أخبار وتقارير

مراكز التوظيف خطوة للتخفيف من بطالة الشباب

القاهرة- في الوقت الذي تعاني فيه بعض الدول من مصر إلى تونس والعراق من ارتفاع معدلات البطالة والزيادة السكانية من الشباب والاضطرابات السياسية التي تؤججها المشكلات الاقتصادية، بدأت بعض الجامعات في اعتماد منهج غربي يتمثل في إنشاء مراكز التوظيف. تنمو هذه المراكز سريعاً في مختلف أنحاء المنطقة العربية غالبًا من خلال الدعم أو التأثير الخارجي.

تقول شيماء عادل، التي ترأس مركزًا جديدًا للتوظيف في جامعة قناة السويس، “في مصر، لا يتعلم الطلاب كيفية التخطيط لمستقبلهم المهني أو البحث عن وظيفة؛ حيث ينقصهم بعض المهارات الهامة التي يبحث عنها أصحاب العمل. لهذا السبب لا يجدون فرصًا للعمل. ومن ثم، نحن نعلمهم كيفية التخطيط لمستقبلهم وتحديد اهتماماتهم بعيدًا عن خلفياتهم التعليمية.”

وتضيف شيماء “لا يصدق الطلاب أنه بإمكانهم المجيء إلى المكتب والحصول على بعض الخدمات مجانًا، وتعلم المزيد عن فرص العمل، وكيفية الربط بين خلفياتهم التعليمية واهتماماتهم واحتياجات سوق العمل الفعلية.”

بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أسس مركز توظيف جامعة السويس وبدعم من الجامعة الأمريكية في القاهرة والتي يوجد بها هذا النوع من المراكز منذ عشرين عامًا، ولكنها قررت التوسع في ثلاث جامعات مصرية حكومية. ففي عام 2010، تم إنشاء مراكز التوظيف والتطوير المهني في ثلاث جامعات، وهي: جامعة عين شمس في القاهرة، وجامعة قناة السويس في الإسماعيلية، وجامعة أسيوط في صعيد مصر، بهدف مساعدة الشباب المصريين على تحديد أهدافهم المهنية وتطوير جيل من الخريجين وتزويدهم بالمهارات اللازمة لسوق العمل.

بدورها، قالت مها جنيدي، المدير التنفيذي لمركز التوظيف بالجامعة الأمريكية بالقاهرة “يتوقف الطلاب ويفكرون جديًا: ما هو الشيء الذي أرغب في عمله؟ ما هي اهتماماتي؟ وما هو نوع الوظيفة التي تتناسب واهتماماتي الشخصية ومهاراتي؟ فالأمر لا يقتصر على مجرد إيجاد فرصة عمل. وإنما يتعلق بالمستقبل المهني الذي يريده الطالب لنفسه.”

وكما أوضحت جنيدي تركز هذه المراكز أيضًا على مهارات التواصل والتقديم، وإجراء مقابلات العمل، وكتابة السير الذاتية. كما تسعى لتضييق الفجوة بين احتياجات سوق العمل ومؤهلات الخريجين.

وفقًا لتقارير البنك الدولي، أكثر من 75 في المئة من العاطلين عن العمل في مصر تتراوح أعمارهم ما بين 15 إلى 29 عامًا. إذ يشكو خريجو الجامعات المزدحمة من صعوبة الحصول على فرص عمل، بينما يعاني أصحاب العمل لإيجاد خريجين يتمتعون بالمهارات الأساسية، مثل مهارات التواصل والعمل في فريق، وهي المهارات التي تجعلهم أكثر قدرة على العمل والإنتاج، كما يقول الخبراء.

https://www.bue.edu.eg/

في بلدان العالم العربي، لا يوجد ربط كافي بين الجامعات والقطاع الخاص، على الرغم من أهمية هذه العلاقة لتعزيز فرص التوظيف، على حد قولهم.

وعلى الرغم من أن مراكز التوظيف في الجامعات المصرية الحكومية قد أُسست مؤخرًا، ولكن يبدو أنها قد بدأت في إحداث تأثير حقيقي. ففي جامعة قناة السويس، على سبيل المثال، حصل مئات الطلاب على التدريب، كما قالت عادل، بالإضافة إلى خدمات الإرشاد والتوجيه حول مهارات الاتصال وكيفية تحديد اهتماماتهم وفهم شخصياتهم بشكل أوضح، مما يساعدهم على تخطيط مستقبلهم المهني بصورة أفضل. وأضافت أن حوالي 150 طالبًا قد حصلوا بالفعل على خدمات الإرشاد والتوجيه حول مستقبلهم المهني، كما يحصل الطلاب أيضًا على نشرات للتوظيف ويتعرفون على فرص التدريب. من ناحية أخرى، يمكن لأصحاب العمل الاتصال بالخريجين بصورة أسهل وأيسر.

حول هذه التجربة، يقول محمود علاء، 22 عامًا، والطالب في الصيدلة الإكلينيكية في جامعة قناة السويس “كانت مبادرة عظيمة وخصوصًا بعد الثورة، فإن توفير الدعم والتركيز الدراسي للطلاب في بيئة يزيد فيها الاستقطاب السياسي وجذب الكثير من الطلاب إلى التظاهرات الجامعية يعتبر أمرًا في غاية الأهمية. كما يساعد المركز الطلاب على التخطيط بشكل أفضل لمستقبلهم المهني والتعرف على الفرص المختلفة المتاحة أمامهم، مثل المنح الدراسية والمؤتمرات.” وأضاف “إذا نجح الطلاب في الحصول على التوجيه السليم فيما يخص مستقبلهم المهني، فإن ذلك بالضرورة سيساعد مصر على النهوض مرة أخرى.”

في تونس، تسبب ارتفاع معدلات البطالة في إشعال ثورة 2011 التي أطاحت بزين العابدين بن علي. إلا أن المشكلة لك تحل بعد، حيث مازال أكثر من 15 في المئة من السكان يعانون من البطالة حتى نهاية العام الماضي، بحسب تصريح المعهد الوطني للإحصائيات. ويواجه أكثر من 50 في المئة من خريجي الجامعات التونسية مشكلة البطالة، بحسب تقرير”بطالة الشباب في تونس: الخصائص وسياسة الحلول” الصادر في 2012.

استجابةً للثورة التونسية، دعمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تأسيس ستة مراكز للتوظيف في تونس بهدف مساعدة الطلاب على تخطي المرحلة الانتقالية الصعبة إلى العالم المهني في تونس ما بعد الثورة، كما جاء في تقرير صدر عن الوكالة في أيلول/ سبتمبر 2013. جاء في التقرير “… سيقدم كل مركز بعض الأفكار التي تساعد الطلاب على إيجاد فرص العمل، ويوفر لهم النصح والإرشاد فيما يخص تخطيط المنهج الدراسي، بالإضافة إلى التدريب على كتابة السير الذاتية ودعم الطلاب في الحصول على فرص للعمل والتدريب.”

ويتعاون المركز البريطاني مع وزارة التعليم العالي في تونس لتأسيس المزيد من مراكز التوظيف والتي يمكن أن تبدأ عملها في أيلول/ سبتمبر، كما قالت سناء عجمي مديرة المشروع بالتعاون مع المركز.

“لا تتعارض احتياجات سوق العمل مع الدراسة الأكاديمية، ولكننا نأمل أنه بمساعدة هذه المراكز سنتمكن من تضييق هذه الفجوة، وتزويد الطلاب بالمعلومات والمهارات اللازمة للدخول في سوق العمل.”

يرأس ماجد هارتشي مركزًا للتوظيف في جامعة تونس المنار، والذي تم إنشاؤه العام الماضي بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. يقول هارتشي إن المركز ينظم ورش عمل، مثل ورشة العمل بعنوان “إيجاد وظيفة يعتبر في حد ذاته وظيفة.”

وأضاف عبر البريد الإلكتروني “لا تكمن المشكلة في تأسيس مراكز للتوظيف في تونس لأن اللوجستيات والموارد البشرية متوفرة، ولكن الصعوبة الوحيدة هي إيمان الشباب بهذه المراكز وأهدافها.”

في العراق، يقضي خريجو الجامعات حوالي عامين على الأغلب للعثور على وظيفة، وفي المتوسط يحتاج أصحاب العمل تسعة أشهر لتدريب الموظفين الجدد على المهارات التي يحتاجونها في العمل، بحسب تصريح كيرستين بوهيم، مسئول أول للتطوير في إريكس IREX، وهي مجموعة غير ربحية للبحث والتطوير مقرها الولايات المتحدة الأمريكية.

وللمساعدة في إيجاد حل لهذه المشكلات، عملت إريكس مع إداريين وأعضاء هيئة التدريس في ثلاث جامعات عامة في العراق لتأسيس أول مراكز للتوظيف في الجامعات الحكومية. بدأت المراكز عملها في عام 2011 من خلال برنامج الربط بين الجامعات، والذي يتم تمويله من قبل السفارة الأمريكية في بغداد. وتقدم المراكز ورش عمل حول التطوير المهني للعاملين، وورش عمل حول فرص العمل المهنية للطلاب، ومعارض للتوظيف، والتي نجح من خلالها بعض الطلاب في الحصول على فرص عمل.

والآن تأمل إريكس في تأسيس مراكز للتوظيف في المغرب، وهو الجهد الذي لا يخلو من التحديات.

يعتمد نجاح مراكز التوظيف الحالية في المغرب، والموجودة على الأغلب في الجامعات الخاصة، بشكل كبير على من يرأسها، كما تقول باربرا بيستش، مديرة برنامج التبادل المهني للخريجين في جامعة ميتشيجن، والتي عملت في برامج تدريب الشباب في المغرب. تقول “تمثل هذه المراكز منهجًا أجنبيًا، فإذا لم يكن الشخص الذي يرأس المكان يفهم جيدًا الدور الذي يقوم به وأهميته، فلن ينجح العمل.”

وأضافت بوهيم أن الجامعات العامة في المغرب مزدحمة للغاية وتواجه مشكلات الميزانية المحدودة، مما يحد من دعمها لبرامج مراكز التوظيف.

على الرغم من ذلك، فإن البعض مثل هارتشي في تونس، يعتقد بضرورة وجود مركز للتوظيف في كل جامعة لحل مشكلة البطالة المتفاقمة. يقول “إذا أدرك كل شخص أهمية مراكز التوظيف وقيمة الدور الذي تقوم به، وإسهامها الحقيقي في توظيف الشباب، سنرى الكثير من المراكز في الجامعات التونسية.”

تقول آية فتح الله، طالبة دكتوراه في قسم الهندسة الكهربائية في جامعة تونس المنار، إن المركز قد ساعدها في تحسين مهاراتها المهنية بما في ذلك إجراء مقابلات العمل وكتابة السيرة الذاتية. ولكن الأمر سيستغرق المزيد من الوقت حتى يفهم الطلاب دور المركز والغرض من إنشائه. “إنها تجربة جديدة في جامعاتنا، ولذا فإننا نحتاج إلى المزيد من الوقت لفهم طبيعة الإجراءات، ولكن في النهاية هو موضوع ومشروع هام.”

Countries

تعليق واحد

  1. في العراق يطبق برنامج فرص …..وهو برنامج يقوم باعطاء اكثر من 10 الالاف فرصة عمل للعاطلين عن العمل
    وهو يقوم ايضا بايصال فكرةاو فتح طريق لكل العاطلين عن العمل بطريقة جيدة لكتابة c.v والاخذ بيد العاطلين عن العمل لاخذ دورهم فب التعيين في احدى الشركات النفطية او غيرها من الموسسات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى