أخبار وتقارير

التعليم يترنح مع اشتداد المعارك في ليبيا

الزاوية، ليبيا— قرر محمد جادير استكمال دراسة الهندسة في جامعة الزاوية شمال ليبيا في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر. لكن عوضاً عن الشعور بالسعادة تتضارب مشاعره، ذلك أن اشتداد الحرب الأهلية في البلاد التي مزقتها الحرب يجعل من الدراسة موضوعاً غير ملائماً وربما غير مسؤول.

يقول جادير “لست مستعداً نفسياً لقراءة كتاب أو الاستماع إلى محاضرة. قد تجعلني الدراسة أنسى  الحرب والأخبار المحزنة اليومية. لكنني أعتقد أن الدروس يجب أن لا تبدأ لأن الإخوان المسلمون وحلفائهم يريدون أن يظهروا للعالم بأن الأمور هادئة في ليبيا.”

يتعاطف فرج دردور أستاذ الأدب من جامعة طرابلس مع جادير. فقبل بضع سنوات، عندما شن المتمردون حرباً بمساعدة الضربات الجوية للحلف الناتو والتي أطاحت في نهاية المطاف بالدكتاتور معمر القذافي، كانت الجامعات تعمل أيضا ولكن تم تجاهلها من قبل الجميع تقريباً. الوضع يعيد نفسه، بحسب دردور. يقول ” ستبدأ الدراسة في الجامعة يوم 15 أيلول/ سبتمبر دون تدخلات أمنية، لكن العديد من الطلاب لن يحضروا.”

المعضلة التي تواجه التعليم العالي الليبي هي مجرد وجه واحد للمعركة بين القوات التي تتنافس على السيطرة على البلاد بعد الفراغ الذي خلفه مقتل القذافي. يمتلك الجيش الحكومي قوة عسكرية أقل بكثير من العديد من الميليشيات المتحاربة. نهشت الحرب قطاع التعليم والكثير من أوجه المجتمع المدني خلال العام الماضي.

حتى مدراء البرامج الأكاديمية التي من المتوقع أن تكون قائمة يسعون جاهدين لاستيعاب تحديات اللحظة الأخيرة.

يقول إسماعيل العكش عميد كلية الصيدلة في جامعة الزاوية، “سيعود معظم الطلاب للجامعة. المشكلة الوحيدة التي قد تواجهنا هي عدم قدرة أعضاء هيئة التدريس من طرابلس على الانضمام إلينا بسبب الاشتباكات الحاصلة على الطريق بين طرابلس والزاوية.”

أغلقت مئات المدارس الابتدائية والثانوية أيضا إلى أجل غير مسمى أو تم إعلان تأجيل الفصول حتى أواخر أيلول/ سبتمبر.

https://www.bue.edu.eg/

تقول جميلة المقطوف، التي تسكن في منطقة جواديم  الواقعة على البحر على بعد 45 كم من العاصمة الليبية وتعمل كمعلمة في مدرسة الجنوبية للبنات في مدينة الزاوية، “أغلقت معظم المدارس في منطقتنا بسبب القصف المستمر.” تضم المدرسة نحو 300 طالب تعرضوا للصدمة بشكل أو بأخر بحسب ما تقول المقطوف. “لقد سئمنا وتعبنا من سماع الانفجارات والصواريخ. لا أحد في مأمن هنا. نحن جميعا يمكن أن نموت. أذهب إلى المدرسة كل يوم، لكن أطفالي يبقون في المنزل بسبب إغلاق مدرستهم. الطرق في المنطقة فارغة تقريبا، وكأنها مدينة أشباح. لايريد زوجي مغادرة منزلنا.”

تقول نعيمة شلبي، مديرة مدرسة الجنوبية للبنات، إن التوتر الناتج عن الحرب المستمرة يتسبب في خلافات بين الموظفين. “رحب معظم المعلمين ببدء العام الدراسي على الرغم من الوضع الأمني، معتبرين قرار إدارة المدرسة بالموافقة على بدء العام الدراسي قراراً شجاعاً. لكن بعض المعلمين يعتقدون أن القرار يعني المخاطرة بحياة الأطفال.”

نزح الأطفال بسبب القتال، لكنهم في الوقت نفسه يأملون وذويهم بالالتحاق بأي مدرسة يمكن العثور عليها. ذلك أن المدارس التي تستقبل الطلاب النازحين غالباً ما تحتاج إلى ضغط الجداول الدراسية لتتضمن دروسا مسائية لبعض الأطفال.

وبحسب تقرير أصدره مسؤولو التعليم في بنغازي مؤخراً فإن 63 ألف طالب وأكثر من 8.500 معلم لن يكونوا قادرين على الالتحاق بالمدارس في مناطق الصراع. يقول سمير جرناز، المتحدث باسم وزارة التعليم، “استثنت الوزارة بعض المدارس الواقعة في مناطق غير آمنة والمدارس التي يقطنها نازحين حالياً من بدء العام الدراسي الجديد. يمكن للطلاب والمعلمين النازحين الالتحاق بأي مدرسة قريبة من مكان إقامتهم.”

ليس واضحاً ما إذا كان اللاجئون يعرفون بالقرار الأخير، وحتى لو كانوا على إطلاع على القرار فإنه ليس من المؤكد أنهم  سيعرفون بالضرورة إلى أين يذهبون.

في جودائم، بلدة شرق الزاوية، قصف المتشددون الاسلاميون مع كتائب فجر ليبيا، تحالف مجموعة ميليشيات إسلامية وأحد اللاعبين الرئيسيين في الصراع، جماعة منافسة في منطقة ورشفانة شرق الزاوية والتي تعتبر بوابة مهمة إلى طرابلس. كما استخدم مقاتلو فجر ليبيا كافتيريا مدرسة شهداء جودائم كمطبخ ميداني من دون إذن وزارة التربية والتعليم.

رتب الإداريون في المدارس التي يشغلها نازحون لنقل الطلاب والمعلمين إلى مدارس أخرى شاغرة في المساء. لكن يبدو أن هذه الجهود قد تذهب سداً.

تقول نهلة حواس، مفتشة في الزاوية، “تلقينا رسالة من وزارة التعليم لقبول الطلاب المهجرين في مدارسنا. لكن لنكون صادقين، لم نستقبل أي واحد منهم حتى الأن.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى