مقالات رأي

أهمية شبكات الإعلام الاجتماعي في دعم الأكاديميين الشباب

في بلدي، أعتبر واحدة من أصحاب الامتيازات: فأنا أتقن الإنجليزية، ودرست في مؤسسات غربية، وحصلت على شهادة الدكتوراه من المملكة المتحدة كما أنني عضو هيئة تدريس في مؤسسة تعليمية رائدة في بلدي. أنا أنتمي أيضاً  إلى الطبقة المتوسطة العليا وإلى ديانة الأغلبية من أهل بلدي. لدي علاقات متميزة مع زملائي. كما أنني سافرت كثيراً للسياحة والمؤتمرات وعشت في عدة بلدان مختلفة.

لكن في الوسط الأكاديمي العالمي، أنا أقل تميزاً. فأنا من مصر (دول الجنوب)، وأنا إمرأة لديها مسؤوليات والتزامات تجاه عائلتها مما يعني صعوبة السفر لحضور مؤتمرات خارجية. حصلت على درجة الدكتوراه من خلال الدراسة عن بعد ومع عدد قليل من الزيارات إلى شيفيلد، لذلك لم يكن لدي فرصة للتواصل مع الأكاديميين الآخرين بسهولة.

على المستوى الشخصي، أعتقد أنني متميزة لامتلاكي أهم وسيلة تواصل لشخص في مثل ظروفي، في مطلع عمره المهني الأكاديمي ويواجه قيوداً جغرافية، فأنا متواجدة على شبكات الاعلام الاجتماعية.

إذ أنني، وللمرة الأولى في حياتي، أشارك في مؤتمر أعرف فيه بشكل مسبق عدد جيد من المشاركين بفضل الدورات الالكترونية المفتوحة ذات الالتحاق الهائل (موكس) وتويتر. كما أنني كنت قد سمعت عن البعض الآخر. أتحدث عن et4online# ، مؤتمر Sloan-C/MERLOT والذي عُقد في دالاس مؤخراً وشاركت به “افتراضياً” عبر شبكة الانترنت.

اعتدت حضور المؤتمر الإقليمي إدكوس في هيوستن عندما كنت أعيش هناك. لكنني مع ذلك لم أتمكن من التعرف على أحد أو بناء أي علاقات حقيقية. هذه المرة، رغبت بالحضور شخصياً. ولكن وكما غرد أحد أصدقائي، فإن حضوري الإلكتروني “الافتراضي” لم يكن افتراضياً بسبب تفاعلي الكبير عبر منصات الاعلام الاجتماعية.

ولكن كيف تمكنت وسائل الاعلام الاجتماعي من مساعدتي أيضا؟ من خلال تويتر، أتواصل مع أسماء كبيرة في مجال عملي لم أكن لأتخيل يوماً أنني سأتمكن من الحديث معها. كما يمكنني بسبب نشاطي على شبكات الإعلام الاجتماعي التواصل معهم كما لو كنا أصدقاء. يتوجب علي الاعتراف أيضاً، أن تويتر ( مع بعض الرسائل الالكترونية مع أشخاص أعرفهم) قد ساعداني في إنجاز المراحل الاخيرة من أطروحة الدكتوراة الخاصة بي وأيضاً الدفاع عنها.

الأهم من ذلك، أنني تمكنت من إنشاء علاقات مهمة مع الناس على الانترنت (مع العديد من المشاركين في دورة rhizo14# على شبكة الانترنت والتي تحولت إلى مجتمع مفتوح للتواصل). التقيت أيضا بالكثيرين من خلال وسائل مختلفة وتعاونت بالفعل مرتين لكتابة ثلاثة مقالات أكاديمية مع أشخاص لم ألتق بهم سابقاً.

اليوم، بإمكاني التعرف إلى أناس جدد، من دون الحاجة لترك طفلتي الصغيرة والسفر للقائهم. أستطيع اصطحابهم معي في كل مكان (على الايباد والهاتف المحمول وأجهزة الكمبيوتر المحمولة) من دون الحاجة للانتظار لفترة محددة للوصول إليهم. لدي أصدقاء كثر ذوي اهتمامات مشتركة ويمكنني إجراء محادثة فكرية عميقة معهم في أي وقت. لكي نكون منصفين، كنت أقوم بذلك سابقاً، إلا أن شبكة علاقاتي نمت بفضل موكس وتويتر.

أعتقد أنه في بعض الأحيان ساهم اختلافي – كامرأة مسلمة تعيش في مصر- في جذب الأنظار نحوي وحصولي على صداقات جديدة. أتفهم فضول الناس. ولكنني أعتقد أنهم يتواصلون معي لسبب أكثر جوهرية من ذلك.

على سبيل المثال، تابعت جيم غروم ( محاضر تقني في جامعة ماري واشنطن والمتحدث الرئيسي في مؤتمر et4online#) على تويتر وأرسلت له تغريدة بأنني متلهفة لحضور الجلستين اللتين يعتزم تقديمهما في المؤتمر. لينتهي الأمر بتعاوني معه في المؤتمر، حيث كانت النتائج مذهلة  إذ أصبحت جزءاً من الورشة. كما أطلق على مدونته اسم ” دعوة مصر- أو لماذا القواعد المفتوحة“.

لقد تمكنت من الكتابة والتغريد كثيراً خلال المؤتمر مما زودني بالكثير من المعارف والخبرات. كان التشبيك أهم مافي المؤتمر. لقد اعتقدت أن حضوري الافتراضي قد يتسبب في فقداني لبعض التفاصيل. ولكنني وعلى العكس فقد تمكنت من إجراء نقاشات جانبية خلال العديد من الجلسات ( لا يمكنك القيام بها بسهولة في الواقع). كما قمت بإضافة الكثير من الناس على تويتر وتوسيع PLN (شبكة التعلم الشخصية).

سابقاً، حضرت العديد من المؤتمرات بشكل فعلي لكنني فقدت التواصل مع معظم من التقيتهم تقريباً. كان تبادل رسائل البريد الإلكتروني قد يضمن استمرار التواصل مع شخصين لا أكثر على أحسن تقدير. هذه المرة، مع تويتر، لا أعتقد أنني سأفقد التواصل تماما. بطبيعة الحال، يمكنك تبادل السلامات في اللقاءات المباشرة تماما كما تفعل مع تويتر.

بالطبع حدثت بعض الأمور التي أفسدت بعضاً من استمتاعي بحضور المؤتمر إلكترونياً، كانقطاع التيار الكهربائي المستمر في مصر هذه الفترة وبطئ شبكة الانترنت. لحسن حظي، فإن انقطاعات التيار الكهربائي كانت في حدها الأدنى خلال فترة انعقاد المؤتمر. كما أن البرمجيات المستخدمة للبث الإلكتروني تسببت في مشكلات شكلية بسيطة فقط ( كظهور مربع الدردشة أعلى رأس المتحدث) من دون حدوث انقطاعات في عرض الفيديو.

بالطبع، لاتمتلك كل تجربة تعلم إلكترونية نفس القيمة. إذ تحتاج لأن تكون مناسبة لمهنتك وظروفك الاستثنائية في هذه الفترة. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست حلاً سحرياً بدون أخطار. إن تبني وسائل الإعلام الاجتماعي تجعل كل ما يكتبه المرء متاحاً للجمهور بدون أي عازل أو مراجعة وهي خطوة قد لايرغب بعض الأكاديميين باتباعها. هنالك الكثيرين من الشخصيات المثيرة للاهتمام التي لا تستخدم وسائل الاعلام الاجتماعي وبالتالي أفتقد لفرص التواصل معهم. لكن الأشخاص الموجودين على شبكات الإعلام الاجتماعي فإن تفاعلي معهم غير حياتي حقاً.

* مها بالي: أستاذة مشاركة في مركز التعليم والتدريس في الجامعة الأميركية في القاهرة، وعضو هيئة تدريس مساعد في كلية الدراسات العليا في التربية والتعليم. حصلت بالي على درجة الدكتوراه في التربية من جامعة شيفيلد، المملكة المتحدة. يمكنكم متابعة مها على تويتر: bali_maha@

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى