النظام التعليمي لمشكلات بسبب سعي بعض العائلات الثرية للتأثير على المناهج الدراسية أو اعتبار التعليم مصدر آخر للربح. قال رئيس جامعة كوتش “لسوء الحظ، هناك الكثير من الجامعات المؤسساتية التي تتحول إلى كيانات تهدف للربح.”

في المقابل، هناك فوائد من تطبيق هذا النظام. حيث تتمتع الجامعات بصلات وثيقة مع الأسر التي تمول بأعمالها التجارية في نهاية المطاف الجامعات. تأسست جامعة صابانجي، على سبيل المثال، في التسعينات كمشروع ضمن برنامج المسؤولية الاجتماعية لمجموعة صابانجي الرائدة في الأعمال الصناعية والتجارية والتي تعمل في 18 بلد. أما شركتها الأم فهي صابانجي القابضة.

قال بيركر، رئيس جامعة صابانجي “هناك ألفة الاجتماعية مع شركات صابانجى المختلفة، أنت داخل السوق الحقيقي لتعرف كيف تنافس وتعمل داخل الحرم. يمكنك أيضاً أن تدخل في مشاريع مشتركة مع الشركة القابضة والمشاريع التقنية والمشاريع الاجتماعية. لذا، هناك ثقافة مشتركة أعتقد أنها ميزة.”

سعياً وراء فرص عمل مستقبلية، يقول طلاب في جامعة صابانجي إنهم يعتبرون شركات صابانجي كأرباب عمل محتملين.

https://www.bue.edu.eg/

لكن الجامعات الوقفية تقول إنها لاتهدف للاستفادة من مؤسسيها.

قال سوندان دوروكانوجلو فييز، نائب رئيس جامعة صابانجي، “أستطيع أن أؤكد لكم أنه لم يتم تأسيس الجامعات الوقفية لتزويد الشركات بموظفين ولكن لتصبح أولاً عالمية ولاعب عالمي في المنطقة والعالم.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى