أخبار وتقارير

الجامعات اليمنية الخاصة تثير الجدل

صنعاء- شهدت الجامعات الخاصة في اليمن نمواً هائلاً خلال العشرين سنة الماضية، ليبلغ عددها ثلاثة أضعاف عدد الجامعات الحكومية. إلا أن هذا النمو السريع يثير حفيظة الكثيرين. إذ يقول مؤيدو تلك الجامعات إنها تملأ فجوات هامة في قطاع التعليم، بينما يقول منتقدوها إنها خلقت مشكلات أكثر بكثير من تلك التي حلتها. عموماً، يتكرر الجدل حول دور مثل هذه المؤسسات الخاصة في أماكن عدة في العالم العربي.

تأسست أول جامعة خاصة في اليمن عام 1994. ومنذ ذلك الحين تتعرض هذه المؤسسات لانتقادات لا تنتهي واتهامات بكونها مؤسسات تهتم بالربح المادي على حساب تطوير التعليم في البلاد. بالطبع، يرفض مسؤولو الجامعات هذه الاتهامات.

يقول حميد عقلان، رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا الخاصة في صنعاء، “لا يمكن الاستغناء عن الجامعات الخاصة اليوم”. مضيفاً في حديثه للفنار للإعلام أن ” الجامعات الخاصة خففت العبء عن الدولة، التي تواجه صعوبات في استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب”.

وبحسب عقلان، تمتلك الجامعات الخاصة ميزانيات أفضل للعلوم والأبحاث. يقول ” إن أول كلية لطب الأسنان في اليمن كانت في جامعتنا الخاصة”، مضيفاً ” لدينا أكبر مشفى في البلاد ومختبرنا الصيدلي متطور جداً”. على العكس من الجامعات الحكومية، والتي على حد قوله، تعاني من ضعف في الموارد المالية والتقنية.

يتفق أحمد بشر، رئيس جامعة المستقبل الخاصة، مع ما يقوله عقلان حول الدور الهام للجامعات الخاصة. يقول بشر” تستوعب جامعاتنا أعداداً هائلة من الطلاب في مبان حديثة وقاعات مجهزة”، مضيفاً أن الجامعات تقدم تخصصات تلبي احتياجات سوق العمل مثل علوم الكمبيوتر،اللغات وعلوم المصارف.

وبحسب عقلان وبشر، فإن سياسة الحكومة شجعت على تأسيس جامعات خاصة بهدف جذب استثمارات القطاع الخاص للتعليم العالي، وتعزيز الجودة وتلبية احتياجات التعليم العالي. حالياً، تعمل 42 جامعة خاصة في اليمن.

ولكن وبحسب مؤشرات الجهاز المركزي للإحصاء فإن عدد الطلاب الملتحقين بالجامعات الحكومية بلغ 320.000 ألف طالب وطالبة لعام 2012، بينما لم يتجاوز 45.000 ألف طالب وطالبة في الجامعات الخاصة.

تقول ذكرى مطهر، مدير عام البحث العلمي في وزارة التعليم العالي، “الأرقام تتكلم، الطلاب مازالوا يفضلون الجامعات الحكومية لكونها أكثر موثوقية”.

جامعة العلوم والتكنولوجيا الخاصة- تصوير فيصل دارم

خضعت ابتسام عبد العزيز، طالبة  في كلية الأدب الانجليزي في جامعة صنعاء، لامتحان الثانوية العامة مرتين فقط  بهدف الالتحاق بجامعة حكومية. تقول ” كان بإمكاني الالتحاق بجامعة خاصة، ولكنني فضلت إعادة الامتحان للالتحاق بجامعة صنعاء الحكومية العريقة”.

ومع ذلك، تتمتع الجامعات الخاصة في البلد الذي يشهد اضطرابات سياسية منذ أكثر من ثلاثة أعوام باستقرار أكبر من مثيلاتها الحكومية.

يقول عقلان ” نحن بعيدون عن أي اضطرابات مما يحافظ على استمرار العملية التعليمية من دون أي انقطاعات خلال العام الدراسي”، في إشارة منه إلى الفوضى التي شهداتها الجامعات الحكومية بسبب تظاهرات الطلاب.

وتسبب استمرار التدهور الاقتصادي والأمني في البلاد خلال العام الماضي في تعطيل التعليم في البلاد، بحيث ارتفعت معدلات البطالة إلى 40 في المئة، بينما وصلت معدلاتها بين أوساط الشباب إلى 60 في المئة.

ومع ذلك، يقول منتقدو الجامعات الخاصة إنها لا تساهم في تطوير اليمن، أفقر بلدان العالم العربي. فبالنسبة إليهم، فشلت الجامعات الخاصة رغم عائداتها الجيدة في توظيف كادر تدريسي مؤهل بدوام كامل أو في دعم البحوث. تقول مطهر” يركز معظمهم على التخصصات الإنسانية، لكونها أقل تكلفة. وأضافت ” تقدم جامعة خاصة واحدة فقط تخصصات علمية برسوم مرتفعة جداً بالنسبة للطلاب”.

ويعتقد النقاد أن تعليم الشباب في البلاد لن يتطور بوجود عدد أكبر من الجامعات الخاصة. يقول عدنان السقاف، أستاذ سابق في جامعة حكومية، “غالباً ما تقبل الجامعات الخاصة الطلاب الذين لم تؤهلهم درجاتهم النهائية في الثانوية من الالتحاق بكليات حكومية”.

وعلى الرغم من أنه يتوجب وجود 10 في المئة من أعضاء هيئة التدريس المثبتين في الجامعات الخاصة، بحسب ما تقول مطهر، إلا أن “معظم الجامعات الخاصة مازالت تعتمد حتى الآن على أساتذة الجامعات الحكومية”. كما أنه لايوجد اختلافات كبيرة بين المناهج، ” لم تحقق هذه الجامعات الأهداف التي أسست من أجلها، إنها تعمل بهدف الربح فقط”.

إلا أن البعض مازال يدعم الجامعات الخاصة. يقول عبداللطيف حيدر الحكيمي، رئيس مجلس الاعتماد وضمان الجودة ” يمكن للجامعات الخاصة أن تلعب دوراً هاماً في سد الفجوة بين العرض والطلب على التعليم الجيد”،  وأضاف أن الجامعات الخاصة لديها المزيد من المرونة والموارد لتصميم برامج مبتكرة تحد من البطالة.

وبحسب الحكيمي، فإن المشكلة الأساسية تكمن في نقص إمكانات الوزارة للإشراف والمتابعة. يقول ” لم تمتلك الوزارة القدرات اللازمة لمراقبة عمل الجامعات الخاصة ومدى التزامهم بمعايير الجودة وشروط التراخيص”.

يأمل الحكيمي بتحقيق إصلاحات حقيقية في قطاع التعليم هذا العام من خلال استثمارات أكبر في قطاع التعليم. يقول” يجب أن يتحول قطاع التعليم إلى مصدر للدخل الوطني بما يحقق تنمية شاملة للبلاد”. فوجود جامعات جيدة، على حد قوله، سيحفز الطلاب اليمنيين على البقاء والدراسة في جامعات بلدهم كما أنه سيجتذب طلاب المنطقة للدراسة في اليمن

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى