أخبار وتقارير

المرأة اليمنية ونضال مستمر من أجل التعليم

صنعاء، اليمن— على الرغم من حصولها على منحة حكومية لاستكمال دراستها العليا في بريطانيا، إلا أن وهيبة فارع فضلت الالتحاق بجامعة مصرية. 

تقول فارع، التي أسست أول جامعة خاصة في اليمن،”كان لدي طفل وزوج. لا يمكنني الابتعاد عنهم. لذا اخترت القاهرة لكونها قريبة من بلدي ويمكنني زيارة أسرتي أسبوعياً.”

تُظهر قصة فارع الصعوبات التي تواجه المرأة اليمينة في رحلتها التعليمية. تمتلك بعض السيدات فرصة الدراسة في الجامعات سواء في اليمن أو بعض دول الخليج العربي. لكن هذه الفئة المحظوظة من السيدات عليهن العمل لاحقاً في مجتمع يسيطر عليه الرجال الذين بدورهم يعيقون استفادة البلاد من تعليم المرأة. 

تقول فارع، والتي كانت أول إمرأة تشغل منصب وزيرة في الحكومة اليمنية عام 2001 عن حقيبة حقوق الإنسان، “الحصول على شهادة جامعية ليس بالأمر الهين في اليمن، عائلات النخبة فقط هي التي ترسل بناتها للمدارس والجامعات.” 

يدرس في الجامعات اليمينة نحو 15 ألف إمرأة مقارنة بـ60 ألف من الرجال بحسب ما تقول ذكرى مطهر مدير عام البحث العلمي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. بينما تبلغ نسبة الخريجات في البلاد حوالي 11 في المئة فقط.

يعتبر هذا التفاوت من بين أعلى المعدلات في العالم، وفقا لتقرير التنمية البشرية العربية للأمم المتحدة لعام 2010. وبحسب التقرير، فإن التعريف الضيق لأدوار الجنسين، والزواج المبكر والتمييز بين الجنسين يسهموا جميعاً في هذا التفاوت.

تقول مطهر ” نعيش في مجتمع ذكوري. لم تحصل المرأة اليمنية على كامل حقوقهاـ إذ ما زالت تعاني من القيود الاجتماعية.”

https://www.bue.edu.eg/

تبدو الأرقام محبطة، ولكن إلى درجة معينة، فإنه من اللافت للنظر أن اليمنيات مازلن يتعلمن. احتلت اليمن باستمرار مراكز متدنية في التصنيفات الدولية لحقوق المرأة. إذ يلتحق نصف عدد الإناث في اليمن فقط بالمدرسة الابتدائية، بينما اثنتين من كل ثلاث نساء في البلاد يعتبرن أميات، وفقا لإحصاءات اليونيسف. كما اعتبر تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي للفجوة بين الجنسين اليمن كأحد أسوأ البلدان التي يمكن للمرأة أن تعيش فيها ضمن 136 بلد شمله التقرير.

يلعب الاقتصادي اليمني الضعيف دوراً سلبياً أيضاً. فمع  متوسط الدخل يبلغ نحو 2500 دولار أمريكي سنويا، لاتحرص  معظم الأسر اليمنية  كثيراً على الإنفاق لتعليم أبنائهم.

تقول مطهر ” تفضل معظم الأسر اليمنية التي تمتلك بعض المال تعليم أبنائها الذكور، وليس الإناث.” بالإضافة إلى ذلك، فإن القيود الاجتماعية تمنع سفر المرأة لوحدها لاستكمال تعليمها في مدن أخرى داخل أو خارج اليمن.

كما يلعب الوضع المادي دوراً أيضاً في اختيار نوعية الدراسة بالنسبة للكثير من الطالبات. تقول مطهر “تميل الفتيات بصفة عامة إلى التخصصات الإنسانية لأنها أقل تكلفة ولا تتطلب التزاما بالحضور.”

من جهة أخرى، يتسبب ضعف تعليم الفتيات في المرحلة الابتدائية والثانوية إلى تراجع عدد الملتحقات بالتعليم العالي لاحقاً. إذ ترفض الكثير من الأسر اليمينة إرسال بناتهن للتعليم في مدارس يوجد بعا معلمون ذكور ل خاصة وأنه لايوجد عدد كاف من المعلمات الإناث. وبحسب إحصاءات وزارة التعليم اليمينة، يبلغ عدد المعلمات في التعليم الابتدائي والثانوي 28 في المئة فقط.

يقول مجدي عقلان، نائب رئيس جامعة صنعاء للدراسات العليا أكبر مؤسسة تعليمية حكومية في البلاد، ” لا يمكننا تجاهل دور الفقر والإهمال في نسب الأمية المرتفعة.”

ومع إدراكها لضعف عدد الفتيات الملتحقات بالتعليم الابتدائي والثانوي، بدأت وزارة التربية والتعليم اليمنية حملة لزيادة معدل التحاق الإناث بالتعليم، بهدف إيجاد المقاعد الدراسية لـ95 في المئة من الفتيات اليمنيات بحلول عام 2015. بينما تحتاج الوزارة لنحو 4500 معلمة لتنفيذ برنامجها بحسب تقديراتها. 

في الواقع، حقق معدل التحاق الطالبات بالمدارس الابتدائية ارتفاعاً ملحوظاً. إذ ارتفع المعدل من 33 في المئة عام 2001 إلى 53 في المئة في عام 2011 بحسب إحصاءات الوزارة.

وبحسب التصنيف الذي صدر مؤخراً حول عدد طلاب المدارس في اليمن، تهمين الفتيات على قسم الأداب، في حين تدرس ثلثي الطالبات العلوم واللغة الإنجليزية. ويبلغ عدد الطالبات نحو 35 في المئة من إجمالي عددالطلاب في المدارس الثانوية.

 لكن بعض المراقبين يعتقدون بصعوبة تنفيذ استراتيجية تعزيز تعليم الإناث في اليمن. إذ قالت اليونسكو في تقريرها السنوي لعام 2012 إن اليمن لن يحقق المساواة بين الجنسين في فرص التعليم حتى بعد عام 2025.

مع ذلك، يوجد اليوم نماذج عديدة ناجحة للمرأة اليمنية.

ففي عام 2011، كانت الصحفية اليمنية والناشطة توكل كرمان أول إمرأة عربية تحصل على جائزة نوبل للسلام في مجال حقوق الإنسان. كما نالت أميرة الشريف، مصورة فوتغرافية ولدت في المملكة العربية السعودية ونشأت في اليمن، اهتماماً دولياً لعملها مع اليونيسف ومنظمة أوكسفام الدولية.

تقول مريم الجوفي، نائب رئيس مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي والتنمية الدولية التابع لجامعة صنعاء، “يجب أن تمتلك المرأة اليمنية إرادة حديدية لتكمل دراستها.”

عُينت الجوفي كمعيدة بعد تخرجها من الجامعة وحصولها على المركز الأول في كلية الشريعة. وبحسب ما تقول الجوفي، فإنه يتوجب على اليمن تطوير نظامه التعليمي ليشمل المزيد من الإناث في حال أراد الاستفادة حقاً اجتماعياً واقتصادياً من مجتمع القرن 21. تقول ” نحن في مرحلة انتقالية حيث لم يعد ممكناً أن تبقى المراة في الصفوف الخلفية، يجب أن يشمل التغيير المرأة. وإلا لن يكون هنالك تغيير.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى