أخبار وتقارير

البحث عن ضوابط جودة عالمية للجامعات

نُشرت هذه المقالة لأول مرة في  The Chronicle of Higher Education ويعاد نشرها هنا مترجمة بموجب اتفاق مع  الصحيفة.

واشنطن – مع انتقال المزيد من الطلاب عبر الحدود للدراسة في الخارج ومع اتساع النطاق الدولي للجامعات، تظهر تساؤلات حول مدى الحاجة الآن إلى وضع مجموعة موحدة من المعايير العالمية لضمان الجودة وإمكانية المقارنة بين الجامعات.

مؤخراً، ناقش أعضاء المجموعة الدولية لمراقبة الجودة التابعة لمجلس اعتماد التعليم العالي مدى الاحتياج لوجود عملية اعتماد دولية. ولكنهم اتفقوا أنه حتى مع إمكانية تطبيق هذا النظام، يجب الاعتراف بأن هذا العمل بالفعل تقوم به إلى حد كبير المؤسسات العالمية المسئولة عن تصنيف الجامعات.

وتساءل بيتر ج. ويلز، مستشار في التعليم العالي، الذي أدار جلسة التصنيف العالمي للجامعات في المؤتمر الذي عقد على مدى يوم كامل وحضره مسئولو اعتماد الجامعات ومجموعة من المتخصصين في  مجال التعليم العالي من مختلف أنحاء العالم، “إلى أي مدى أصبح تصنيف الجامعات نظامًا فعليًا لمراقبة الجودة؟”

يتشابه التصنيف العالمي للجامعات مع نظام المعايير الدولية لضمان الجودة في كثير من الأحوال، حيث يهدف النظامان إلى عقد مقارنة بين الجامعات ونظم التعليم العالي في جميع أنحاء العالم.

أما فيما يخص المعايير الدولية للتقييم، فيعتقد أنطوني ماكلاران، المسئول التنفيذي لهيئة بريطانيا لضمان جودة التعليم العالي، أنه مع زيادة عدد الطلاب الدارسين في الجامعات خارج بلادهم أو في أي فرع من فروع الجامعات الأجنبية، تزداد الحاجة إلى توفير معلومات عملية حول جودة التعليم الذي يتلقونه وكيف يمكنهم مقارنة الدرجات الأكاديمية التي يحصلون عليها بشهادات الاعتماد الصادرة عن المؤسسات الأخرى في بلدانهم وعلى مستوى العالم، يقول “هناك ضغط على مستوى الطلاب لاستحداث هذه المعايير.”

أكد ماكلاران على أهمية وجود هذه المعايير الدولية أيضًا بالنسبة للمؤسسات، لأنها تمكن الجامعات من وضع معايير لأدائها تعزز من المنافسة بينها وبين مثيلاتها على مستوى العالم. كما يدفع ذلك الجامعات لاتخاذ قرارات أكثر ذكاءً وحكمة، على سبيل المثال عند اختيار شركائها على المستوى الدولي. وبالنسبة للدول النامية، قد تكون هذه المعايير بمثابة خارطة طريق لتبني هذه الدول نظمها للتعليم العالي.

عدم توافق؟

ولكن يعتقد البعض الأخر أن نمو التعليم العالي وعولمته يتنافى مع وضع معيار جودة واحد على مستوى العالم، إذ تساءلت باتي ماكجيل بيترسون، المستشار الرئاسي للمبادرات العالمية في المجلس الأمريكي للتعليم “هل هناك تعارض بين الرغبة في وضع نموذج واحد للتميز مع وجود تنوع أكبر بين الطلاب والمؤسسات؟”

وأعربت أندريه سرسوك، المستشار الأعلى لهيئة الجامعات الأوروبية، عن قلقها. “لا أدري من الذي يملك الشرعية لوضع هذه المجموعة من المعايير الدولية، حيث يصعُب وضع معايير موحدة للجودة داخل مؤسسة أو دولة واحدة، وبالتالي فإنه من شبه المستحيل تطبيق هذه المعايير عبر مختلف البلاد مع احتفاظ كل جامعة باستقلاليتها، وهو الأمر الذي يمكن أن يراه مسئولو الجامعات والمؤسسات التعليمية تدخلاً في شؤونهم.”

وأضافت سرسوك أنه من الصعب وضع مجموعة واحدة من المعايير تناسب كل المؤسسات ونظم التعليم التي تختلف في جودتها ومراحل تطورها. فإذا تم وضع معايير متدنية ستكون بلا جدوى، في حين قد تضر المعايير عالية المستوى بالمؤسسات الناشئة.

في السياق ذاته، تعتقد ماريا خوزية لومايتر، المدير التنفيذي لمركز التطوير بين الجامعات في تشيلي أنه يمكن وضع معايير متوسطة. تتمتع السيدة لومايتر بخبرة في هذا المجال، حيث شاركت في مبادرة لوضع مجموعة من المعايير الموحدة لتقييم جودة التعليم العالي في ست دول في أمريكا الجنوبية. وقد احتاجت هذه المعايير إلى تطوير كبير بالنسبة للعديد من الدول. فعندما بدأت المجموعة عملها في عام 1998، لم تكن هناك أية هيئات للاعتماد في نصف هذه الدول.

تقول لومايتر إن من أهم عوامل نجاح هذه المبادرات التي تستهدف مجموعة من الدول هو عدم تركيز المسئولين على وضع معايير واسعة النطاق. ولكن عليهم البدء بوضع خبراء في مختلف التخصصات للاتفاق على بعض النقاط الأساسية في مجالات محددة مثل الهندسة، والزراعة، والطب. “فعلى سبيل المثال، نحن جميعًا نتفق على ما يجب أن يتعلمه أي طبيب. فهذا أمر معروف.”

واتفقت مجموعة العمل في اجتماعها الأول على عدم السعي لخلق هيئة اعتماد بين الدول، ولكنها ستعمل من خلال هيئات ضمان الجودة المحلية لتحقيق هذه المعايير المشتركة.

لا تزال لومايتر متشككة في إمكانية نجاح أية مبادرة لاستحداث مجموعة واحدة من المعايير تُطبق على المستوى العالمي. ولكنها تفضل العمل في مناطق جغرافية أصغر، حيث يجمع المشاركين خلفية تعليمية مشتركة وروابط أعمق على المستويين الثقافي والاقتصادي.

بسيط ومثير:

ولكن هل تعتبر هذه المناقشة أكاديمية؟ فعلى كل حال، في العقد الأخير بعد ظهور أول تصنيف عالمي للجامعات، اعتمد الكثير من الطلاب وأسرهم والحكومات المحلية والجامعات على هذه التصنيفات باعتبارها معيارًا للجودة.

وأكدت إلين حاذلكورن، مدير الأبحاث والمشروعات في معهد دبلن للتكنولوجيا، أنه بصفة عامة لا يضع المعلمون معايير الجودة في التصنيف العالمي. (فقد بدأت جامعة جياو تونغ في شنغهاي في الصين التصنيف الأكاديمي للجامعات العالمية)، تقول حاذلكورن، خبيرة ومدوِنة في The Chronicle  فقدت الأكاديمية القدرة على تحديد معنى الجودة.”

يقول جميل سلمي، الخبير في التعليم العالمي والذي عمل سابقًا مع البنك الدولي “يعتبر مقدمو الاعتماد مسئولين عن ذلك إلى حد ما. فالاعتماد يعد بمثابة عالمًا مغلقًا، لا يفهمه الطلاب ولا الحكومات ولا حتى أصحاب الشأن أنفسهم. أما التصنيف فهو أبسط وأكثر إثارة، ففي النهاية هو مجرد رقم.”

بالطبع إذا كان الهدف هو وضع مقياس واحد للجودة، فيجب ألا ننسى وجود تصنيفات عالمية عديدة للتعليم العالي، بما فيها ثلاثة تصنيفات كبرى للجامعات البحثية وما دونها، بالإضافة إلى غيرها من التصنيفات الأكثر تخصصًا. (قال السيد ويلز، مقرر جلسة التصنيفات مداعبًا الحضور “إذا كنت تبحث عن تصنيف لجامعة أوروبية نباتية مثلاً، فستجد واحدًا”).

وأضاف السلمي أنه لا مجال لاستبدال التصنيف بمعايير ضمان الجودة؛ حيث يهدف التصنيف إلى تحديد مستوى الجامعات مقارنة بمثيلاتها، ولكنه لا يهتم بتحسين أوضاعها. وقد اكتسب التصنيف شعبية في غياب معايير موحدة للاعتماد على المستوى العالمي. واختتم حديثه قائلاً “يحب أن نعترف أن السبب وراء ظهور التصنيف هو الحاجة لوجود المزيد من المعلومات والشفافية التي لا توفرها عملية الاعتماد.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى