نصائح ومصادر

نصائح للتغلب على ” تعثر الكتابة”

يرجع تعثر الكاتب غالبًا إلى مشكلات عديدة، ولكن تلك المشكلات يمكن حلها. ذلك أن أكثر الأسباب شيوعًا لتعثر الكاتب لا تتعلق بالكتابة على الإطلاق وإنما غالباً بسوء التخطيط.

وقد يعني ذلك التعثر أن الكاتب لم يجري البحث الكافي حول الموضوع أو أنه قد بحث في هذا الموضوع أكثر من اللازم.

عندما لا يجري الشخص البحث الكافي حول موضوع ما، سواءً أكان أستاذًا جامعيًا أو طالبًا، فإنه يواجه مشكلة عندما يحاول الإسهاب في الكتابة باستخدام المادة القليلة التي حصل عليها من خلال هذا البحث الضعيف. يحاول الشخص الكتابة ويجد صعوبة شديدة في البداية وعند التفكير في كيفية الوصول لنهاية المقال.

مع الوصول لنصف المقال تقريبًا، يدرك الشخص أن المادة قد نفدت ويشعر بعدم القدرة على استكمال الكتابة. فلم يبقى لديه أية حقائق لتدعم الموضوع ناهيك عن ختامه.

ولكن الكثير من الكُتاب لا يرى هذه الحقيقة ولا يرجع هذا إلى نقص المادة البحثية، وإنما يعزو ذلك إلى ما يسمى بـ “تعثر الكاتب”.

ويحدث نفس السيناريو عندما يجري الشخص بحثًا مطولاً عن الموضوع ولا يعرف من أين يبدأ. وبدلاً من البدء في الكتابة، يحاول الشخص تذكر المادة التي جمعها وترتيبها. وقد يكون الكثير مما جمعه الشخص لا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالموضوع. فإذا لم يركز الكاتب على البحث في المادة التي تتعلق بالموضوع، سيضيع الكثير من الوقت في البحث في رفوف المكتبات أو تصفح روابط الإنترنت بدلاً من استغلال الوقت في الكتابة. وفي النهاية لا يلوم الكاتب نفسه على الوقت الضائع في إجراء بحث لا يتعلق بالموضوع أو بسبب سوء التنظيم، ولكنه يرى أن ذلك كله يرجع لما يسمى “تعثر الكاتب”.

أعتقد أنه يمكن بالفعل التخلص من مشكلة “تعثر الكاتب”، وفيما يلي بعض المقترحات لعمل التخطيط اللازم:

اختر الموضوع والمنهج الذي ستتبعه جيدًا: إن اختيار موضوع عام وشامل سيُصعب مهمة الكاتب، وعلى العكس فإن اختيار موضوع محدود سيضيق على الكاتب. ينبغي على الطلاب مراجعة أساتذتهم عند اختيار أحد الموضوعات أو إجراء بحث مبدئي للتأكد من وجود مادة كافية لتغطية المقال أو الورقة العلمية المراد كتابتها. كما يجب على الكاتب التفكير في الوقت المتاح له لإجراء البحث فلن يكن عنده الوقت الكافي لتغطية تاريخ العالم في شهر مثلاً!

وينطبق نفس الشيء على الأساتذة: ينبغي أولاً مراجعة الموارد المتاحة للبحث في موضوعات محددة، والتفكير في المراحل النهائية باستخدام المواد التي تم جمعها والنتائج المختلفة التي يمكن الحصول عليها استنادًا إلى ما تم جمعه من موارد. فإذا حاول باحث اجتماعي يجري استبيانًا أن يثبت أو يفند فرضية محددة، فقد يحصل على نتيجة سلبية يصعُب كتابتها ونشرها. ولكن إذا اختار الباحث موضوع أشمل، ستمكن من الكتابة حول مختلف النتائج التي تظهر.

تخيل شكل المقال أثناء عملية البحث: باعتباري صحفيًا، عندما أكون في الخارج أجري مقابلات مع أشخاص وأجمع مادة، أبدأ بالفعل في تجميع المقال في ذهني. وأثناء استماعي لحديث الناس أو قراءة أية مادة متعلقة بالموضوع، أفكر كيف أبدأ الموضوع بداية جيدة وكيف اختتمه؟ وما هو الموجز الذي سأستهل به القصة. وتسمى هذه الفقرات في عالم الصحافة باسم “موجز التقرير”؛ حيث توجز كل ما هو شيق وهام في كلمات قليلة.

وينبغي على كل الكُتاب بما فيهم الأساتذة الجامعيون استهلال كتاباتهم بجزء يوضح أهمية الموضوع ليجذبوا القراء لاستكمال القراءة حتى نهاية المقال. وعند جمع المادة، يجب أن يبحث الكاتب عن الإحصائيات والاقتباسات وغيرها من المواد الشيقة التي تصلح كموجز يستهل به الموضوع. وتساعد هذه الفقرات الموجزة الكاتب نفسه في فهم أفكاره وكتابتها بسهولة أكثر.

هل تكتب بالترتيب؟ توقف وابدأ حيثما شئت. بعد الانتهاء من البحث، تبدأ عملية الكتابة. سمعت من بعض الكُتاب أنهم لا ينتقلون إلى الجملة الثانية قبل الانتهاء من ضبط الجملة الأولى وتنقيحها ويكتب الثالثة بعد الثانية وهكذا. وهذا يبدو لي مؤلمًا للغاية.

ينبغي علي هؤلاء الذين يجدون صعوبة في بداية الكتابة أن يفكروا في كل الأجزاء التي يريدون تغطيتها في الموضوع. ويجب أن يبدأوا بالجزء الأسهل حتى وإن لم يكن هذا الجزء في بداية الموضوع. ويمكنهم فيما بعد استخدام العناوين الجانبية أو الخطوط العريضة لجمع أجزاء المقال وترتيبها.

اترك نقطة أو فكرة تبدأ عندها بعد التوقف عن الكتابة. لست أول من يقترح ذلك، ولكنه أمر جدير بالتذكر. عند أخذ استراحة من الكتابة، يُنصح بترك ملحوظة حول القسم التالي الذي ترغب في كتابته أو مراجعته. يمكن اختيار كلمة مفتاحية أو عبارة لتذكيرك بما كنت تنوي كتابته. سيعني ذلك أنه بمجرد عودتك للكتابة ستتمكن من استئناف ما توقفت عنده دون الحاجة إلى التحديق لوقت طويل في ورقة بيضاء أو في شاشة الكمبيوتر.

لحسن حظي لم أتعرض كثيرًا لما يسمى بتعثر الكُتاب في حياتي. ولكنني أعتقد أن السبب وراء ذلك هو ما أسميه “الكتابة في ذهني”، حتى عندما أكون بعيدًا عن أوراقي أو جهاز الكمبيوتر، أفكر في ما أريد كتابته وكيفية كتابته. وأدون أفكاري مما يساعدني كثيرًا عند البدء في كتابة الموضوع.

يخاف الكثير من الناس من الكتابة، حيث يعتقدون أنها عمل سحري، ولكن يُفضل النظر للكتابة على أنها عمل يجب أن يُنجز، أو ترتيب ذهني للأفكار، أو بناء كلمة فوق الأخرى. وتُخرج هذه العملية في النهاية عبارات جميلة وتشبيهات مبتكرة ومقالات قوية ومتجانسة. ولكن ذلك كله يأتي بالممارسة ولهؤلاء الذي يلتزمون بالتخطيط أولاً ثم الكتابة.

ديفيد ويلر، محرر الفنار للإعلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى