مقالات رأي

حوار مع فريق ترجمة ديوان «مجنون ليلى»

ا تبدو ترجمة الشعر العربي الغني والمعقد للغة الإنكليزية المعاصرة مهمة سهلة. لكن الدكتورة فريال غزول، أستاذة ورئيسة قسم اللغة الإنجليزية والأدب المقارن في الجامعة الأميركية بالقاهرة، وجون فيرليندن أستاذ البلاغة والكتابة في الجامعة، حصلا على إشادة دولية لقيامهما بترجمة ديوان “مجنون ليلى وأشعار مختارة” للشاعر البحريني قاسم حداد. يشتهر حداد، المولود في البحرين عام 1948، بكتابته للشعر الحر وإعادة صياغة قصة الحب الكلاسيكية لمجنون ليلى في القصيدة الحديثة الغنية بالصور المثيرة.

في القاهرة، عمل كل من غزول وفيرليندن سويا كفريق عمل للترجمة منذ عام 1995، بما في ذلك ترجمة “رباعية الفرح” للشاعر المصري الراحل محــــمد عفيفي مطر والتي فازا عنها بجائزة أركانسس لعام 1997. وتـــرجما رواية “رامة والتنين” للمصري إدوار الخراط والتي فـــازت عام 1999 بجائزة نجيب محفوظ للرواية العربية التي تمنحها الجامعة الأميركية بالقاهرة.

نشرت جامعة سيراكيوزعملهما الأخير الخاص بقصائد حداد، والذي جاء نتيجة لما يقارب 9 سنوات من العمل، وحصل على جائزة الترجمة العربية من جامعة أركنسس.

سعا غزول وفيرليندن لإنتاج عرض صحيح لقصائد حداد من خلال الترجمة وبالتشاور مع خبراء اللغة والشعر العربي من جامعة القاهرة والجامعة الأميركية في بيروت. أما مشروعهما القادم فسيكون ترجمة لقصائد الشاعرة العراقي نازك الملائكة (1923-2007) والتي تعتبر رائدة من رواد الشعر العربي الحر.

بسبب سفرهما، تحدثا غزول و فيرليندن مع الفنار للإعلام عن عملهما من خلال البريد الإلكتروني.

ما الذي جذبكما للعمل على هذا المشروع؟ وهل يمكنكما توضيح ألية العمل التي اتبعتموها لإنجازه؟

فريال غزول: ينبع اهتمامنا بترجمة قصائد مجنون ليلى تحديداً لكونها من كلاسيكيات الأدب وجزء من الأدب العالمي. فهي معروفة في الشرق والغرب، لكن جذورها تعود للمنطقة العربية. وبعيداً عن صور حداد الآسرة، فإن العمل على مجنون ليلى يشكل تحديا خطيرا للمترجمين. بالطبع الرواية نفسها والسرد التاريخي لقصة حب مجنون ليلى قديمة، لكن ما فعله الشاعر هو استخدام ذات السرد لكن بشعر حداثي وما بعد الحداثي. ولالتقاط خلطة حداد، يتوجب على المترجمين أن يكونوا على إطلاع واسع بالنبرة والسخرية.

لدي فهم عميق للشعر العربي ونظائره في اللغات الأخرى. كما أن جون فيرليندن كاتب وشاعر مبدع. فهو يدرك جمالية الإيقاع، واللهجة، والصور في اللغة المستهدفة. نقوم بمراجعة الترجمة عدة مرات حتى يتم الموافقة عليها من قبل ناقد وشاعر الناطق باللغة العربية -اللغة الأصلية- و بللغة الإنجليزية.

جون فيرليندن: في أغلب الأحيان، يكون لدي أفكار عامة عن العمل إلى أن أرى المسودة الأولى التي تعدها غزول. عندها أبدأ طبعا بالاستمتاع أكثر باللغة والسرد والعناصر الأدبية الأخرى. أنا مهتم أكثر باللغة والمواهب الهائلة أكثر من القصة نفسها. لا يهمني موضوع الكاتب ولكن يهمني كيف يكتب. يتمثل هدفي بالتعاون لتقديم عمل فنان كبير لجمهور واسع.

ماهو التحدي الأكثر صعوبة في ترجمة شعر حداد؟

فريال غزول: كان الجانب الأكثر صعوبة هو الحفاظ على جمال اللغة العربية مع إحداث تأثير جمالي حقيقي على القارئ، الذي لا يعرف اللغة العربية. لذا جاهدنا للحفاظ على البعد الغريب للقصة القديمة بشاعرية جذابة للقارئ من خلال توازن دقيق لتحقيق ما يسميه الفرنسيون “الأجنبية الجميلة” عند اجتماع الجمال مع الغربة في الترجمة عوضاً عن التخلي عن أحدهما لصالح الآخر.

لماذا تعتبر قراءة قاسم حداد لقصة مجنون ليلى إضافة ذات قيمة أدبية؟

فريال غزول: ما يميز تقديم قاسم حداد لواحدة من كلاسيكيات الأساطير العربية هو قدرته المذهلة على الاحتفاظ بالجذور الشعرية العربية رغم كونه شخص معاصر ووفق رؤية إنسانية في نفس الوقت.

كيف يمكن لترجمتكما أن تفيد القراء في جميع أنحاء العالم؟

فريال غزول: إن ترجمتنا في العالم الذي يزداد عولمة ستسهم في فهم وتقدير الثقافات الأخرى، بما في ذلك التقاليد والموروثات. أعتقد أنها ستساعد الناس على التعلم عن الماضي ومن الماضي، عن الثقافات الأخرى، ومن ثقافات أخرى.

جون فيرليندن : أعتقد أحيانا أن الترجمة إذ وصلت لكاتب آخر في الوقت المناسب تماما، فإنها ستحدث على الفور تغييراً جماليا وفلسفيا، وربما قبل كل شيء، تغيير نظرته أو نظرتها لما يمكن في الوسط الأدبي.

لماذا يكتسب الأدب العربي الكلاسيكي أهمية للقراء المعاصرين في العالم الناطقة باللغة الإنجليزية؟ وكيف يمكنك منع ضياع الفروق الدقيقة في اللغة العربية في الترجمة؟

فريال غزول: يعتبر الأدب العربي الكلاسيكي واحداً من مجموعة قليلة جداً من الآداب في العالم التي مازالت تُقرأ بعد أكثر من ألف سنة من كتابتها. إذا كنت تتقن  العربية، يمكنك قراءة أبيات مجنون ليلى والتي كتبت في أواخر القرن السابع اليوم في القرن الحادي والعشرين دون مساعدة من القاموس.

هناك، بطبيعة الحال، بعض الصور التي المحددة ثقافيا أو بعض الدلالات التي قد لا تتقاطع مع الثقافات الأخرى. في مثل هذه الحالات نستخدم الملاحظات التفسيرية في نهاية كتابنا وكذلك نشرح في المقدمة جوانب معينة من الثقافة ومسار الشاعر. قدمنا أيضا مختارات من شعر قاسم حداد التي تمتد 40 عاماً، لذلك يمكن للقارئ أن يطلع على مخيلته الخيال وتشهد تطورها.

جون فيرليندن: أعتقد على الدوام أن الحكمة والجمال في العصور القديمة تستحق أماكن خاصة في الاستكشافات الأدبية لأي القارئ. هنالك مثلاً  الكلاسيكيات الهندية الكبيرة، مثل كليلة ودمنة. أو الحكايات الأسطورية الآسيوية مثل ملحمة جلجامش. ماذا تتعلم بالضبط؟ أولاً، أنت ترى كيف أن العقل البشري يتشابه بين الثقافات، وعبر العصور. ذلك أن الوصول إلى جوهر هذه الأعمال يحدث فوراً. وإذا كنت محظوظا وحصلت على ترجمة جيدة، فإن بعض التفاصيل المحلية قد تتسرب من خلال غربال للغة الثانية. لا يمكنك الحصول عليها كلها. لكن إن توفر الجهد والحظ الجيد في العمل يشكلان الأسلوب والأمل.

*تم تحرير هذه المقابلة بهدف الوضوح والإيجاز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى