مقالات رأي

خطوة متقدمة جديدة نحو ” موكس” العربي

تم تحرير وتحديث هذا المقال الذي سبق ونشر على مدونة مها بالي.

قضيت بضعة أيام مليئة بالنشاط والإلهام خلال الزيارة التي قام بها صناع إدارك أول منصة الكترونية عربية للمساقات الجماعية “MOOCs” غير الربحية للجامعة الأميركية في القاهرة.

وكان قد سبق لي وأن تواصلت مع القائمين على هذه المبادرة الكترونياً، بعدما قرأوا مقالاً كنت قد كتبته عن “موكس”. كتبت حينها أن ” موكس” تعتبر أداة متطورة على مستوى الانفتاح والوصول، إلا أنها غير موائمة لكل الدول لكونها:

1. موجهة فقط للمتحدثين باللغة الانجليزية.

2. تزيد من (هيمنة) المعرفة الغربية.

3. تشكل امتيازاً للأشخاص القادرين فقط على الوصول إلى الانترنت بسهولة سواء بسبب مهاراتهم الشخصية أو تمكنهم من الحصول على الخدمة بشكل جيد.

ولكن ومع إطلاق منصة “إدراك” نحن في طريقنا لحل مشكلتين اثنتين،على الأقل في العالم العربي. أولاً، سيتم تقديم دورات ” موكس” باللغة العربية. كما سيتم تقديم المعرفة من العالم العربي لتصبح متاحة أمام العالم بأسره. لقد كانا يومين مليئين بالنشاط والطاقة.

لا تقدم دورات “موكس” الغربية الحالية ثقافات متعددة أيضاً. (إقراً مدونة مؤرخة استرالية حول استخدام صورة السكان الأصليين في محاضرة لموكس). فإذا أراد المعلمون أن يقدموا محتوى، سواء بصورة شخصية، أو عبر الإنترنت، أو من خلال “موكس” ليكون ممثلاً حقيقياً للثقافات المتعددة، فإنهم بحاجة لضم أفراد من تلك الثقافات لتصميم التدريب. على أقل تقدير، يحتاج مصممو التدريب ضم أفراد على معرفة جيدة بهذه الثقافات.

تكمن الطريقة الأفضل بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى التنوع، في لفت انتباه المشاركين والطلب منهم إنشاء المحتوى الخاص بهم لدورة تستخدم محتواهم.

بالعودة إلى “موكس” العربية: فإن هناك ثلاثة أنواع مختلفة من الدورات التي سيتم تقديمها. (استخدم هنا تصنيفات مختلفة عن تلك المستخدمة من قبل إدراك. بإمكانكم مراجعة الملاحظة المنشورة أخر المقال).

سأبدأ بالموضوع الذي يثير اهتمامي بشكل كبير، وهو دورات يصممها عرب للعرب باللغة العربية. مما يعطي مساحة لصوت العالم العربي في عالم ” موكس”.

صحيح أنه يفترض بالتعليم العالي العربي أن يكون مجانياً إلا أن هذا ليس صحيح تماماً ( اقرأ مقال التعليم المجاني لم يعد مجاني ) لذلك يجب التنويه إلى أهمية وجود فرص تعليمية تناسب إمكانيات كل العرب (بما في ذلك بعض النساء اللواتي لايستطعن مغادرة المنزل).

تخطط إدراك أيضاً لتقديم بعض الدورات التي تقدمها “اد اكس” حالياً ولكن باللغة العربية. حيث سيتم مراجعتها وإعادة تحريرها لتناسب العالم العربي.

أما النقطة الأخيرة المثيرة للاهتمام، ولكنني لست متأكدة من كيفية تطبيقها فعلياً، فتتعلق بفرصة الحصول على مجموعة من الدورات التي تدرس في جامعات عالمية رائدة مثل هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

لم أهتم بنحو خاص بهذه النقطة على اعتبار أن “موكس” لم تقدم – بحسب ما أعرف- أي دورات تقارب حقاً ما يقدم في هارفارد أو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ( بأي لغة). إن تقديم مثل هذا النوع من الدورات وباستخدام علامات تجارية معروفة قد يدفع الناس للاعتقاد بأنهم سيحصلون حقاً لى شئ حقيقي من هذه المؤسسات العملاقة. لا أقصد بالتأكيد اتهام مزودي موكس بالغش. إلا أن مثل هذه الضجة قد تخدع الناس.

وعلى الرغم من أهمية قيام إدراك بتقديم دورات موكس باللغة الانكليزية من خلال مدرسين عرب، مما يضمن تقديم الصوت العربي بصورة أفضل إلا أن لدي بعض المخاوف التي تقلل من حماستي وهي:

• أتمنى أن تعمل منصة موكس العربية على عدم إعادة الامتياز للجامعات الغربية من الدرجة الأولى، من خلال تقديم دورات فقط لأساتذة عرب من الدرجة الأولى في الجامعات العربية أو حتى الغربية أيضاً. قد يحدث هذا في البداية، ولكنني أمل أن لا يتوقف الأمرعند هذا. مرة أخرى، إن تقديم دورات موكس باسم أي من الجامعات المرموقة لا يماثل إطلاقاً الدراسة الفعلية في هذه الجامعات.

• اللغة العربية لغة معقدة جداً ذلك أن الشكل الكتابي (اللغة العربية الفصحى الحديثة) يختلف تماما عن الشكل المنطوق (العامي)، والذي بدوره يختلف كثيرا بين البلدان العربية بل وفي بعض الأحيان ضمن المناطق المختلفة داخل البلد الواحد. فاللهجات العامية غالباً ما تكون غير مفهومة للعرب البعيدين عن المنطقة. مما يعني إمكانية “هيمنة ” اللهجات المصرية أو اللبنانية الشائعة في الإعلام. من جهة أخرى، فإن استخدام اللغة العربية الفصحى الحديثة قد يتسبب في خلق حواجز، ففي مصرلا يتقن الكثيرون اللغة العربية الفصحى. كما أن اللغة العربية الفصحى بعيدة عن مخيلة عدد كبير من المتعلمين، فتقديم درس في المحاسبة بلغة شكسبير –على سبيل المثال- قد يبدو صعباً للطلاب الأقل تعليماً.

• ماذا عن أسلوب connectivist في موكس؟ أولاً، دعوني أِشرح لكم المقصود بهذا المصطلح، والذي يقتضي أن محتوى التعلم يأتي من خلال تواصل المتعلمين مع بعضهم البعض عبر وسائل الإعلام الاجتماعي: تويتر، المدونات، الفيسبوك وجوجل بلس. بحيث يلعب المعلم دور الميسر أكثر من كونه مقدماً للمحتوى التعليمي بشكل مباشر. أتمنى أن تعتمد بعض الدورات هذا الأسلوب أو أسلوب مختلط، لا يستند فقط إلى محتوى معد سابقا وثابت، من القراءات المتعلقة ومقاطع الفيديو الموجودة على الانترنت أو محتوى تم إنشاءه وتنسيقه من قبل المشاركين أنفسهم. يتفاعل الشباب العربي بشكل جيد فعلياً مع وسائل التواصل الاجتماعي كما أظهرت الثورات في مصر وتونس. ربما لا يتمتع مدربو موكس بنفس القدرات، ولكنني أعتقد أن هذا لا يجب أن يوقف المشاركين عن تسخير وسائل الاعلام الاجتماعية للتعلم.

• إن التعليم المفتوح عبر الإنترنت هو أقل “انفتاحاً” مما نحب أن نعتقد. واختيار العرب للتعليم من خلال موكس لا يحل المشكلتين التاليتين: أولا، الحاجة إلى بنية تحتية مناسبة وتكنولوجيا داعمة، والتي قد تكون غائبة في بعض المناطق. بالنسبة لأولئك الذين لديهم ضعف في البنية التحتية، فإن مبادئ التصميم الشامل قد تساعد على ايجاد بدائل (مثل نص مكتوب لمضمون أشرطة فيديو تستغرق وقتا طويلاً جداً للتحميل). ثانيا، يحتاج المتعلمون لمهارات فنية للوصول إلى المواد التعليمية والتعلم عبر الإنترنت. فبالنسبة للكثير من المتعلمين، يرتبط محتوى الانترنت بالتصفح بلا هدف، التواصل الاجتماعي على الفيسبوك أو الألعاب.

• بعض النساء محظوظات، وبعضهن لا. إذ تستطيع بعض النساء في المنطقة القيام بالكثير من الأشياء بما في ذلك السفر إلى الخارج للتعلم. في حين تتمتع أخريات ببعض الامتيازات ولكن مسؤولياتهن تعيقهن، مثل رعاية أطفالهن. يمكن لهذه المجموعة الثانية الاستفادة بقوة من المرونة التي توفرها دورات موكس. ومع ذلك، لا يزال هناك عائق يتمثل في فرص الحصول على خدمة الانترنت (حتى ولو كان صاحب المنزل يمتلك حق الوصول للانترنت).

لا أعتقد أنني قد تمكنت تماماً من مناقشة كل الأفكار هنا. إلا أنني حاولت وضع بداية للتعريف بالفرص المتاحة من قبل موكس وانتقاد بعض من المخاطر المحتملة.

ملاحظة: جاءت بعض من الأفكار الواردة أعلاه نتيجة نقاشات مع مزودي إدراك وكذلك نقاشات على الفيسبوك مع مشاركين في دورة مفتوحة حول التعلم/ rhizomatic والمعروفة على تويتر بعلامة ” Rhizo14# “. قمت بتصنيف تصنيف دورات موكس بطريقة مغايرة للأسلوب الذي تعتمده إدراك. إذ تصنف إدراك الدورات وفق فئات ثلاث هي: موكس الجامعات باللغة العربية ( سواء كان المحتوى الأصلي مصمم من قبل الأساتذة العرب، أو تمت ترجمته وإعادة تحريره). موكس التدريب المهني باللغة العربية يقدم من قبل خبراء عرب ليسوا أكاديميين. وأخيراً، موكس باللغة الانجليزية مصمم ومقدم من قبل عرب لتقديم وجهة نظر عربية للعالم.

مها بالي: أستاذة مشاركة في مركز التعليم والتدريس في الجامعة الأميركية في القاهرة، وعضو هيئة تدريس مساعد في كلية الدراسات العليا في التربية والتعليم. حصلت بالي على درجة الدكتوراه في التربية من جامعة شيفيلد، المملكة المتحدة. يمكنكم متابعة مها على تويتر: bali_maha@ 

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى