أخبار وتقارير

العام الدراسي يبدأ وآلاف اللاجئين خارج المدارس

مع تصاعد حدة القصف، هربت ضحى عبدالله من مدينة قطنا بالقرب من العاصمة السورية مع والدتها وأشقائها الخمسة إلى الأردن.

تقول ضحى، 18 عاماً والتي حصلت على معدل مرتفع في امتحان الثانوية العامة هذا العام في الأردن”إن الالتحاق بالجامعة فرصتي الوحيدة أنا وكل عائلتي لضمان حياة أفضل.” لكن فرصة ضحى، التي طالما حلمت بدراسة الهندسة المعمارية منذ أن غادرت سوريا قبل عامين، لاتبدو مضمونة ” لست قادرة على دفع الرسوم الجامعية.”

مع انتشار العنف في معظم أنحاء المنطقة، يرتفع عدد اللاجئين و”النازحين داخلياً” هذا العام، بطريقة غير معهودة سابقاً. إذ تمتد المشكلة لتشمل أبعد من أولئك الذين نزحوا بسبب الحرب في سوريا. فالصراعات تمتد في المنطقة من ليبيا إلى جنوب السودان وشمالاً باتجاه العراق.

مع تطور الأزمة الإنسانية لا يلتفت كثيرون لحجم الكارثة التعليمية.

قال رولاند شيلينغ، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في المملكة المتحدة، في بيان نُشر في تموز/ يوليو الماضي “إن الصراع الدائر في سوريا يحطم تطلعات الملايين من الشباب السوريين، ويسلبهم فرصة بناء مستقبل لأنفسهم ولللبلاد التي مزقتها الحرب. إن التأكد من أن هؤلاء الشباب يحصلون على تعليم جيد وهم لاجئين أمر أساسي للتصدي لهذا التحدي العاجل.”

تهدد أزمة اللاجئين بتهميش جيل كامل من الشباب السوري. تقول ضحى “كانوا يقولون لنا إنه عندما يغلق باب، تًفتح نافذة. لكن لا شئ يُفتح للاجئين من أمثالنا.”

  • في لبنان، تم تسجيل 1.1 مليون لاجئ في ظل تمويل حكومي محدود، وصعوبات التعلم بالإنكليزية والفرنسية وحاجة بعض الأطفال لكسب المال مما يعني حرمان العديد من اللاجئين من التعليم. هذا العام، أصدرت الحكومة اللبنانية قراراً يمنع تسجيل الطلاب السوريين في المدارس الحكومية اللبنانية.
  • في الأردن، يوجد أكثر من 600 ألف لاجئ سوري وعراقي في البلد المنهك اقتصادياً والفقير بموارد المياه والرعاية الصحية. 150 ألف طفل مؤهل لدخول المدارس الحكومية المكتظة هذا العام. بينما يمتلك عدد قليل جداً من الشباب السوري المال اللازم للالتحاق بالجامعات.
  • في العراق، نزح ما يقدر بنحو 8 مليون شخص منذ كانون الثاني/ يناير الماضي. إضافة إلى 215 ألف لاجئ سوري. يعيش اللاجئون في أكثر من 2000 مدرسة، بحسب وكالة الأمم المتحدة للاجئين، لذا تم تأخير موعد بدء العام الدراسي.
  • في قطاع غزة، تقول وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية إن ست جامعات تضررت، إضافة إلى 141 مدرسة حكومية و97 مدرسة تابعة لمفوضية اللاجئين (الأونروا).
  • في المنطقة الشرقية من ليبيا، يتوقع تغيب أكثر من 60 ألف طالب عن المدارس في اليوم الأول من العام الدراسي بسبب القتال بين الميليشيات المتناحرة.
  • في جنوب السودان، أكثر من نصف مليون طفل ممن فروا من منازلهم بسبب الحرب الأهلية العام الماضي توقفوا عن الذهاب إلى المدرسة.

 حتى لاينعزلوا عن محيطهم!

لاجئ سوري وابنه في ملجأ تحت الأرض في لبنان (الاونروا- س.بلدوين)

فر أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري منذ احتدام الصراع قبل نحو ثلاث سنوات مما تسبب في إعاقة تعليم الأطفال لأكثر من عقد، بحسب ما تقول منظمة اليونيسيف. اعتباراً من أواخر العام الماضي، خرج نحو 2.2 مليون طفل سوري داخل البلاد وأكثر من نصف مليون في الخارج من المدارس، وفقا للمنظمة.

في لبنان، التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين السوريين، يوجد أكثر من 317 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 3- 18 عام لايستطيعون الوصول إلى التعليم كما يقول جيفري داو، منسق التعليم في لجنة الإنقاذ الدولية في لبنان استناداً لإحصاءات مفوضية اللاجئين. يشمل هذا العدد الفلسطينيين واللبنانيين الفقراء. يقول داو “هذه مشكلة كبيرة. أود أن أؤكد على الحاجة الملحة حقا للاستجابة لما هو مطلوب لإعطاء هؤلاء الأطفال تعليم عالي الجودة حتى لاينعزلوا عن محيطهم.”

إلا أن الطلاب يواجهون عقبة أساسية تتمثل في عدم قدرة الحكومة اللبنانية على التعامل مع تدفق السوريين، كما يقول داو. اعتاد الطلاب على التعلم باستخدام اللغة العربية، لذلك يجدون صعوبة في تعلم الفرنسية المستخدمة لتدريس الرياضيات والعلوم في المدارس اللبنانية.

كما منع قرار – صدر مؤخراً- تسجيل الطلاب غير اللبنانيين في المدارس الحكومية. وأشار وزير التعليم اللبناني إلى مباحثات مع الأونروا لإنشاء مدارس خاصة للطلاب السوريين.

يقول كيث ديفيد واتنبوه، أستاذ مساعد ومدير مبادرة لحقوق الإنسان في جامعة كاليفورنيا بديفيس، ” إن الكثير من اللبنانيين يظهرون عداء علنياً تجاه السوريين، مما يزيد من صعوبات الطلاب والباحثين على وجه الخصوص. خلق النظام السياسي الهش في لبنان اقتصاداً ضعيفاً وبيئة طائفية صعبة جداً.”

بحثاً عن أصدقاء لايطلقون علي لقب “شوكولاته”

في الأردن، تعمل مجموعة برامج دولية ومحلية على تعليم الشباب في المخيمات التي تضم آلاف اللاجئين السوريين. إلا أن مقابلات مع اللاجئين وممثلي المنظمات تؤكد أنهم يلبون فقط جزء بسيط من الحاجة الفعلية. يمكن للسوريين خارج المخيمات الالتحاق بالمدارس الحكومية، لكنهم غالباً ما يواجهون عقبات بيروقراطية.

أطفال لاجئين من الصومال (اليونيسف)

تقول سميرة محمد، أم لطالبة سورية لم تتمكن من الالتحاق بالمدرسة بسبب عدم امتلاكها لإقامة في الأردن. “تجلس ابنتي البالغة من العمر 14 عاماً في المنزل، بينما تذهب الطالبات من جيلها للمدرسة. تشعر بأنه تم عزلها.”

في عام 2013، تم تسجيل ما لا يزيد عن 55 في المئة من الأطفال السوريين الموجودين في الأردن  في المدارس، وفقاً لأرقام اليونيسيف. اضطرت الحكومة الأردنية إلى العمل بنظام الفترتين في 79 مدرسة لتلبية الطلب المتزايد والذي تسبب في ارتفاع معدل استهلاك الطاقة وقلة توافر المعلمين واكتظاظ الفصول الدراسية.

في المقابل، لايبدو التعليم العالي في الجامعات الأردنية في متناول جميع اللاجئين السوريين، وفقاً لتقرير صادر عن معهد التعليم الدولي وجامعة كاليفورنيا في ديفيس. كما توجد عقبات أخرى. يقول أسامة سعيد، لاجئ سوري في عمان، إنه لم يتمكن من إكمال دراسته في المملكة بسبب عدم امتلاكه لشهاداته الدراسية السابقة في سوريا. “وصلت إلى هنا بعد سير لمدة يومين على الأقدام ومن دون أي أوراق ثبوتية. آمل أن أحظى بفرصة إعادة التوطين للتخلص من هذا الكابوس.”

إلى جانب اللاجئين في الأردن، والذين يتمتعون اليوم باهتمام جيد من وسائل الإعلام، يوجد أفراد من 45 جنسية أخرى مسجلين كلاجئين أيضاً. حيث يوجد فلسطينيون وعراقيون وسودانيون وأريتريون وحوالي 500 لاجئ صومالي، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين.

غادر إدريس، 19 عاما من الصومال، المدرسة الأردنية بعد فترة بسيطة من الإلتحاق بها بسبب عدم تمكنه من العثور على أصدقاء وتعلم اللغة العربية. يتبع إدريس اليوم دورات في اللغة الإنكليزية مقدمة من منظمة غير حكومية. اللغة، كما يقول، “يمكن أن تكون جواز سفري الوحيد إلى العالم الغربي حيث أتمكن من الدراسة والعمل والعثور على أصدقاء لايطلقون علي لقب شوكولاته.”

” أحلم بأن أعود للعراق” 

لايعتبر الالتحاق بالمدارس مشكلة للاجئين العراقيين، الذي بدأوا بالتوافد مع بداية التسعينات بسبب حرب الخليج التي دفعت بموجة من ابناء الطبقة الوسطى للاستقرار في المملكة. إلا أن دفعة ثانية من العراقيين قدمت بعد الاجتياح الأميركي للعراق في 2003. منذ حزيران/ يونيو، دخلت ميليشيات الدولة الإسلامية شمال العراق، مما تسبب في إغلاق 8 جامعات والاستيلاء على ثاني أكبر مدينة في البلاد. وعليه فر المزيد من العراقيين إلى الأردن، التي يلقون فيها رعاية صحية وخدمات مجانية.

لكن عندما يتعلق الأمر بالتعليم الجامعي، يعتبر العراقيون طلاباً دوليين يتوجب عليهم دفع ضعف رسوم الالتحاق بالجامعات وبالعملة الصعبة. تقول رنا، 21 عام، “نحن غير مرحب بنا هنا. إنهم يعتقدون أننا السبب وراء ارتفاع الأسعار ونقص فرص العمل.” مضيفة ” أحلم بالعودة للعراق.”

لكن الوضع في العراق لايبدو براقاً. ففي كردستان العراق، التي مازالت بعيدة عن أحداث العنف إلى حد ما، تحولت 550 مدرسة في دهوك إلى ملاجئ لنحو 21 ألف أسرة نزحت داخلياً هرباً من عنف الجماعات المسلحة التابعة للدولة الإسلامية، وفقاً لوسائل الإعلام المحلية.

مع ذلك، لايواجه كل اللاجئين في المنطقة صعوبة في الحصول على التعليم.

طفل سوري في مخيم للاجئين في تركيا (فريدوم هاوس)

ففي مصر، يستطيع الطلاب من اللاجئين السوريين والسودانيين الالتحاق بالمدارس الحكومية. حيث تظهر إحصاءات المفوضية أن نسبة عالية منهم تم تسجيلها في المدارس العامة والخاصة.

في تركيا، يصف اللاجئون العراقيون الالتحاق بالمدارس بالعملية البسيطة رغم صعوبة تعلم اللغة التركية. لكن حمزة عمار، 23 عاما، يقول إن معظم اللاجئين الذين يعرفهم ل يستكملون تعليمهم الجامعي بسبب حاجتهم للعمل وكسب المال.

حياة منسية: 

في جنوب السودان، يوجد أكثر من نصف مليون طفل تركوا منازلهم منذ اندلاع الصراع وتوقفوا عن الذهاب إلى المدرسة العام الماضي،وفقاً لتقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية  في حزيران/ يونيو الماضي. لا يحصل أولئك المقيمين في مخيمات النازحين داخليا على فرص لاستكمال تعليمهم الثانوي أو الجامعي على الإطلاق كما يقول ديفيد ليميرغا من  مجلس اللاجئين النرويجي.

خارج المخيمات، يتكدس الأطفال الذين يعانون من الصدمة في الفصول. بينما يقل عدد المدرسين. يقول جيان أدهيكاري، مدير التخطيط الدولي في جنوب السودان، “إذا لم يتم تحديد أولويات التعليم فورا ستزداد احتمالات فقدان التعليم لجيل من الأطفال.”

في ليبيا، يقترب موعد بدء العام الدراسي رغم استمرار أعمال العنف. في بنغازي، تعرضت 13 مدرسة للقصف العشوائي، في حين تقع 100 مدرسة أخرى في “مناطق غير آمنة”. كما تم استخدام 9 مدارس لإيواء الأسر النازحة داخلياً، وفقا لتقرير صادر عن مكتب التعليم في بنغازي، وهي هيئة حكومية.

في المجموع، 63 ألف طالب لن يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس التي ستبدأ متأخرة في 28 من الشهر الحالي بحسب التقرير أيضاً.

في مناطق أخرى، يكافح بعض المعلمين للوصول الى المدارس والجامعات التي فتحت أبوابها فعلياً رغم استمرار القتال.

تقول جميلة المغطوف، معلمة في مدرسة في مدينة الزاوية بالقرب من العاصمة طرابلس، “جميع المدارس في منطقتنا مغلقة بسبب القصف المستمر. لا أحد في مأمن هنا. قد نموت جميعاً. ولا نعرف متى ستنتهي الحرب.”

في قطاع غزة، انتهت الحرب الإسرائيلية على غزة لكن الصدمة مازالت مستمرة. تقول فاطمة طمبورا، طالبة في جامعة الأزهر في غزة والتي تعرض منزلها للقصف الإسرائيلي وتسبب في مقتل شقيقتها، ” حياتي منسية. لا أستطيع أن أركز.”

ساهم في التقرير: رضا فحيل البوم، يوسف الحلو، محمد عوض وجلجامش نبيل.

Countries

تعليق واحد

  1. العراق يعاني من عزلة كبيرة ولسنوات متعاقبة منذا بدء الحصار عليه فضلا عن الحروب المتتالية عليه …لهذا اصبح التعليم في المدارس والجامعات شبه متهالك وغير مصنف دوليا مما تسبب في عدم الاعتراف بالشهادات في الجامعات العراقية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى