مقالات رأي

حوار مع وزير التربية والتعليم المصري

يترأس محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم المصري أحد أكثر الوزارات تعقيداً في البلد، حيث يتوقف مصير أكثر من 17 مليون طالب وطالبة في المدارس الابتدائية والثانوية على حسن سير وزارته.

عُين أبو النصر وزيراً للتعليم في تموز/يوليو 2013، بعد أن كان نائباً للوزير. قبل ذلك، عمل أبو النصر كأستاذ هندسة في جامعة عين شمس، وشغل عدة مناصب إدارية في جامعة عين شمس وجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا.

التقى مراسل الفنار للإعلام مع أبو النصر خلال زيارته إلى لندن في المملكة المتحدة لسماع خططه والمشاكل والمبادرات التي واجهته حتى الآن. تحدث أبو النصرعن الحاجة إلى تطوير المناهج، وتدريب المعلمين وتوفير فرص الحصول على التعليم في أكثر من ألف قرية مصرية تفتقر إلى مدرسة.

ما هى أكبر المشكلات التي تواجه وزارة التعليم فى مصر؟

هناك العديد من المشكلات منها حجم الميزانية، وقيم العمل السائدة، والروتين داخل المؤسسات الحكومية. كل هذه الأمور تعيق عملنا. للتغلب علي بعض هذه المشكلات قمنا بإصدار كتاب للمعلمين اسمه “القيم والأخلاق والمواطنة”، فالمعلم هو حجر الأساس فيما يتعلق بغرز القيم. صحيح أن التخطيط مهم، لكن يبقى المعلم العامل المؤثر الأهم بالنسبة للطلاب. من المشكلات الهامة التى أواجهها هي المستوى المتدني للمعلمين من حيث طرق التدريس الحديثة والفعالة. كما أنه تم إهمال المناهج أيضا بشكل كبير. لذلك قمنا بعمل مشروع بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي يركز بالأساس على مراجعة المناهج من أجل تطويرها بشكل محدد (بالتعامل مع طرق التدريس والتعلم)، خاصة بعد أن وجدوا أن حوالي 30 في المئة منها مكرر ويعتمد على الحفظ والتلقين. فوضعنا خطة لتطوير المناهج في خلال ثلاث سنوات. انتهينا العام الماضي من تغيير 30 في المئة منها، ونعمل هذا العام على  تطوير 35 في المئة منها، وسوف نطور الباقي منها العام المقبل.

ما هي خطتك لتحسين تأهيل وإعداد طلاب المرحلة الثانوية للتعليم العالي؟

أسعى لتطبيق “بكالوريا مصرية” تحل محل التعليم الثانوي العام. وهي أشبه بدراسة البكالوريا الدولية (الآي بي IB ). لدينا مدرستان نجرب معهما هذا النظام الآن، حيث قمنا بتطبيق نظام STEM (النظام التعليمي المهتم  بالعلوم والتكنولوجبا والهندسة والطب). هاتان المدرستان دخلتا مسابقة على مستوى العالم فى أمريكا واحتلتا المركز الثالث. هناك الكثير من المسائل والعوائق المتعلقة بهذه الخطة، ولكننا ننوي أن يكون هناك مدرسة بنظام STEM  فى كل محافظة. أما فيما يتعلق بالـ IB فمازالت التجربة في بدايتها لذلك سيأخذ تنفيذها وقتاً، لأن تعميمها يحتاج إلى تغيير كبير فى النظام، كما أن الأمر سيطلب تدريب الإداريين والمعلمين.

ما الغرض من زيارتك إلى لندن؟

أنا هنا للقيام بعمل دراسة خاصة بتطوير التعليم أو ما يطلق عليه “زيارة دراسة” نظمها المجلس الثقافى البريطاني. تأتي هذه الزيارة فى إطار خطة استراتيجية تشمل الفترة من 2014 وحتى 2030، الأمر الذى يتطلب الإطلاع على التجارب الأخرى لتقييم موقفنا ولنبدأ من حيث انتهى الآخرون. التعاون بيننا وبين المجلس الثقافى البريطاني قد يعود بالنفع علينا خاصة أننا بحاجة للقيام بتدريبات لبعض الكوادر لدينا للرفع من كفاءتها. فقد بدأنا فى مصر تقديم فكرة المدرسة “الداعمة” التي تشبه إلى حد كبير المدرسة الأكاديمية الموجودة في بريطانيا، وبما أنها فكرة جديدة، فهذه الزيارة بمثابة فرصة للاستفادة من خبراتهم هنا لتطبيق الفكرة لدينا.

ما المقصود بالمدرسة “الداعمة” تحديداً؟

لدينا فى مصر 278 إدارة تعليمية، لذلك اخترنا من كل منطقة مدرسة معتمدة لديها كل الإمكانيات المتاحة لتساعد المدارس الأخرى المجاورة لتطوير طرق التدريس والتعليم إلى أن يتم اعتمادهم. ستبدأ كل مدرسة “داعمة” بدعم عشرة مدارس مجاورة على الأقل. بعد عام تصبح كل مدرسة من هذه المدارس قادرة على دعم عشرة مدارس أخرى لكي تُعتَمد هي الأخرى، وهكذا. هذا يعنى أنه خلال عامين أو ثلاثة ستصبح  كل المدارس مؤهلة للاعتماد.

هل سيكون اعتماد هذه المدارس على المستوى المحلي أم الدولي؟

حالياً الاعتماد سيكون على المستوى المحلي. لكنني اصطحب معي فى هذه الزيارة إلى بريطانيا اثنين من هيئة الجودة والاعتماد وهما رئيس الهيئة ونائبه سعياً للعمل على اعتماد مدارسنا دولياً من خلال التعاون مع بريطانيا وفنلندا. حتى الآن، ما تزال الهيئة التي تعتمد المدارس فى مصر محلية وليست دولية. نأمل أن تصبح هيئة الجودة المصرية دولية، بحيث إذا اعتمدت مدارس مصرية محلياً، تصبح تلك المدارس المحلية معتمدة دولياً بشكل تلقائي بما أن الهيئة دولية.

هناك الكثير من القرى فى الأرياف محرومة من التعليم أو تحصل على تعليم ضعيف. كيف تواجهون هذه المشكلة؟

عندما بدأت العمل، كان لدينا 1043 قرية محرومة تماماً من التعليم. انتهينا العام الماضى من 600 وحدة، وأنشأنا مدارس الفصل الواحد. تكلفة المدرسة الواحدة نحو 250 ألف جنيه، فاشترك معنا رجال الأعمال، والجمعيات الأهلية، واليونيسف فى هذا المشروع. هذا العام، نهدف إلى الانتهاء من 443 مدرسة ابتدائية، والغرض منها ألا يضطر أطفال القرى للمشي مسافات طويلة لتلقي التعليم. كان لدي في الميزانية ما يكفي لتغطية تكلفة بناء 8000 فصل، ولكن بفضل دعم القطاع الخاص والمؤسسات، تمكننا من بناء 24,000 فصل إلى الآن. حيث تخطينا حدود الميزانية بفضل التبرعات، ومساهمة من الإمارات ورجال الأعمال. تم بناء 70 في المئة من هذه المدارس فى منطقة الصعيد والباقي في بحري.

طالب الكثير باستقالتك بعد حادث إهمال حافلة المدرسة الذي أدى لوفاة 18 طفل في محافظة البحيرة. ما تعليقك؟

الحافلة ملك لمدرسة خاصة، لذلك تقع مسؤولية الحادث على المدرسة وليس علي. تأتي المسؤولية مع التمكين، وأنا فعلياً ليس لدي سلطة على المدرسة في هذه المنطقة. كيف أكون مسؤولاً إذاً عن مقتل هؤلاء الأطفال؟

من أكبر المشكلات المتوغلة فى المجتمع المصري هي أن طلاب المدارس الحكومية يشعرون بأنهم يحتاجون للدروس الخصوصية لكي ينجحوا. فما أسباب هذه الظاهرة وكيف تواجهونها؟

إذا وجد الطالب ما يحتاجه داخل المدرسة، لن يلجأ للدروس الخصوصية. وإذا اتسعت الجامعات لعدد أكبر من الطلاب، ربما لا يكون هناك هذا الصراع والتنافس بين الطلاب في المرحلة الثانوية. يحتاج المدرسون إلى تدريب لتحسين آدائهم داخل المدارس. بدأنا أيضاً زيادة المرتبات والحوافز، بحيث لا يتقاضى أي مدرس الآن راتباً أقل من 1,700 جنيه شهرياً (حوالي 234 دولاراً أمريكياً).

هل نظام التعليم في مصر بحاجة إلى تغيير أم مجرد مزيد من تطوير؟

يحتاج إلى الإثنين معاً، فأنا لا أستطيع تغيير جميع المعلمين والمدارس، إنما يتوجب علي تطويرهم. ولكن من الممكن على سبيل المثال تغيير المناهج بالكامل.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى