أخبار وتقارير

الطلاب العرب في ميزان التجارة العالمية

سان دايغو— لا يدرك الطلاب العرب أهميتهم بالنسبة للجامعات خارج المنطقة العربية. فخلال الاجتماع السنوي لهيئة المدرسين العالميين (نافسا)، تمت مناقشة وبحث واقع التنافس الشديد لجذب الطلاب الأجانب بحضور مسؤولين دوليين ووكلاء جامعات من جميع أنحاء العالم.

 تسعى العديد من المؤسسات الدولية لاجتذاب الطلاب الأجانب بهدف تحقيق التنوع في وجهات النظر التي يقدمونها. في المقابل، تبحث بعض المؤسسات أيضا عن الطلاب الذين يدفعون رسوم يمكن أن تعوض جزءاً من التكاليف المحلية.

 يشكل الطلاب الدوليون نحو 26 في المئة من مجموع الملتحقين بالتعليم العالي في أستراليا، و 19 في المئة في المملكة المتحدة و13 في المئة في كندا و 10 في المئة في نيوزيلندا، و 4 في المئة في الولايات المتحدة.

في العام الدراسي 2012-2013 ، احتضنت الولايات المتحدة  819644 طالب أجنبي في مؤسساتها التعليمية.

ومع ذلك، لا يساعد نظام التعليم العالي في الولايات المتحدة ، والذي يضم حوالي 4ألاف مؤسسة تعليمية، على احتضان نسبة مرتفعة من  الطلاب الأجانب  بحسب ما تقول كريستين أ. فاروغيا من معهد التعليم الدولي، وهي منظمة غير ربحية الولايات المتحدة تدير مجموعة واسعة من البرامج الدولية والعديد من الإحصاءات حول الطلاب الدوليين. تقول فاروغيا “لدينا القدرة على استضافة أكثر.”

 وعلى الرغم من عدم وجود أرقام عالمية موثوق بها حول العائد المالي للطلاب الأجانب، إلا أن الواقع يشير إلى كون معظم الطلاب يتلقون دعما من أسرهم، وبعضهم يحصل على منح دراسية حكومية. في الولايات المتحدة وحدها، يعتمد  84 في المئة من الطلاب الأجانب على أموالهم الخاصة أو أسرهم، وفقاً لمعهد التعليم الدولي.

 فيما يخص “التصدير”، تراجع عدد الطلاب الذين يغادرون  الهند في الآونة الأخيرة كما انخفضت قيمة الروبية، بينما ارتفع عدد الطلاب الموفدين من برنامج المنح الدراسية الحكومة السعودية. وبحسب التقديرات الرسمية، يبلغ عدد الطلاب السعوديين الذين يدرسون حاليا خارج المملكة نحو 150 ألف طالب. يرافق عادة الطالبات الذين يغادرون المملكة العربية السعودية زوج أو أخ، بسبب العادات السعودية، مما يضاعف من القيمة الاقتصادية لوجود الطلاب في  البلدان المضيفة.

 في البلدان التي تستورد الطلاب الدوليين، تندلع غالباً مناقشات بين الجامعات التي تتوق إلى جذب  المزيد من الطلاب وبين سلطات الهجرة المكلفة بإبطاء وتيرة دخول الأجانب. إذ يشكل الطلاب الأجانب عبئاً على دافعي الضرائب المحليين كما يستولون على وظائف المواطنين بحسب النظرة السلبية المعادية لوجود طلاب أجانب في بعض البلدان.

 في جلسة في اجتماع نافسا بعنوان “الأثر الاقتصادي للطلاب الأجانب”، تم البحث في مفاهيم أهمية وجود طلاب أجانب. شارك في الجلسة ممثلون من استراليا، والولايات المتحدة، وألمانيا، وجميع البلدان التي تحرص جامعاتها على استقطاب الطلاب. خلال الجلسة، حاول المشاركون إبراز الفائدة الاقتصادية والاجتماعية من وجود الطلاب في البلدان المضيفة. كما تمت مناقشة المواقف العدائية التي يواجهونها في بعض الأحيان.

 نشرت صحيفة دي تسايت الألمانية المعروفة مرة مقالاً بعنوان ” تعالوا إلى ألمانيا؟ من يدفع الفاتورة؟” مشككة بسياسات الحكومة للترحيب بالطلاب الأجانب. درس في ألمانيا 218211 طالب أجنبي  في العام الدراسي 2012-2013 . بينما تسعى البلاد لاستضافة 350 ألف طالب بحلول 2020.

ووفقا لممثل الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي، التي تعمل على تعزيز التعليم الدولي والمعروفة في ألمانيا باسم  DAAD، لا يدفع الطلاب الأجانب رسوماً لتعليمهم. لكنهم يحتاجون إلى تسديد رسوم الإيجار، وشراء الطعام، وشراء الخدمات الأخرى. وبحسب دراسة ألمانية فإن العائد السنوي للعائلات الألمانية من وراء هذه المصاريف يصل إلى  2494 يورو أو حوالي 3400 دولار أمريكي. في حين أن بقاء الطلاب بعد التخرج وتحولهم للعمل في السوق الألمانية، يسفر عن عائد سنوي بقيمة  28227 يورو، أو 38،428 دولار أمريكي،لكونهم يسهمون في نمو الاقتصاد.

تقول مريم هبيشان، رئيسة قسم DAAD ، ” نحن حقا بحاجة إلى العمالة الماهرة “. تعتقد المنظمة بالعائد الاقتصادي القادم من وراء الطلاب الأجانبـ  بحيث يرغبون بزيادة  الإنفاق على الخدمات تعليمية وغيرها من أشكال الدعم لزيادة نسبة الطلاب الأجانب القادرين على التخرج من الجامعات بدلا من التسرب. تتمنى المؤسسة أيضاً وجود قوانين تسمح للخريجين بالبقاء والانضمام للمجتمع الألماني لاحقاً.

وتضيف هبيشان أن استراتيجة المؤسسة  لا تتعمد سرقة  الطلاب من بلدانهم الأصلية، ولكنها تسهل لهم متابعة تحقيق أحلامهم. “نأمل في البقاء على اتصال مع الخريجين بغض النظر عن مكانهم.”

 تساعد بعض برامج المنح الدراسية  الطلاب على العودة إلى ديارهم، كما قالت، في حين تساعد برامج أخرى الطلاب على البقاء في ألمانيا بعد التخرج.

يختلف الوضع في استراليا، حيث غالبا ما يدفع الطلاب الدوليين رسوما أعلى من الطلاب المحليين. تعتبر خدمات التعليم رابع أكبر صادرات أستراليا، بعد خام الحديد والفحم، والذهب. في عام 2012، حققت خدمات التعليم 12 مليار دولار من العائدات، النسبة الأكبر منها تعود للتعليم العالي. شكلت الرسوم الدراسية للطلاب الاجانب 33 في المئة من من ميزانية جامعة كبيرة في نيو ساوث ويلز، حالة استثنائية بالمقارنة مع معظم الجامعات الأسترالية، وذلك وفقا لبيانات قدمت في اجتماع هيئة المدرسين العالميين (نافسا).

 في أستراليا، ولد نحو ربع القوى العاملة في الخارج.

قالت كيلي رالستون، من  استراليا التعليم الدولي إن الطلاب الأجانب بمثابة ” مهاجرين مثاليين.” إذ يتناغم  الطلاب  مع الاقتصاد الاسترالي، بحسب رأيها، لأنهم يتلقون تعليمهم في النظام الأسترالي، ويتكيفون مع الحساسيات الثقافية الأسترالية، وغالبا ما يكتسبون المهارات التي يحتاجها الاقتصاد الاسترالي. ( لا تتوافق وجهة النظر هذه مع وجهة نظر سلطات الهجرة الاسترالية والجمهور الاسترالي. إذ تحول الكثير من الرأي العام الأسترالي ضد المهاجرين والطلاب الدوليين.)

في الولايات المتحدة، بدأ الأساتذة الدوليون والاقتصاديون العمل على قياس الأثار الاقتصادية لوجود الطلاب الأجانب. ووجدت الدراسة التي أجرتها هيئة المدرسين العالميين (نافسا)  أن الطلاب الأجانب قدموا دعماً بقيمة 313 ألف دولار أمريكي. وتقدم الأداة التي ابتكرتها نافسا لقياس القيمة الاقتصادية للطلاب الأجانب إجابات مفصلة على الأسئلة حول العائد من وراء وجود طلاب أجانب في الولايات المتحدة.

 بالطبع، يقدم التنافس على الطلاب وقياس أثرهم الاقتصادي الدولي قليلاً من الراحة للطلاب العربفي ظل غياب التمويل وعدم قدرتهم في بعض الأحيان على تلبية متطلبات القبول التي تختلف من بلد لأخر.

ففي العراق، يواجه الطلاب صعوبة كبيرة في الوصول الى مراكز اختبارات اللغة لإثبات إجادتهم للغة الإنجليزية. كما أن التعليم هو حلم بعيد المنال بالنسبة للسوريين في مخيمات اللاجئين دون أوراق رسمية تثبت إنجازاتهم التعليمية الماضية أو وضعهم القانوني.

تعمل بعض المنظمات الدولية لتلبية هذه الاحتياجات، لكن حجم هذه الجهود مخيب مقارنة مع الطاقة المخصصة لجذب الطلاب الأجانب القادرين على تمويل دراستهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى