أخبار وتقارير

أبحاث علمية تساعد الأزواج العرب على الإنجاب

عمان— في أواخر التسعينيات، كان قاسم العموري، معلم من شمال الأردن يحتفل بزواجه. ولم يمر الكثير من الوقت على احتفالات الزواج حتى فرح هو وزوجته بخبر حملها.

لكن سعادتهما لم تدم طويلاً.

فقد فقدت الزوجة الجنين بعد ستة أسابيع من الحمل. ليبدأ الزوجان رحلة السعي للحصول على مساعدة طبية لتحقيق حلمهما في الإنجاب.

إلا أن تكلفة العملية كانت باهظة، فمع راتبه الذي يقدر بحوالي 700 دولار أمريكي شهريًا، اضطر العموري للاستدانة لدفع التكاليف والتي تقدر بحوالي 5000 دولار أمريكي لإجراء عملية التلقيح الاصطناعي. وتشمل هذه التكلفة العلاج وتلقيح البويضة بالحيوان المنوي في المختبرات ونقله إلى رحم الأم، باستثناء فواتير المستشفى في وقت الولادة. وأضاف العموري “كما لا يزال علينا تحمل تكاليف الحضانة.”

يصيب العقم واحدًا من كل سبعة أزواج. ويقول الخبراء إن قصة العموري وزوجته تعتبر من القصص الشائعة.  ينفق الأزواج في مختلف أنحاء العالم العربي آلاف الدولارات التي قد لا يملكونها على التلقيح الاصطناعي وغيره من علاجات العقم لأنهم لا يتحملون وصمة الزواج بدون أطفال.

كما لا يعتبر، التبني على الرغم من قانونيته، بديلاً عن الإنجاب في معظم الدول العربية لأن التقاليد والأعراف لا تسمح للطفل المتبني بحمل اسم الأسرة التي تتبناه. كما أن العموري وزوجته لم يقبلا أبدًا فكرة التبني؛ قال العموري “في الإسلام، لا يمكن أن أنسب الطفل المتبنى لنفسي. كما أن الطفل المتبنى لا يمكن أن يعوضني عن الطفل البيولوجي.”

مع وجود المزيد من الأزواج الشباب الساعين للإنجاب على الرغم من العوائق البيولوجية، يحاول الباحثون إيجاد طرق لمساعدتهم. في جامعة الأردن للعلوم والتكنولوجيا، يحاول العلماء إجراء الأبحاث حول قدرة المركبات المضادة للأكسدة على تحسين حركة الحيوانات المنوية. قال سليم بني هاني، أستاذ مساعد في الكيمياء الإكلينيكية والطب الجزيئي “إذا نجحنا في تحسين معدلات نجاح علاجات العقم سنتمكن من تخفيف هذا العبء.”

https://www.bue.edu.eg/

غالبًا ما يأتي الأزواج إلى بني هاني قلقين من عدم قدرتهم على الإنجاب بعد ضغط شديد من عائلاتهم. يقول بني هاني “بعد شهر من الزواج، تبدأ الأمهات والحموات في سؤال عما إذا كانت الزوجة حاملاً ويحاولون معرفة أسباب عدم حملها. ففي بعض الحالات يسعى المرضى للإنجاب لمجرد التخلص من هذه التساؤلات. ويتسبب هذا الضغط من الأقران وأفراد الأسرة في إعاقة فرص الإنجاب بشكل أكبر.”

ولا تثني التكلفة الباهظة لإجراء عملية التلقيح الاصطناعي وغيرها من العلاجات الأزواج عن هذه المحاولات.

فوفقًا للبيانات المنشورة في دراسة أجريت عام 2014 من قبل اللجنة الدولية لمراقبة التقنيات المساعدة على الإنجاب، تشهد مصر والتي يصل إجمالي الناتج المحلي للفرد فيها إلى 3300 دولار أمريكي 346 عملية تلقيح مساعدة لكل مليون نسمة سنويًا. ويزيد معدل الدخل القومي للفرد في كندا حوالي 16 ضعفًا عنه في مصر، إلا أنها تتساوى معها في معدل اللجوء لهذه العلاجات. (كما أن بعض هذه العلاجات تتاح مجانًا في النظام الصحي العام في كندا). وتقول كاتبة الدراسة الدكتورة رجاء منصور والتي ساعدت في تأسيسى المركز المصري للتلقيح الاصطناعي في القاهرة “تقل معدلات اللجوء إلى هذه العلاجات في الدول غير العربية والتي يوجد بها نفس الموارد المالية.”

وفيما يتعلق بالتلقيح الاصطناعي، يشرح بني هاني الطريقتين المتبعتين لتلقيح البويضة خارج الرحم. أولها هو حقن حيوان منوي داخل البويضة بإبرة دقيقة، وذلك إذا كانت الحيوانات المنوية تعاني من الكسل. والطريقة الثانية هي ترك البويضة في السائل المنوي والسماح للحيوانات المنوية بالتصارع لتلقيحها وهذا يسمى بالانصهار. ويفضل الإجراء الثاني لأنه أكثر أمانًا من الناحية الطبية. فكما قال هاني “أشارت الدراسات أن حقن الحيوان المنوي قد يسبب مشكلات مثل طفرات الحمض النووي والتي قد تسبب إجهاض فيما بعد.”

يهدف البحث التي يجريه بني هاني إلى مساعدة الأزواج على اللجوء إلى طريقة الانصهار. فقد أضاف مختلف التركيزات من مضاد الأكسدة الذي يسمى ل–كارنتين لعينات الحيوانات المنوية وقاس حركتها بعد ذلك. توجد هذه المادة بوفرة في البروتينات مثل سمك القد، واللبن، وصدور الدجاج، ولكن شرائح لحم البقر تحتوي على أعلى كمية من مضاد الأكسدة ل–كارنتين.

ونتيجة للتجارب الني نشرت منذ عامين في مجلة أندرولوجيا، كشف باني هاني أن حركة الحيوانات المنوية تحسنت عندما وصل مستوى ل–كارنتين إلى 0.05 في المئة من إجمالي عينة السائل المنوي. ولكن عندما وصلت النسبة إلى 5 في المئة ظهر تأثيرها السلبي.

بالنسبة للأزواج الذين يعانون من مشكلات الخصوبة، ينصح بني هاني الرجال بتناول منتجات الألبان واللحوم، ولكنه ينبهم أنها قد لا تفلح في حل المشكلة. ففي بعض الأحيان يكون هناك مشكلة داخل الجسم تمنعه من امتصاص المادة، كما قال بني هاني.

ومن ناحية أخرى، تحذر منصور من هذه النصائح وترى عدم وجود أدلة علمية كافية تدعم هذه الإدعاءات. “لن أنصح مرضاي بتناول المزيد من اللحوم. فقد يؤثر ذلك سلبًا على صحتهم العامة والتي يجب الحفاظ عليها عند محاولة الإنجاب.”

وبصرف النظر عن ذلك، يقول بني هاني إنه سيستمر في إجراء أبحاثه آملاً في زيادة معدلات النجاح وتقليل فرص حدوث أية مضاعفات، وهو الأمر الذي اعتاد عليه العموري وزوجته. فخلال كتابة هذه القصة، توفى اثنان من التوائم الثلاثة الذين رزقا بهم بسبب مشكلات في الرئة، ولكن الطفل الثالث يبدو بصحة جيدة. ولكن الأمر كان يستحق التكاليف المالية ومعاناة فقدان الطفلين. فعلى الرغم من اضطراره للاقتراض مرة أخرى للوفاء بتكاليف الدفن والجنازة للطفلين. يقول العموري “لا شيء يضاهي سعادتي بهذا الطفل.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى