نصائح ومصادر

فرنسا وألمانيا تتصدران قائمة الدول الأوروبية الأكثر جذبًا للطلاب العرب

تعتبر الدول الأوروبية بصفة عامة الأقل جذبًا للطلاب على مستوى العالم باستثناء بعض الدول التي تتنافس في هذا المجال. إذ تشتهر الدول الناطقة باللغة الإنجليزية بأنها الأكثر جذبًا للطلاب على مستوى العالم، ولكن هناك أيضًا دولتين أوربيتين تجذبان الطلاب العرب، وهما ألمانيا، وفرنسا التي تحتل الصدارة في هذا الشأن.

فعلى الرغم من المنافسة القوية مع جامعات الولايات المتحدة الأمريكية المرموقة والترويج الكبير للجامعات في المملكة المتحدة وأستراليا، فإن فرنسا نجحت في جذب 28 في المئة من الطلاب العرب، حسب ما جاء في تقرير منظمة اليونسكو في عام 2012 (قد تكون الأرقام الواردة من اليونسكو غير دقيقة، إلا أن هناك مصادر أخرى تؤكد ذلك). ويشير نفس التقرير إلى أن الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية تستحوذ على 13 في المئة من الطلاب العرب، بينما يصل نصيب المملكة المتحدة إلى 10 في المئة فقط.

تحاول الجامعات الأوروبية جذب المزيد من الطلاب من خلال تقديم دورات اللغة الإنجليزية، والاهتمام بالتسويق، وتقديم برامج بأسعار مناسبة لهؤلاء الطلاب. وحتى الآن، يبدو أن فرنسا هي الدولة الوحيدة التي نجحت في ذلك، وتليها ألمانيا، التي نجحت بدورها في جذب 4.5 في المئة من الطلاب العرب. حيث تعتبر فرنسا الوجهة المفضلة لطلاب الدول الناطقة بالفرنسية مثل دول المغرب، ولكنها أيضًا تحاول تقديم البرامج التي تناسب الدول الناطقة باللغة الإنجليزية في العالم العربي.

 تيارات متغيرة

لا تزال دول المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وأستراليا الناطقة باللغة الإنجليزية في مقدمة الدول الجاذبة للطلاب على مستوى العالم؛ حيث تصل نسبة الطلاب الأجانب فيها إلى 41 في المئة من إجمالي الطلاب الدوليين، حسب ما جاء في تقرير لمنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي في عام 2012.

ولكن مع زيادة الاتجاه إلى التعليم العالي الدولي، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى جذب المزيد من الطلاب الأجانب؛ تقول أنطونت تشارون ووترز، مديرة العلاقات الدولية في جامعة لوزان في سويسرا “سعت دول الاتحاد الأوروبي بصفة عامة إلى التوسع في حركة الطلاب داخليًا ويبدو أن هذا الاتجاه يزداد حاليًا على المستوى الدولي”. في الكثير من الدول الأوروبية، تتحكم السياسة والثقافة المحلية في مدى جاذبية التعليم الجامعي للطلاب على مستوى العالم. ولكن حاليًا، تتوسع الدول الأوروبية في برامجها وتقدمها بمختلف اللغات لجذب المزيد من الطلاب. فبينما تركز جامعات الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة على برامج التسويق التقليدية، تسعى الدول الأوروبية إلى تعزيز سمعتها وجودة برامجها وإتاحتها لتحتل الصدارة في سوق التعليم الجامعي الدولي.

وأضافت تشارون ووترز “تسعى الكثير من الجامعات الأوروبية إلى جذب الطلاب المتفوقين. لكن على الرغم من جودة برامجها التعليمية إلا أن هذه الجامعات لا تهتم كثيرًا بالتسويق.”

تعزز ألمانيا وسويسرا وغيرها من الدول الأوروبية من دوراتها لتعليم اللغة الإنجليزية. فكما جاء عن برنامج ألمانيا المستقل للتبادل الأكاديمي، هناك أكثر من 1000 دورة لتعليم اللغة الإنجليزية في مؤسسات التعليم العالي في ألمانيا. ففي جميع أنحاء أوروبا، وصل عدد برامج الماجستير إلى 6407 اعتبارًا من حزيران/ يونيو 2013، أي بزيادة 38 في المئة عن عام 2011، حسب ما ورد في موقع studyportals.eu. وأضافت تشارون ووترز “وعلى الرغم من كل ذلك، تركز أغلبية دورات اللغة الإنجليزية على الخريجين.”

دراسة حالة فرنسا من الناحية العملية:

تعتبر كل من دول مصر ولبنان والمغرب والجزائر وتونس أكثر خمس دول على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تهتم بإرسال طلابها للدراسة في فرنسا.

وترجع شعبية فرنسا لدى الطلاب العرب إلى عدة عوامل، ألا وهي وجود روابط تاريخية ووحدة اللغة وسهولة اللوجستيات. لا تجمع فرنسا روابط استعمارية مع الدول العربية، مثل المغرب، والجزائر، وتونس فحسب، ولكنها أيضًا تحظى بتأثير قوي من خلال المنظمة الدولية للفرانكفونية؛ حيث تهدف المنظمة إلى ربط الدول الناطقة باللغة الفرنسية أو التي يجيد معظم سكانها هذه اللغة.

يبحث طلاب المغرب العربي غالبًا عن أكثر الدول التي تعدهم بمستقبل أفضل قربًا من أوطانهم. وحول تجربته الشخصية باعتباره حديث التخرج من كلية الدراسات التجارية العليا في شمال نيس، يقول وسيل الهبيل، مصرفي مغربي الجنسية “لقد درس كل المسئولين التنفيذيين والوزراء وكبار المسئولين في المغرب في فرنسا.” وحسب المسح الذي أجرته كامباس فرنسا Campus France لتعزيز التعليم العالي الفرنسي، يفضل 84 في المئة من طلاب المغرب العربي الدراسة في فرنسا.

ويقول المسح إن أغلب الطلاب من المغرب العربي يختارون الدراسة في فرنسا بسبب إجادتهم للغة الفرنسية. يقول الهبيل “كانت كندا هي اختياري الأول، ولكن أسرتي اعترضت على هذا الاختيار بسبب بعد المسافة. تجمع فرنسا والمغرب روابط قوية. كما أن دراستي في مدرسة ثانوية فرنسية أهلتني للدراسة في جامعة فرنسية.”

من ناحية أخرى، اختار بعض الطلاب الدراسة في فرنسا لاعتقادهم أنها تقدم درجات أكاديمية أفضل؛ تقول زهرة علي، طالبة عراقية في برنامج الدكتوراه في كلية الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية في باريس “تتفوق فرنسا كثيرًا في المجال النظري.” وتعتبر زهرة علي، والتي أجرت جزءًا من أبحاثها في المملكة المتحدة، من بين 28 في المئة من الطلاب الوافدين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والذين يؤمنون بجودة الدرجات الأكاديمية الفرنسية وتميز مؤسسات التعليم العالي في فرنسا، حسب ما جاء عن كامباس فرنسا Campus France. وكانت الشكوى الوحيدة لزهرة خلال دراستها في فرنسا هي العنصرية التي واجهتها هناك.

ألمانيا: أحدث الدول المنضمة لقائمة الدول الأكثر جذبًا للطلاب

وافقت ألمانيا على زيادة عدد الطلاب الأجانب في جامعاتها إلى 350000 طالب بحلول عام 2020: حيث يبلغ عدد الطلاب الأجانب فيها حاليًا 265000 طالب، كما جاء في تقرير برنامج ألمانيا المستقل للتبادل الأكاديمي. تجذب ألمانيا- والتي تتساوى مع فرنسا في نسبة الطلاب الدارسين في جامعاتها والتي تبلغ 6 في المئة من الطلاب الأجانب حول العالم- حوالي 4.5 في المئة من الطلاب العرب الدارسين في الجامعات الدولية، حسب تقارير اليونسكو، مما يجعلها ثاني دولة جذبًا للطلاب من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

يقول ألكسندر هاريدي، من برنامج ألمانيا المستقل للتبادل الأكاديمي إن “هناك قلق من البعض حول قدرة هذه الجامعات المالية على استيعاب هذا العدد من الطلاب الأجانب”. وتعتبر كل من مصر وتونس والمغرب هي أكثر الدول التي تهتم بإرسال طلابها للتعلم في ألمانيا؛ حيث يصل عددهم إلى 7200 طالب.

تسعى الدول الغربية الأخرى إلى جذب الطلاب الدوليين. فبينما تتمتع بعض الدول بآليات تسويقية كبرى لجامعاتها، تعتقد تشارون ووترز من جامعة لوزان أن الدول الأخرى قد لا تهتم بالترويج لبرامجها؛ تقول “تتمتع سويسرا بمجموعة من أفضل الجامعات ولكن الطلاب لا يعرفون الكثير عن هذه الجامعات، بل في الكثير من الأحيان يذهب هؤلاء الطلاب لجامعات إنجليزية أقل جودة.”

تتميز الدول الأوروبية الأكثر جذبًا للطلاب بسهولة الانتقال إليها من الناحية اللوجستية، سواءً من حيث سهولة الحصول على تأشيرة أو لأنها ناطقة بإحدى اللغات التي يجيدها الطلاب العرب، أو لأنها تجيد التسويق لبرامجها. أما الجامعات الأخرى فقد تكون أكثر تنافسية من الناحية المالية؛ حيث تقدم منحًا أو تتطلب مصروفات سنوية أقل. ولكن تبقى الدول الأوروبية التي لا تتمتع بالمزايا السابقة في آخر قائمة الدولة الجاذبة للطلاب.

يعد هذا المقال واحدًا من سلسلة مقالات بعنوان “نظرة على الطلاب العرب في الجامعات على مستوى العالم. يمكنكك قراءة مقال آخر وثيق الصلة بعنوان “أمريكا الشمالية تصبح الوجهة الأكثر شعبية للطلاب العرب“.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى